لم يكن الجفاف وقلّة العناية والحرب في سورية، هي أسباب تدهور زراعة الزيتون فقط، إنما قتل نظام بشار الأسد لمزارعيه كان عاملاً أساسياً أثّر على هذا المحصول المهم الذي كان يدرّ دخلاً كبيراً على السوريين والاقتصاد الوطني، وهو ما لمّح إليه فائز حسن، من ريف إدلب، الحائز على جائزة أفضل مزارع زيتون قبل سنوات.
وبات الصراع المتواصل منذ 3 سنوات يحرق كل شيء في طريقه، بما فيه أغصان الزيتون التي ترمز إلى السلام، إلا أنها أصبحت دليلاً على مدى الخراب في البلاد.
وقال حسن، لـ"العربي الجديد": "صحيح أن لقلّة الهطول المطري في أبريل/ نيسان ومارس/ آذار، دوراً مهمّاً في عدم نمو "التربين" الذي يحمل الثمر، وأن الحر والجفاف "يبّسا" الشجر، لكن الأهم أن معظم المزارعين خارج حقولهم، فمنهم مَن قتل ومنهم مَن تهجّر، وكأن الشجر يشعر بغياب صاحبه ويحزن عليه، فتراجع إنتاجه خلال السنوات الثلاث الأخيرة".
وأضاف حسن: "لم يكن الموسم الأول الذي نعاني خلاله من نقص الأمطار، لكننا اعتدنا ري شجر الزيتون، وهو ما لم نعرفه في ريف إدلب قبل عقد من الزمن، قبل موجة الجفاف التي تزيد عاماً بعد عام.
ولكن الجديد هذا العام، هو هروب المزارعين وتعهّد أراضيهم للغير، ما أدى إلى الإهمال وتراجع الإنتاج ومرض الشجر إثر قلّة العناية".
وقال فائز حسن: "عادة، الزيتون لا يثمر بكثرة، بل نحن نعرف أن شجر الزيتون يثمر عاماً ويحرم في العام الذي يليه، لكن أساليب الري بعد انتشار الآبار في المنطقة، كسرت هذا العُرف، وبات الزيتون يثمر وبكثرة كل عام، لكن ذلك يؤثر على عمر الشجر نتيجة نمو جذوره و"تربينه" أكثر من اللازم وبالتالي يهرم مبكراً".
ويضيف حسن: "خلال السنوات الأخيرة، ونتيجة الحرب والدمار، تراجع الإنتاج وتعب الشجر، ويتوقع أن يصل إنتاج الموسم هذا العام إلى أقل من نصف ما كان عليه في سنوات الخير".
هذا ما أشارت إليه وزارة الزراعة السورية أخيراً في تقرير حول الانتاج المتوقع لموسم 2014 ـ 2015، إذ قال مدير مكتب الزيتون، مهند ملدي: "يشهد إنتاج الزيتون للموسم الحالي تراجعاً بنسبة 50%، ومن المتوقع ألا يصل إلى نصف مليون طن".
وأضاف ملدي، خلال تقرير الوزارة، إن "100 ألف طن من الإنتاج تذهب للمائدة، فيما تذهب 400 ألف من الثمار للعصير والتعبئة كزيت للزيتون يستخلص منه 90 ألف طن، وهي الحاجة المحلية سنوياً من زيت الزيتون".
وحول ارتفاع الأسعار، قال فائز حسن: "ارتفعت الأسعار ضعف ما كانت عليه العام الفائت، حيث تباع صفيحة الزيت سعة 16 ليتراً بنحو 12 ألف ليرة للنوعية ذات الجودة العالية، ونحو 10 آلاف ليرة للزيت ذي الجودة الأقل أو لزيت مواسم قديمة. وهي الأسعار ذاتها تقريباً التي أعلنها مدير مكتب الزيتون في وزارة الزراعة السورية".
"الأسعار الرائجة حالياً لصفيحة الزيت هي 9500 ليرة (60 دولاراً)، ويتوقع أن تشهد ارتفاعاً تدريجياً خلال الأيام المقبلة".
