فتحت "أوراق بنما" مجدداً النقاش حول الدور الذي تلعبه مراكز "الأوفشور" أو الملاذات الضريبية في التجارة العالمية، وعما إذا كانت هذه الجنات الضريبية مفيدةً أو مضرة للاقتصاد العالمي. هذا على الصعيد الرسمي المتمثل في الحكومات والمؤسسات القانونية.
أما على الصعيد الشعبي فقد فتحت "أوراق بنما" عيون العالم على الأسماء التي تقف خلف الاستثمارات الضخمة والعقارات في مدن المال العالمية، وكيفية تهرب الأثرياء من دفع الضرائب والتخفي وراء شركات وهمية أو شركات واجهة. وهو ما أثار غضب المواطنيين العاديين الذين يعملون الساعات الطوال وتذهب معظم دخولهم للضرائب، فيما لا يدفع الأثرياء ضرائب عبر إخفاء ثرواتهم في هذه الجنان الضريبية. وبالتالي فإن تداعيات " أوراق بنما" ربما تحدث انقلاباً في أساليب الشفافية وضبط التدقيق الحسابي والضريبي وتبادل المعلومات المالية بين دول منظومة التنمية والتعاون الاقتصادي.
وحتى الآن أدت فضيحة تسريبات بنما إلى استقالة رئيس الوزراء الآيسلندي، وكادت أن تهز حكومة المحافظين في بريطانيا، في أعقاب الجدل الذي أثير حول استثمارات رئيس الوزراء، ديفيد كاميرون، وعائلته في جزيرة بنما. ورغم أن البيانات التي نشرها رئيس الوزراء البريطاني عن سجله المالي والضريبي تظهر بوضوح أنه لم يرتكب مخالفة قانونية، وأن وضعه المالي والضريبي سليم تماماً، إلا أن المواطن البريطاني غاضب من حكومة المحافظين التي تساهلت مع الأثرياء ومنحتهم الثغرات التي تتيح لهم التهرب من الضرائب. وبالتالي فإن تداعياتها ستؤثر على مستقبل فوز حزب المحافظين بدورة ثالثة في الحكم.
وفي أميركا، جاءت الفضيحة المالية في وقت تسعى فيه إدارة الرئيس باراك أوباما إلى الحد من نزيف دخل الخزينة الأميركية، بسبب إخفاء الشركات أرباحها في مراكز الأوفشور. ويلاحظ أن معظم الشركات الأميركية تسجل فروعا في مناطق أوفشور، أو تتحايل بتحويل مقارها عبر عمليات دمج وحيازة في الدول ذات المعدل الضريبي المنخفض، وبالتالي تتخلص من دفع ضرائب كبرى في أميركا. وربما تساهم فضيحة التسريبات في دعم موقف إدارة الرئيس أوباما الداعي إلى تشديد الخناق على الشركات وسد منافذ التهرب من دفع الضرائب، عبر إجازة التشريعات الجديدة المقترحة بهذا الشأن.
اقــرأ أيضاً
ويرى الخبير الاقتصادي إدوارد آلدن، الزميل في مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، أن الخزينة الأميركية تفقد سنوياً ضرائب على أرباح تقدر بحوالى تريليوني دولار تحققها الشركات الأميركية وتخفيها في مراكز الأوفشور أو عبر نقل مقارها من أميركا ضمن صفقات حيازة وهمية.
وتقدر حجم الموجودات الأميركية المسجلة في جزيرة برمودا وحدها بحوالي تريليون دولار، وهذه الأموال مودعة وتستثمر في سوق "وول ستريت"، ولكن لا تستطيع الحكومة فرض ضرائب عليها، لأنها من الناحية القانونية تعتبر شركات غير أميركية.
وفي دول الاتحاد الأوروبي يدور صراع بين الدول التي تستفيد من مراكز الأوفشور وبين تلك التي لا تستفيد، خاصة المراكز المالية الرئيسية في أوروبا، وتحديداً بين حي المال البريطاني ومراكز المال في فرانكفورت وباريس.
وترى دول الاتحاد الأوروبي ضرورة وضع العديد من مراكز الأوفشور التابعة للتاج البريطاني في القائمة السوداء أو إجبارها على الإغلاق، فيما تعارض السلطات البريطانية ذلك، وترى فيه إجحافا بحق المستثمرين والتجارة الدولية التي تستفيد من هذه المراكز.
