لم يعد المواطن العراقي يشعر بأنّ الحفاظ على الملك العام جزء من واجباته، فقد أوجدت الحروب أزمات عدة حتى بات تخريب المرافق العامة منتشراً ويستمر في الاتساع ليشمل المرافق الحيوية والبنى التحتية في العاصمة بغداد، وفي بقية مدن البلاد.
في هذا الإطار، يقول الأكاديمي أحمد الآغا: "لعلّ من المفارقات العجيبة لدى المواطن العراقي أنّه شديد الحرص على ممتلكات بيته، ومهتم كلّ الاهتمام بنظافة أغراضه وأثاثه، وهو في الوقت نفسه لا يهتم بالملك العام، بل هو من يساهم بتخريبه، وقد يسخر ممن يهتم به، ويستهزئ بمن يرفع الأوساخ عن الطرقات، كونه يشعر بملكية كاملة لبيته وأغراضه بخلاف الملك العام الذي لا يشعر بأنّه سخّر لخدمته. وقد يشعر المواطن بأنّ المرافق العامة تعود لشخصيات معينة، مثل المسؤولين والسياسيين وغيرهم، فلا مانع من الإضرار بها وإتلافها، فهي بحسب البعض، ملك لخصومه ولسارقي حقوقه".
"من أمن العقاب أساء الأدب"، مقولة يبتدئ بها علي الملا كلامه. يعتبر أنّ عدم المحافظة على الملك العام يعود إلى "ضعف التوعية والتثقيف من قبل الحكومة للمواطن، وعدم خوف المواطن من العقوبات أو الغرامات المالية في حال تخريبه، وهكذا لا يحافظ التلميذ على مدرسته، ولا المريض على تجهيزات المستشفى، وغيرهما من أمثال".
اقــرأ أيضاً
بدورها، تقول زهرة العكيدي، وهي ربة بيت من سكان محافظة ديالى: "أعتقد أنّ غياب الوعي يعود إلى أنّنا كعراقيين نعيش في حروب مستمرة، وليست هناك أيّ توعية بأهمية المحافظة على الملك العام، لأنّ المواطن مشغول بيومياته المتعبة، من توفير لقمة العيش وعلاج مرضاه ومراجعة دوائر الدولة... وهذا كله دفع إلى اتساع تخريب الملك العام بدلاً من الحفاظ عليه". توضح: "شخصياً، أرى بعض الأشخاص يستغلون الحديقة العامة برعي الحيوانات، وإذا جادلهم أحد ما، أجابوا: هذا الأمر لا يخصك ولا تتحدث في الموضوع مرة أخرى لأنّي أنتمى إلى حزب (...)، وفي حال تدخلت تعرف ما سيكون مصيرك... للأسف الشديد هذه هي الثقافة المنتشرة؛ ثقافة من يمتلك القوة".
من جهته، يعتبر المهندس ياسر المولى، من سكان مدينة الموصل، أنّ هناك سبباً آخر لتخريب الملك العام هو الفساد الإداري والمالي في العراق، ما دفع المواطن إلى الشعور السلبي تجاه كلّ شيء، وعززّ لديه ثقافة اللامبالاة تجاه المرافق الحيوية العامة، والتي لها دور كبير في حياة المواطن وخدمته.
الصحافي حسن الزبيدي، يقول إنّ الملك العام يقف اليوم بين ثقافة الحفاظ والتخريب، إذ يجب أن يكون مفهوم الحفاظ على الملك العام متجذراً لدى الجميع، خصوصاً من سن الطفولة، والوعي الجيد يأتي من خلال التربية على أهمية الحفاظ على هذا الملك الذي يشمل طرقات عامة، وجسوراً، ومساجد، ودور عبادة، وحدائق وغيرها وهي ملك للجميع. يضيف الزبيدي: "نرى أنّ ثقافة احترام الملك العام لم تدخل قاموسنا اليومي بعد، بل لدينا ثقافة: ما لا تملكه... خرّبه، فالحدائق غير محترمة وكذلك الصفوف الدراسية داخل المدارس، كما نشاهد إلقاء القاذورات على الأرض، وتخريب كلّ وسائل الراحة، والأمر كذلك بالنسبة لوسائل النقل العام وغيرها. لذلك، أرى أنّ من الضروري تطبيق القوانين الرادعة، لمحاسبة كلّ من تسوّل له نفسه العبث بالملك العام وتخريبه".