وصلت سورية عام 2011 إلى المركز الخامس عالمياً في إنتاج الزيتون، بعد إسبانيا وإيطاليا واليونان وتركيا.
والأولى عربياً، إثر تجاوز إنتاجها من الزيتون تونس وبلوغه مليون طن، ووصل قبلها إلى 1.2 مليون طن، قبل أن تتراجع تصنيفياً، وانخفاض إنتاجها هذا العام.
ويبلغ عدد أشجار الزيتون في سورية، وفق إحصائية، إلى نحو 106 ملايين شجرة، منها 82 مليون مثمرة، أي نسبة 56% من الأشجار المثمرة، ويحتل الزيتون المرتبة الثالثة من حيث العائدات بعد القمح والقطن.
وتتوزع زراعة الزيتون في المنطقة الشمالية: إدلب وحلب، بنسبة 46%، وفي المنطقة الوسطى: حمص وحماة، بنسبة 24%، وفي المنطقة الساحلية: طرطوس واللاذقية، بنسبة 18%، وفي الشرقية: دير الزور والحسكة والرقة، بنسبة 2%، لتدخل مناطق الجنوب: درعا والسويداء حديثاً وبوتيرة زراعة عالية، بنسبة 10%. ولم يرأف الجفاف والحرب بالمحاصيل الأخرى من الزراعة السورية، فقد حذر برنامج الغذاء العالمي، التابع لمنظمة الأمم المتحدة، في تقرير سابق، من احتمال تعرّض ملايين السوريين للخطر جراء موجة الجفاف التي ستؤثر سلباً على المحاصيل الاستراتيجية.
وتوقع خبراء انخفاضاً قياسياً للمحاصيل الزراعية في سورية، مقارنة بالفترة التي سبقت الثورة عام 2011، حيث تواجه جميع المحاور المتعلقة بالمنظومة الزراعية مشاكل عديدة، الأمر الذي سيؤدي إلى تحول سورية من دولة مصدّرة للغذاء إلى مستوردة له.
وأكد متخصصون على عقبات تواجه الزراعة السورية، ومنها تخصيب التربة، إلى الحصاد، والنقل والتسويق، بعدما دبّت الفوضى في كل شيء بسبب المعارك الضارية بين الأطراف المتصارعة.
وبلغ عدد اللاجئين، ومنهم المزارعون، الذين لجأوا إلى دول أخرى أو نزحوا عن ديارهم داخل البلاد، ثلث السكان تقريباً، حسب تقارير إعلامية، وبالتالي أثروا على القطاع الزراعي سلباً، وأصبحت مساحات كبيرة من الأراضي السورية تحت سيطرة المقاتلين الذين يسعون للإطاحة بنظام بشار الأسد.
وتزايدت صعوبة متابعة أحوال المزارعين في هذا القطاع الحيوي من قبل المسؤولين الزراعيين في بلد فقدت فيه أجهزة الدولة سيطرتها الإدارية فعلياً على أجزاء كبيرة من الأراضي، وبالتالي يزداد تدهور الزراعة وجميع المحاصيل التي تعدّ مصدراً من أهم مصادر الرزق للسوريين.
ولجأ البعض إلى استخدام المياه الجوفية للتعويض عن ضعف الأمطار، لكن ارتفاع سعر وقود الديزل حدّ من هذا الخيار لمزارعين في مناطق أخرى.
وتواجه مراكز جمع المحصول عقبات متعددة بسبب الصراع المسلح. وفي مناطق كثيرة من شرق البلاد، المعروف باسم الجزيرة، والذي يمثل سلّة الغذاء الرئيسة للبلاد، وتشمل محافظات الحسكة ودير الزور والرقة، لم تعد هناك سيطرة على الأوضاع.وحسب متخصصين، فإن القطاع الزراعي أصبح من أكبر ضحايا الحرب الدائرة في سورية، التي دمرت نسبة كبيرة من المحاصيل، وامتدت إلى المزارعين الذين يتعرضون للمخاطر في كل لحظة، فقد دمرت الحرب وإهمال الدولة، الكثير من المناطق الزراعية التي باتت مهجورة ولا تجد مَن يزرعها.