وفي الواقع، وحسب خبراء ماليين، فإن حي المال البريطاني يستفيد بدرجة كبيرة من تدفقات أموال مراكز الأوفشور على الأسهم والسندات والعقارات البريطانية. وأكبر مثال على ذلك، جزيرة جيرسي الصغيرة القريبة من إنجلترا والتابعة للسيادة البريطانية التي تحتوي مصارفها على موجودات تقدر بحوالى 1.2 تريليون دولار، وهذه الأموال تدخل يومياً في عمليات تجارية واستثمارية بحي المال البريطاني.
وبالتالي يرى خبراء في لندن أن إغلاق مراكز الأوفشور سيكون مضراً بالنسبة لحي المال البريطاني وسوق العقارات الفاخرة في لندن. وحسب مصادر بريطانية، فإن اجتماع بعد غد الأربعاء الذي سيعقد في باريس وسيحضره مسؤولو المال ورجال الضرائب في أكثر من 30 دولة، سيكون اجتماعاً ساخناً، وربما يتسم بمواجهات عنيفة بين أنصار بقاء مراكز الأوفشور وبين المطالبين بإلغائها أو حظرها.
وحسب هؤلاء "هنالك مصالح ضخمة وشرعية ومنافع حقيقية تحصلها الدول من مراكز الأوفشور، ولكن هنالك عمليات استغلال لهذه المراكز من قبل الساسة الفاسدين في دول العالم الثالث والثروات المتهربة من دفع الضرائب وتجار المخدرات والجريمة المنظمة وحتى تمويل عمليات الإرهاب". وبالتالي يقول العديد من خبراء المال أن المشكلة ليست في مراكز الأفشور ، بقدر ماهي في الثغرات التي تتيحها الحكومات للأثرياء للتهرب من الضرائب أو لعصابات الجريمة المنظمة والمخدرات والإرهاب لغسل أموالها القذرة في هذه الجنان الضريبية.
ورغم الانتقادات لمراكز الأوفشور وشركات المحاماة والحسابات في العالم الغربي، فإن ما تفعله هذه المراكز أوشركات توظيف الأموال والمحاماةشرعي تماماً.
ويرى أصحاب الثروات وشركات توظيف الأموال أن مراكز الأوفشور، سواء في جزر الكاريبي أو بنما أو جزيرة جيرسي القريبة من إنجلترا، تلعب دوراً حيوياً ومهماً في التجارة العالمية والاستثمار، حيث أنها تساعد أصحاب الثروات الضخمة من تحريك أموالهم بيسر وسهولة وسرعة دون التعرض للمساءلات والتعقيدات القانونية الموجودة في الدول. كما أنها تضمن لهم إجراء صفقات كبرى بدون أن تكشف هوياتهم.
اقــرأ أيضاً
وهذا في عالم المال مطلوب لأن التجار الكبار لا يرغبون في أن تكشف تحركاتهم المالية، وغالباً ما تكون إجراءات تسجيل شركات الواجهة في مراكز الأفشور او الجنان الضريبية سهلة وبسيطة ولا تتطلب سوى دفع رسوم فقط. ولا تخضع سلطات مراكز الأفشور هذه الشركات لأي ضوابط في تحريك الأموال أو استثمارها.
ومن الناحية القانونية البحتة كل ما يتطلبه تسجيل شركة في معظم مقار الأوفشور عنوان بريدي ودفع رسوم واسم الشركة، لا غير. وبالتالي يصعب على الحكومات تعقبها أو معرفة من يقف خلفها، وحتى سلطات الضرائب والمحققين الماليين لا يستطيعون معرفة من يقف خلف شركات الأوفشور.
من هذا المنطلق، وحسب متابعين لأنشطة الملاذات الضريبية، أصبح الكشف عن "أوراق بنما" مهماً، لأنه كشف الكثير عن هوية أصحاب الثروات المدارة في عدد من مناطق الأوفشور. وفي الواقع فإن شركات الواجهة تضع أموالها بشكل عادي في مصارف بنيويورك أو لندن أو هونغ كونغ، ولكن سلطات هذه الدول كل ما تعلمه هو اسم الشركة ومقرها وليس أكثر.
وربما تكون هذه الأموال بريطانية مثلاً وخاضعة للضرائب، ولكنها من الناحية القانونية مملوكة لشركة غير بريطانية، وأنها أموال خارجية مستثمرة، وبالتالي لا تخضع للقانون البريطاني.