يردّ الدكتور في الاقتصاد، كيلان إسماعيل، أسباب انتشار هذا النوع من التخريب إلى غياب الذوق العام والجهل التام بأهمية وضرورة الملك العام في حياتنا الاجتماعية، وكذلك ضعف الانتماء لدى الأفراد إلى بلدهم بسبب انتشار البطالة والفساد الإداري وتبديد المال العام، وغياب الرؤية الواضحة لسياسات الحكومة الاقتصادية والاجتماعية. وبذلك، لا بدّ من الحفاظ على المرافق من قبل المسؤولين في الحكومة أولاً، عن طريق الاهتمام بها، وتفعيل القوانين الرادعة، فضلاً عن تبيان أهمية الملك العام في الاقتصاد العراقي وبالتالي في اقتصاد الفرد.
اقــرأ أيضاً
من جهتها، تقول المحامية رؤى عماد، لـ"العربي الجديد": "بعد انهيار الدولة ومؤسساتها عام 2003، ساهم ذلك بعدم اهتمام المواطن بالملك العام وعدم الحفاظ عليه بل وتخريبه، خصوصاً مع عدم إعمار ما خلفته الحرب، وعدم اهتمام الحكومة والجهات ذات العلاقة بالارتقاء بالمرافق الحيوية وإعادة إعمار البنى التحتية، ما أدى إلى الإحباط والاستهتار. وبذلك، فإنّ المسؤولية في تخريب الملك العام تقع على عاتق الطرفين: المواطن والمسؤول، لأنّهما شريكان في هذا البلد".
وقد نصت المادة 197 من قانون العقوبات رقم 119 لسنة 1969 على أنه "يعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد أو المؤقت كلّ من خرب أو هدم أو أتلف أو أضرّ ضرراً بليغاً عمداً مباني أو أملاكاً عامة أو مخصصة للدوائر والمصالح الحكومية أو المؤسسات أو المرافق العامة أو الجمعيات المعتبرة قانوناً ذات نفع عام".
في هذا الإطار، يقول الأكاديمي أحمد الآغا: "لعلّ من المفارقات العجيبة لدى المواطن العراقي أنّه شديد الحرص على ممتلكات بيته، ومهتم كلّ الاهتمام بنظافة أغراضه وأثاثه، وهو في الوقت نفسه لا يهتم بالملك العام، بل هو من يساهم بتخريبه، وقد يسخر ممن يهتم به، ويستهزئ بمن يرفع الأوساخ عن الطرقات، كونه يشعر بملكية كاملة لبيته وأغراضه بخلاف الملك العام الذي لا يشعر بأنّه سخّر لخدمته. وقد يشعر المواطن بأنّ المرافق العامة تعود لشخصيات معينة، مثل المسؤولين والسياسيين وغيرهم، فلا مانع من الإضرار بها وإتلافها، فهي بحسب البعض، ملك لخصومه ولسارقي حقوقه".
"من أمن العقاب أساء الأدب"، مقولة يبتدئ بها علي الملا كلامه. يعتبر أنّ عدم المحافظة على الملك العام يعود إلى "ضعف التوعية والتثقيف من قبل الحكومة للمواطن، وعدم خوف المواطن من العقوبات أو الغرامات المالية في حال تخريبه، وهكذا لا يحافظ التلميذ على مدرسته، ولا المريض على تجهيزات المستشفى، وغيرهما من أمثال".