وبات الصراع المتواصل منذ 3 سنوات يحرق كل شيء في طريقه، بما فيه أغصان الزيتون التي ترمز إلى السلام، إلا أنها أصبحت دليلاً على مدى الخراب في البلاد.
وقال حسن، لـ"العربي الجديد": "صحيح أن لقلّة الهطول المطري في أبريل/ نيسان ومارس/ آذار، دوراً مهمّاً في عدم نمو "التربين" الذي يحمل الثمر، وأن الحر والجفاف "يبّسا" الشجر، لكن الأهم أن معظم المزارعين خارج حقولهم، فمنهم مَن قتل ومنهم مَن تهجّر، وكأن الشجر يشعر بغياب صاحبه ويحزن عليه، فتراجع إنتاجه خلال السنوات الثلاث الأخيرة".
وأضاف حسن: "لم يكن الموسم الأول الذي نعاني خلاله من نقص الأمطار، لكننا اعتدنا ري شجر الزيتون، وهو ما لم نعرفه في ريف إدلب قبل عقد من الزمن، قبل موجة الجفاف التي تزيد عاماً بعد عام.
ولكن الجديد هذا العام، هو هروب المزارعين وتعهّد أراضيهم للغير، ما أدى إلى الإهمال وتراجع الإنتاج ومرض الشجر إثر قلّة العناية".
وقال فائز حسن: "عادة، الزيتون لا يثمر بكثرة، بل نحن نعرف أن شجر الزيتون يثمر عاماً ويحرم في العام الذي يليه، لكن أساليب الري بعد انتشار الآبار في المنطقة، كسرت هذا العُرف، وبات الزيتون يثمر وبكثرة كل عام، لكن ذلك يؤثر على عمر الشجر نتيجة نمو جذوره و"تربينه" أكثر من اللازم وبالتالي يهرم مبكراً".
ويضيف حسن: "خلال السنوات الأخيرة، ونتيجة الحرب والدمار، تراجع الإنتاج وتعب الشجر، ويتوقع أن يصل إنتاج الموسم هذا العام إلى أقل من نصف ما كان عليه في سنوات الخير".
هذا ما أشارت إليه وزارة الزراعة السورية أخيراً في تقرير حول الانتاج المتوقع لموسم 2014 ـ 2015، إذ قال مدير مكتب الزيتون، مهند ملدي: "يشهد إنتاج الزيتون للموسم الحالي تراجعاً بنسبة 50%، ومن المتوقع ألا يصل إلى نصف مليون طن".
وأضاف ملدي، خلال تقرير الوزارة، إن "100 ألف طن من الإنتاج تذهب للمائدة، فيما تذهب 400 ألف من الثمار للعصير والتعبئة كزيت للزيتون يستخلص منه 90 ألف طن، وهي الحاجة المحلية سنوياً من زيت الزيتون".
وحول ارتفاع الأسعار، قال فائز حسن: "ارتفعت الأسعار ضعف ما كانت عليه العام الفائت، حيث تباع صفيحة الزيت سعة 16 ليتراً بنحو 12 ألف ليرة للنوعية ذات الجودة العالية، ونحو 10 آلاف ليرة للزيت ذي الجودة الأقل أو لزيت مواسم قديمة. وهي الأسعار ذاتها تقريباً التي أعلنها مدير مكتب الزيتون في وزارة الزراعة السورية".
"الأسعار الرائجة حالياً لصفيحة الزيت هي 9500 ليرة (60 دولاراً)، ويتوقع أن تشهد ارتفاعاً تدريجياً خلال الأيام المقبلة".
وصلت سورية عام 2011 إلى المركز الخامس عالمياً في إنتاج الزيتون، بعد إسبانيا وإيطاليا واليونان وتركيا.