من هذا المنطلق، وحسب مصادر بريطانية، يمكن القول إن العيب ليس في مراكز الأوفشور، ولكن في قوانين الدول الغنية التي تسمح بثغرات ينفذ من خلالها من يخل بالقانون، سواء كان تاجر مخدرات يغسل أمواله القذرة في مراكز الأوفشور، أو ثريا متهربا من دفع الضرائب، أو سياسيا فاسدا مرتشيا يبيع أموال الدولة ونفوذه من أجل المال.
وحسب منظمة التجارة العالمية "أونكتاد"، فإن 30% من الاستثمارات بين الدول التي تجريها الشركات العالمية مصدر تمويلها من مراكز الأوفشور.
ويقول خبير إدارة الثروات في شركة ستيفن هاروود بلندن، جيمس غوارمبي، في تصريحات لصحيفة فايننشال تايمز إن "ردود الفعل الغاضبة تجاه ما كشفته أوراق بنما مبالغ فيه، ولا يعني الكشف عن أفراا يستخدمون مراكز الأوفشور للتهرب من الضرائب أو غسيل الأموال أن كل حسابات الأوفشور تستخدم في أنشطة غير شرعية أو أنها أموال مجنية من طرق غير قانونية". ويرى غوارمبي أن وجود هذه المراكز مهمّ للتجارة الدولية.
ويوافقه في الرأي نايجل غرين، الرئيس التنفيذي الذي يدير شركة استشارات مالية في لندن، حيث يرى أن مراكز الأوفشور تلعب دوراً حيوياً في الاقتصاد العالمي. وهذا على الجانب الإيجابي لهذه المراكز وحساباتها.
أما على الصعيد الدور السلبي الذي تلعبه مراكز الأوفشور، فترى بعض المنظمات الخيرية أن مراكز الأفشور يسرت الفساد على ساسة العالم الثالث وسهلت إخفاء أموال الجرائم والمخدرات والرشى.
وترى بعض المنظمات أن من معظم موجودات مراكز الأفشور المقدرة بحوالي 20 تريليون دولار، هي أموال مجنية من مصادر غير قانونية وغير أخلاقية. ومن بين الأمثلة على أضرار مراكز الأوفشور بالنسبة لدول العالم الثالث، أن كثيرا من الساسة الفاسدين الذين سقطوا في الآونة الأخيرة وجدت لديهم موجودات ضخمة مخفية في مراكز الأفشور.
ومن بين الأمثلة على الاستخدامات المضرة لمراكز الأوفشور، قضية المليارات التي سرقت من الاستثمارات الكويتية في الخارج، والتي كانت تدار من لندن.
اقــرأ أيضاً
أما على الصعيد الشعبي فقد فتحت "أوراق بنما" عيون العالم على الأسماء التي تقف خلف الاستثمارات الضخمة والعقارات في مدن المال العالمية، وكيفية تهرب الأثرياء من دفع الضرائب والتخفي وراء شركات وهمية أو شركات واجهة. وهو ما أثار غضب المواطنيين العاديين الذين يعملون الساعات الطوال وتذهب معظم دخولهم للضرائب، فيما لا يدفع الأثرياء ضرائب عبر إخفاء ثرواتهم في هذه الجنان الضريبية. وبالتالي فإن تداعيات " أوراق بنما" ربما تحدث انقلاباً في أساليب الشفافية وضبط التدقيق الحسابي والضريبي وتبادل المعلومات المالية بين دول منظومة التنمية والتعاون الاقتصادي.
وحتى الآن أدت فضيحة تسريبات بنما إلى استقالة رئيس الوزراء الآيسلندي، وكادت أن تهز حكومة المحافظين في بريطانيا، في أعقاب الجدل الذي أثير حول استثمارات رئيس الوزراء، ديفيد كاميرون، وعائلته في جزيرة بنما. ورغم أن البيانات التي نشرها رئيس الوزراء البريطاني عن سجله المالي والضريبي تظهر بوضوح أنه لم يرتكب مخالفة قانونية، وأن وضعه المالي والضريبي سليم تماماً، إلا أن المواطن البريطاني غاضب من حكومة المحافظين التي تساهلت مع الأثرياء ومنحتهم الثغرات التي تتيح لهم التهرب من الضرائب. وبالتالي فإن تداعياتها ستؤثر على مستقبل فوز حزب المحافظين بدورة ثالثة في الحكم.
