وبين الصحافيين الـ57 الذين سقطوا هذه السنة، هناك خمس نساء. ولأول مرة، تحصي "مراسلون بلا حدود" الصحافيين المواطنين والمتعاونين مع وسائل الإعلام مع الصحافيين المحترفين، بعدما كانت تدرجهم في ثلاث فئات منفصلة.
وأوضحت "مراسلون بلا حدود" أن "هذا التراجع الملحوظ مرده إلى أن عددا متزايدا من الصحافيين يهربون من الدول التي أصبحت بالغة الخطورة: سورية والعراق وليبيا، إنما كذلك اليمن وأفغانستان وبنغلادش وبوروندي تحولت جزئيا إلى ثقوب سوداء للإعلام يسودها انعدام العقاب".
وبحسب التحليل السنوي لـ"لجنة حماية الصحافيين" CPJ، الصادر اليوم الاثنين، قُتل ما لا يقل عن 48 صحافياً خلال الفترة ما بين 1 يناير/ كانون الثاني وحتى 15 ديسمبر/ كانون الأول 2016، بينما تُجري اللجنة تحقيقات بمقتل 27 صحافياً إضافياً لتحديد ما إذا كان مقتلهم مرتبطاً بعملهم.
والقائمة التي تعدّها لجنة حماية الصحافيين لا تتضمن الصحافيين الذين يقتلون جراء المرض أو في حادث سيارة أو طائرة، مثل الحادث الذي أودى بحياة 20 صحافياً في نوفمبر/ تشرين
وبحسب اللجنة، "أدت النزاعات في سورية والعراق واليمن وليبيا وأفغانستان والصومال إلى مقتل 26 صحافياً، جميعهم أثناء تغطيتهم للعمليات القتالية". بينما قالت "مراسلون بلا حدود" إنّ سورية تحولت إلى "جحيم" عام 2016 مع مقتل 19 صحافياً فيها، تليها أفغانستان (10 قتلى) والمكسيك (9) والعراق (7) واليمن (5).
وأوضحت اللجنة أن 75 في المائة من الصحافيين القتلى كانوا يغطون الحروب، وأكثر من نصف الصحافيين الذين قتلوا في هذا العام لقوا حتفهم أثناء تغطيتهم لعمليات قتالية أو من جراء النيران المتقاطعة، للمرة الأولى منذ بدأت لجنة حماية الصحافيين الاحتفاظ بسجلات بهذا الشأن عام 1992، إذ كان ثلثا الصحافيين الذين يقتلون يُستهدفون بالاغتيال انتقاماً منهم بسبب عملهم.
من جهتها، أشارت "مراسلون بل حدود" إلى أن ثلثي الصحافيين الذين قتلوا هذه السنة سقطوا في مناطق نزاع، وهو "توجه عكسي عن العام 2015 الذي شهد مقتل العديد من الصحافيين
في مناطق يسودها السلام، مثل الهجوم على صحيفة شارلي إيبدو في باريس".
وأشارت "لجنة حماية الصحافيين" إلى أنّ وظيفتي المصور الفوتوغرافي وعامل الكاميرا هما أخطر وظيفيتن صحافيتين، بينما حوالي 20 في المائة الصحافيين القتلى في عام 2016 هم مستقلون. كما أنّ حوالي تسعة من كل 10 صحافيين قتلى هم صحافيون محليون، وليسوا أجانب. وهو الأمر الذي تشاركت فيه مع "مراسلون بلا حدود" التي أشارت إلى أنّ أغلب الصحافيين قتلوا في بلدانهم، باستثناء أربعة سقطوا في دول أجنبية وبينهم هولندي وايراني قتلا بالرصاص في سورية، وفق الحصيلة.
كما استُهدف 18 صحافياً بالاغتيال هذا العام، وهو أدنى رقم يبلغه منذ عام 2002. أما أسباب هذا التراجع فليست واضحة، بحسب CPJ.