والأولى عربياً، إثر تجاوز إنتاجها من الزيتون تونس وبلوغه مليون طن، ووصل قبلها إلى 1.2 مليون طن، قبل أن تتراجع تصنيفياً، وانخفاض إنتاجها هذا العام.
ويبلغ عدد أشجار الزيتون في سورية، وفق إحصائية، إلى نحو 106 ملايين شجرة، منها 82 مليون مثمرة، أي نسبة 56% من الأشجار المثمرة، ويحتل الزيتون المرتبة الثالثة من حيث العائدات بعد القمح والقطن.
وتتوزع زراعة الزيتون في المنطقة الشمالية: إدلب وحلب، بنسبة 46%، وفي المنطقة الوسطى: حمص وحماة، بنسبة 24%، وفي المنطقة الساحلية: طرطوس واللاذقية، بنسبة 18%، وفي الشرقية: دير الزور والحسكة والرقة، بنسبة 2%، لتدخل مناطق الجنوب: درعا والسويداء حديثاً وبوتيرة زراعة عالية، بنسبة 10%. ولم يرأف الجفاف والحرب بالمحاصيل الأخرى من الزراعة السورية، فقد حذر برنامج الغذاء العالمي، التابع لمنظمة الأمم المتحدة، في تقرير سابق، من احتمال تعرّض ملايين السوريين للخطر جراء موجة الجفاف التي ستؤثر سلباً على المحاصيل الاستراتيجية.
وتوقع خبراء انخفاضاً قياسياً للمحاصيل الزراعية في سورية، مقارنة بالفترة التي سبقت الثورة عام 2011، حيث تواجه جميع المحاور المتعلقة بالمنظومة الزراعية مشاكل عديدة، الأمر الذي سيؤدي إلى تحول سورية من دولة مصدّرة للغذاء إلى مستوردة له.
وأكد متخصصون على عقبات تواجه الزراعة السورية، ومنها تخصيب التربة، إلى الحصاد، والنقل والتسويق، بعدما دبّت الفوضى في كل شيء بسبب المعارك الضارية بين الأطراف المتصارعة.
وبلغ عدد اللاجئين، ومنهم المزارعون، الذين لجأوا إلى دول أخرى أو نزحوا عن ديارهم داخل البلاد، ثلث السكان تقريباً، حسب تقارير إعلامية، وبالتالي أثروا على القطاع الزراعي سلباً، وأصبحت مساحات كبيرة من الأراضي السورية تحت سيطرة المقاتلين الذين يسعون للإطاحة بنظام بشار الأسد.
وتزايدت صعوبة متابعة أحوال المزارعين في هذا القطاع الحيوي من قبل المسؤولين الزراعيين في بلد فقدت فيه أجهزة الدولة سيطرتها الإدارية فعلياً على أجزاء كبيرة من الأراضي، وبالتالي يزداد تدهور الزراعة وجميع المحاصيل التي تعدّ مصدراً من أهم مصادر الرزق للسوريين.
ولجأ البعض إلى استخدام المياه الجوفية للتعويض عن ضعف الأمطار، لكن ارتفاع سعر وقود الديزل حدّ من هذا الخيار لمزارعين في مناطق أخرى.
وتواجه مراكز جمع المحصول عقبات متعددة بسبب الصراع المسلح. وفي مناطق كثيرة من شرق البلاد، المعروف باسم الجزيرة، والذي يمثل سلّة الغذاء الرئيسة للبلاد، وتشمل محافظات الحسكة ودير الزور والرقة، لم تعد هناك سيطرة على الأوضاع.وحسب متخصصين، فإن القطاع الزراعي أصبح من أكبر ضحايا الحرب الدائرة في سورية، التي دمرت نسبة كبيرة من المحاصيل، وامتدت إلى المزارعين الذين يتعرضون للمخاطر في كل لحظة، فقد دمرت الحرب وإهمال الدولة، الكثير من المناطق الزراعية التي باتت مهجورة ولا تجد مَن يزرعها.