بدورها، تقول زهرة العكيدي، وهي ربة بيت من سكان محافظة ديالى: "أعتقد أنّ غياب الوعي يعود إلى أنّنا كعراقيين نعيش في حروب مستمرة، وليست هناك أيّ توعية بأهمية المحافظة على الملك العام، لأنّ المواطن مشغول بيومياته المتعبة، من توفير لقمة العيش وعلاج مرضاه ومراجعة دوائر الدولة... وهذا كله دفع إلى اتساع تخريب الملك العام بدلاً من الحفاظ عليه". توضح: "شخصياً، أرى بعض الأشخاص يستغلون الحديقة العامة برعي الحيوانات، وإذا جادلهم أحد ما، أجابوا: هذا الأمر لا يخصك ولا تتحدث في الموضوع مرة أخرى لأنّي أنتمى إلى حزب (...)، وفي حال تدخلت تعرف ما سيكون مصيرك... للأسف الشديد هذه هي الثقافة المنتشرة؛ ثقافة من يمتلك القوة".
من جهته، يعتبر المهندس ياسر المولى، من سكان مدينة الموصل، أنّ هناك سبباً آخر لتخريب الملك العام هو الفساد الإداري والمالي في العراق، ما دفع المواطن إلى الشعور السلبي تجاه كلّ شيء، وعززّ لديه ثقافة اللامبالاة تجاه المرافق الحيوية العامة، والتي لها دور كبير في حياة المواطن وخدمته.
الصحافي حسن الزبيدي، يقول إنّ الملك العام يقف اليوم بين ثقافة الحفاظ والتخريب، إذ يجب أن يكون مفهوم الحفاظ على الملك العام متجذراً لدى الجميع، خصوصاً من سن الطفولة، والوعي الجيد يأتي من خلال التربية على أهمية الحفاظ على هذا الملك الذي يشمل طرقات عامة، وجسوراً، ومساجد، ودور عبادة، وحدائق وغيرها وهي ملك للجميع. يضيف الزبيدي: "نرى أنّ ثقافة احترام الملك العام لم تدخل قاموسنا اليومي بعد، بل لدينا ثقافة: ما لا تملكه... خرّبه، فالحدائق غير محترمة وكذلك الصفوف الدراسية داخل المدارس، كما نشاهد إلقاء القاذورات على الأرض، وتخريب كلّ وسائل الراحة، والأمر كذلك بالنسبة لوسائل النقل العام وغيرها. لذلك، أرى أنّ من الضروري تطبيق القوانين الرادعة، لمحاسبة كلّ من تسوّل له نفسه العبث بالملك العام وتخريبه".
يردّ الدكتور في الاقتصاد، كيلان إسماعيل، أسباب انتشار هذا النوع من التخريب إلى غياب الذوق العام والجهل التام بأهمية وضرورة الملك العام في حياتنا الاجتماعية، وكذلك ضعف الانتماء لدى الأفراد إلى بلدهم بسبب انتشار البطالة والفساد الإداري وتبديد المال العام، وغياب الرؤية الواضحة لسياسات الحكومة الاقتصادية والاجتماعية. وبذلك، لا بدّ من الحفاظ على المرافق من قبل المسؤولين في الحكومة أولاً، عن طريق الاهتمام بها، وتفعيل القوانين الرادعة، فضلاً عن تبيان أهمية الملك العام في الاقتصاد العراقي وبالتالي في اقتصاد الفرد.
من جهتها، تقول المحامية رؤى عماد، لـ"العربي الجديد": "بعد انهيار الدولة ومؤسساتها عام 2003، ساهم ذلك بعدم اهتمام المواطن بالملك العام وعدم الحفاظ عليه بل وتخريبه، خصوصاً مع عدم إعمار ما خلفته الحرب، وعدم اهتمام الحكومة والجهات ذات العلاقة بالارتقاء بالمرافق الحيوية وإعادة إعمار البنى التحتية، ما أدى إلى الإحباط والاستهتار. وبذلك، فإنّ المسؤولية في تخريب الملك العام تقع على عاتق الطرفين: المواطن والمسؤول، لأنّهما شريكان في هذا البلد".
وقد نصت المادة 197 من قانون العقوبات رقم 119 لسنة 1969 على أنه "يعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد أو المؤقت كلّ من خرب أو هدم أو أتلف أو أضرّ ضرراً بليغاً عمداً مباني أو أملاكاً عامة أو مخصصة للدوائر والمصالح الحكومية أو المؤسسات أو المرافق العامة أو الجمعيات المعتبرة قانوناً ذات نفع عام".