وفي أميركا، جاءت الفضيحة المالية في وقت تسعى فيه إدارة الرئيس باراك أوباما إلى الحد من نزيف دخل الخزينة الأميركية، بسبب إخفاء الشركات أرباحها في مراكز الأوفشور. ويلاحظ أن معظم الشركات الأميركية تسجل فروعا في مناطق أوفشور، أو تتحايل بتحويل مقارها عبر عمليات دمج وحيازة في الدول ذات المعدل الضريبي المنخفض، وبالتالي تتخلص من دفع ضرائب كبرى في أميركا. وربما تساهم فضيحة التسريبات في دعم موقف إدارة الرئيس أوباما الداعي إلى تشديد الخناق على الشركات وسد منافذ التهرب من دفع الضرائب، عبر إجازة التشريعات الجديدة المقترحة بهذا الشأن.
ويرى الخبير الاقتصادي إدوارد آلدن، الزميل في مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، أن الخزينة الأميركية تفقد سنوياً ضرائب على أرباح تقدر بحوالى تريليوني دولار تحققها الشركات الأميركية وتخفيها في مراكز الأوفشور أو عبر نقل مقارها من أميركا ضمن صفقات حيازة وهمية.
وتقدر حجم الموجودات الأميركية المسجلة في جزيرة برمودا وحدها بحوالي تريليون دولار، وهذه الأموال مودعة وتستثمر في سوق "وول ستريت"، ولكن لا تستطيع الحكومة فرض ضرائب عليها، لأنها من الناحية القانونية تعتبر شركات غير أميركية.
وفي دول الاتحاد الأوروبي يدور صراع بين الدول التي تستفيد من مراكز الأوفشور وبين تلك التي لا تستفيد، خاصة المراكز المالية الرئيسية في أوروبا، وتحديداً بين حي المال البريطاني ومراكز المال في فرانكفورت وباريس.
وترى دول الاتحاد الأوروبي ضرورة وضع العديد من مراكز الأوفشور التابعة للتاج البريطاني في القائمة السوداء أو إجبارها على الإغلاق، فيما تعارض السلطات البريطانية ذلك، وترى فيه إجحافا بحق المستثمرين والتجارة الدولية التي تستفيد من هذه المراكز.
وفي الواقع، وحسب خبراء ماليين، فإن حي المال البريطاني يستفيد بدرجة كبيرة من تدفقات أموال مراكز الأوفشور على الأسهم والسندات والعقارات البريطانية. وأكبر مثال على ذلك، جزيرة جيرسي الصغيرة القريبة من إنجلترا والتابعة للسيادة البريطانية التي تحتوي مصارفها على موجودات تقدر بحوالى 1.2 تريليون دولار، وهذه الأموال تدخل يومياً في عمليات تجارية واستثمارية بحي المال البريطاني.
وبالتالي يرى خبراء في لندن أن إغلاق مراكز الأوفشور سيكون مضراً بالنسبة لحي المال البريطاني وسوق العقارات الفاخرة في لندن. وحسب مصادر بريطانية، فإن اجتماع بعد غد الأربعاء الذي سيعقد في باريس وسيحضره مسؤولو المال ورجال الضرائب في أكثر من 30 دولة، سيكون اجتماعاً ساخناً، وربما يتسم بمواجهات عنيفة بين أنصار بقاء مراكز الأوفشور وبين المطالبين بإلغائها أو حظرها.
وحسب هؤلاء "هنالك مصالح ضخمة وشرعية ومنافع حقيقية تحصلها الدول من مراكز الأوفشور، ولكن هنالك عمليات استغلال لهذه المراكز من قبل الساسة الفاسدين في دول العالم الثالث والثروات المتهربة من دفع الضرائب وتجار المخدرات والجريمة المنظمة وحتى تمويل عمليات الإرهاب". وبالتالي يقول العديد من خبراء المال أن المشكلة ليست في مراكز الأفشور ، بقدر ماهي في الثغرات التي تتيحها الحكومات للأثرياء للتهرب من الضرائب أو لعصابات الجريمة المنظمة والمخدرات والإرهاب لغسل أموالها القذرة في هذه الجنان الضريبية.
ورغم الانتقادات لمراكز الأوفشور وشركات المحاماة والحسابات في العالم الغربي، فإن ما تفعله هذه المراكز أوشركات توظيف الأموال والمحاماةشرعي تماماً.
ويرى أصحاب الثروات وشركات توظيف الأموال أن مراكز الأوفشور، سواء في جزر الكاريبي أو بنما أو جزيرة جيرسي القريبة من إنجلترا، تلعب دوراً حيوياً ومهماً في التجارة العالمية والاستثمار، حيث أنها تساعد أصحاب الثروات الضخمة من تحريك أموالهم بيسر وسهولة وسرعة دون التعرض للمساءلات والتعقيدات القانونية الموجودة في الدول. كما أنها تضمن لهم إجراء صفقات كبرى بدون أن تكشف هوياتهم.