وظلت سورية البلد الأكثر فتكاً بالصحافيين للعام الخامس على التوالي، إذ قتل 14 صحافياً
على الأقل فيها خلال العام، وهو عدد القتلى نفسه في عام 2015، مما زاد مجموع الصحافيين الذين قتلوا أثناء أدائهم لعملهم في سورية منذ 2011 إلى 107 صحافيين على الأقل، بحسب "اللجنة الدولية لحماية الصحافيين". التي اتفقت مع "مراسلون بلا حدود" على الأمر، لكنّ الأخيرة أشارت إلى أنّ 19 صحافياً قُتلوا في سورية خلال 2016، مقابل 9 عام 2015.
وظلّ العراق يحتل إحدى المراتب الثلاث الأولى بين البلدان الأشد فتكاً بالصحافيين وللعام الرابع على التوالي، بحسب CPJ، وبلغ عدد الصحافيين القتلى فيه ستة صحافيين في عام 2016.
وفي اليمن، تزايد عدد الصحافيين القتلى، وبلغ عددهم ستة قتلى أيضاً في هذا العام، وأصبح مجموع الصحافيين القتلى في اليمن 12 صحافياً منذ عام 2014، بحسب CPJ.
وبقيت المكسيك في 2016 البلد الأكثر دموية للإعلام في أميركا، والدولة التي تسجل أعلى حصيلة من الصحافيين القتلى في زمن السلم، بحسب RSF.
ولا تقتصر التهديدات التي يتعرض لها الصحافيون الذين يخاطرون بتغطية النزاعات على مواجهة الموت من جراء القتال الدائر، بل يواجهون أيضاً تهديد الاختطاف أو القتل على يد تنظيم الدولة الإسلامية وغيره من الجماعات المقاتلة. وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) مسؤول عن اختفاء 11 صحافياً على الأقل منذ عام 2013.
وتُظهر أبحاث لجنة حماية الصحافيين أن الإفلات الراسخ من العقاب يزيد الرقابة الذاتية، إذ يعمد الصحافيون إلى الفرار من بلدانهم أو التزام الصمت لتجنب المخاطر الجسيمة.
وفي بعض الأماكن، باتت تُستخدم وسائل غير العنف لترويع الصحافيين بغية إسكاتهم. ففي روسيا، حيث قُتل 36 صحافياً بسبب عملهم منذ عام 1992، لم تسجل لجنة حماية الصحافيين
أي حالة اغتيال منذ عام 2013. أما الصحافيون الذين يتجرأون على تغطية القضايا الحساسة، من قبيل الفساد والإساءات لحقوق الإنسان، وعلى الرغم من المخاطر الشديدة والانتقام البدني، فيواجهون الإقصاء المنهجي من خلال التشريعات، والأنظمة، وإغلاق وسائل الإعلام، وغير ذلك من أشكال المضايقات، بما في ذلك التهديد بالسجن.
وفي حين لا تزال مستويات الإفلات من العقاب مثيرة للقلق، سجلت لجنة حماية الصحافيين زيادات طفيفة في أعداد الملاحقات القضائية بهذا الصدد في أنحاء مختلفة من العالم في السنوات الأخيرة.
وإلى جانب وفيات الصحافيين الناجمة عن القتل المتعمد وعن الإصابة أثناء العمليات القتالية أو النيران المتقاطعة، ثمة فئة ثالثة في تصنيف "لجنة حماية الصحافيين" لحالات مقتل الصحافيين، وهي الوفاة أثناء أداء المهمات الخطرة من قبيل تغطية الاضطرابات السياسية. وفي هذا العام، قتل ثلاثة صحافيين على الأقل أثناء أدائهم لمهمات خطرة، وكان اثنان منهم في باكستان.
وقتل ما لا يقل عن 780 صحافياً في السنوات العشر الأخيرة بسبب مهنتهم، وفق حصيلة "مراسلون بلا حدود".
(العربي الجديد)