وهذا في عالم المال مطلوب لأن التجار الكبار لا يرغبون في أن تكشف تحركاتهم المالية، وغالباً ما تكون إجراءات تسجيل شركات الواجهة في مراكز الأفشور او الجنان الضريبية سهلة وبسيطة ولا تتطلب سوى دفع رسوم فقط. ولا تخضع سلطات مراكز الأفشور هذه الشركات لأي ضوابط في تحريك الأموال أو استثمارها.
ومن الناحية القانونية البحتة كل ما يتطلبه تسجيل شركة في معظم مقار الأوفشور عنوان بريدي ودفع رسوم واسم الشركة، لا غير. وبالتالي يصعب على الحكومات تعقبها أو معرفة من يقف خلفها، وحتى سلطات الضرائب والمحققين الماليين لا يستطيعون معرفة من يقف خلف شركات الأوفشور.
من هذا المنطلق، وحسب متابعين لأنشطة الملاذات الضريبية، أصبح الكشف عن "أوراق بنما" مهماً، لأنه كشف الكثير عن هوية أصحاب الثروات المدارة في عدد من مناطق الأوفشور. وفي الواقع فإن شركات الواجهة تضع أموالها بشكل عادي في مصارف بنيويورك أو لندن أو هونغ كونغ، ولكن سلطات هذه الدول كل ما تعلمه هو اسم الشركة ومقرها وليس أكثر.
وربما تكون هذه الأموال بريطانية مثلاً وخاضعة للضرائب، ولكنها من الناحية القانونية مملوكة لشركة غير بريطانية، وأنها أموال خارجية مستثمرة، وبالتالي لا تخضع للقانون البريطاني.
من هذا المنطلق، وحسب مصادر بريطانية، يمكن القول إن العيب ليس في مراكز الأوفشور، ولكن في قوانين الدول الغنية التي تسمح بثغرات ينفذ من خلالها من يخل بالقانون، سواء كان تاجر مخدرات يغسل أمواله القذرة في مراكز الأوفشور، أو ثريا متهربا من دفع الضرائب، أو سياسيا فاسدا مرتشيا يبيع أموال الدولة ونفوذه من أجل المال.
وحسب منظمة التجارة العالمية "أونكتاد"، فإن 30% من الاستثمارات بين الدول التي تجريها الشركات العالمية مصدر تمويلها من مراكز الأوفشور.
ويقول خبير إدارة الثروات في شركة ستيفن هاروود بلندن، جيمس غوارمبي، في تصريحات لصحيفة فايننشال تايمز إن "ردود الفعل الغاضبة تجاه ما كشفته أوراق بنما مبالغ فيه، ولا يعني الكشف عن أفراا يستخدمون مراكز الأوفشور للتهرب من الضرائب أو غسيل الأموال أن كل حسابات الأوفشور تستخدم في أنشطة غير شرعية أو أنها أموال مجنية من طرق غير قانونية". ويرى غوارمبي أن وجود هذه المراكز مهمّ للتجارة الدولية.
ويوافقه في الرأي نايجل غرين، الرئيس التنفيذي الذي يدير شركة استشارات مالية في لندن، حيث يرى أن مراكز الأوفشور تلعب دوراً حيوياً في الاقتصاد العالمي. وهذا على الجانب الإيجابي لهذه المراكز وحساباتها.
أما على الصعيد الدور السلبي الذي تلعبه مراكز الأوفشور، فترى بعض المنظمات الخيرية أن مراكز الأفشور يسرت الفساد على ساسة العالم الثالث وسهلت إخفاء أموال الجرائم والمخدرات والرشى.
وترى بعض المنظمات أن من معظم موجودات مراكز الأفشور المقدرة بحوالي 20 تريليون دولار، هي أموال مجنية من مصادر غير قانونية وغير أخلاقية. ومن بين الأمثلة على أضرار مراكز الأوفشور بالنسبة لدول العالم الثالث، أن كثيرا من الساسة الفاسدين الذين سقطوا في الآونة الأخيرة وجدت لديهم موجودات ضخمة مخفية في مراكز الأفشور.
ومن بين الأمثلة على الاستخدامات المضرة لمراكز الأوفشور، قضية المليارات التي سرقت من الاستثمارات الكويتية في الخارج، والتي كانت تدار من لندن.