في البداية، اتهم ترامب إيران بأنها "تلعب بالنار"، وذلك تعليقاً على تجاوزها حد مخزون احتياطيات اليورانيوم منخفض التخصيب أكثر من 300 كيلوغرام، وهو السقف المسموح به في الاتفاق النووي.
ليرد روحاني على ترامب، أمس الأربعاء، مؤكداً أن الولايات المتحدة "هي التي بدأت اللعب بالنار في المنطقة منذ عام".
وتساءل روحاني في تعقيبه على ترامب: "إذا كنتم تعتبرون أن ذلك خطير، فلماذا أشعلتم هذه النار؟"، قبل أن يضيف أن واشنطن "بإمكانها إطفاؤها".
ليعود ترامب، مساء أمس، محذراً من أن تلك التهديدات "يمكن أن ترتد عليه".
وقال ترامب على "تويتر"، "أصدرت إيران للتو تحذيراً جديداً. يقول روحاني إنهم سيخصبون اليورانيوم، (بأي قدر نريده) إذا لم يكن هناك اتفاق نووي جديد".
وأضاف "انتبهوا للتهديدات، فهي يمكن أن ترتد لتلدغكم كما لم يلدغ أي شخص من قبل!".
Twitter Post
|
وكان روحاني قال إنّ بلاده ستزيد تخصيب اليورانيوم بعد السابع من يوليو/تموز إلى أي مستويات تريدها فوق الحد الأقصى المنصوص عليه في الاتفاق النووي، في حين دعا واشنطن للعودة مجدداً إلى الاتفاق.
وهذه هي المرة الثانية في أسبوع التي تعلن فيها طهران عن إجراء من شأنه أن يقوض الاتفاق النووي الذي يواجه مشكلات منذ انسحب منه ترامب العام الماضي.
ونقلت وكالة الأنباء والتلفزيون الإيرانية عن روحاني قوله "لن يبقى مستوى التخصيب لدينا 3.67 بالمئة. سننحي هذا الالتزام جانباً وسننتج بأي قدر نريده وبأي قدر تقتضيه الضرورة وتقتضيه حاجتنا. سنتجاوز في هذا مستوى 3.67".
والتخصيب بنسبة 90 بالمئة ينتج عنه مادة تستخدم في صنع القنابل.
وذكر خبراء أنه لا يوجد استخدام مشروع لدى إيران لليورانيوم المخصب فوق المستوى الذي يسمح به الاتفاق.
وقالت كيلسي دافنبورت، من رابطة الحد من الأسلحة بواشنطن "لا مبرر".
وأضافت أن الخطوة تستهدف زيادة الضغط على القوى الأوروبية والصين وروسيا لتعويض إيران عن تأثير العقوبات التي عاود ترامب فرضها بعد انسحابه من الاتفاق.
وقالت دافنبورت "هذه قرارات سياسية لزيادة الضغط. فهي لا تشير إلى أن إيران على وشك إنتاج قنبلة أو سلاح نووي".
وتنفي طهران أي نية لإنتاج أسلحة نووية.
وقال روحاني إنه يمكن الرجوع عن تحركات الجمهورية الإسلامية. وأضاف "يمكن إعادة كل الإجراءات التي نتخذها إلى وضعها السابق في غضون ساعة واحدة، فلماذا تشعرون بالقلق؟".
لهجة حادة
وكانت لهجة روحاني حادة على غير المعتاد. فقد كان مهندس الاتفاق النووي ويعتبر من أصحاب النزعة العملية خلافاً لكبار رجال الدين في النخبة الحاكمة الذين عارضوا انفتاحه على الغرب ويواصلون تنديدهم بالولايات المتحدة.
وحث روحاني إدارة ترامب على "تبني نهج عقلاني من جديد" والعودة إلى طاولة المفاوضات.
وبلغ التوتر المستمر منذ أسابيع ذروته الشهر الماضي عندما أسقطت طهران طائرة استطلاع أميركية مسيرة، ورد ترامب باتخاذ قرار بشن ضربات جوية تراجع عنه في اللحظة الأخيرة. كما تتهم واشنطن إيران بالمسؤولية عن هجمات على عدد من ناقلات النفط في الخليج، وهو ما تنفيه طهران.
وقالت الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق يوم الثلاثاء إنها تشعر "بقلق بالغ" من انتهاك طهران الواضح للاتفاق، بينما قالت إسرائيل إنها تستعد لدخول محتمل في أي مواجهة عسكرية بين إيران والولايات المتحدة.
وقال روحاني إنه إذا لم توفر الدول الأخرى الموقعة على الاتفاق الحماية للتجارة مع إيران التزاماً بالتعهدات الواردة في الاتفاق والتي توقف تنفيذها عندما أعاد ترامب فرض عقوبات صارمة، فإن بلاده ستعيد تشغيل مفاعل آراك الذي يعمل بالماء الثقيل بعد السابع من يوليو/تموز.
وكانت إيران قد أعلنت في يناير/كانون الثاني 2016 أنها أزالت قلب المفاعل وملأته بالأسمنت، التزاما منها بالاتفاق.
وقال روحاني "إذا لم تعملوا (وفقاً) للبرنامج والإطار الزمني لكل الالتزامات التي قدمتموها لنا، فإننا سنعيد مفاعل آراك إلى سابق عهده" اعتباراً من السابع من يوليو فصاعداً".
وأضاف "هذا يعني إعادته للوضع الذي تقولون إنه خطير ويمكن أن ينتج البلوتونيوم"، مشيراً إلى مكون رئيسي يمكن أن يستخدم في صنع قنبلة نووية. ومضى يقول "سنعود إلى ذلك ما لم تتخذوا إجراء بشأن جميع التزاماتكم المتعلقة بآراك".
وأبقى روحاني الباب مفتوحاً أمام المفاوضات، وقال إن إيران ستخفض مرة أخرى مخزونها من اليورانيوم المخصب إلى ما دون حد الثلاثمئة كيلوغرام المنصوص عليه في الاتفاق النووي، إذا التزمت بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين بتعهداتها الواردة في الاتفاق.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية، أمس الأربعاء، إن إيران لن تكسب شيئاً بمخالفة بنود الاتفاق النووي.
وقالت المتحدثة باسم الوزارة، أنييس فون دير مول، للصحافيين في إفادة يومية "التشكيك في (الاتفاق) سيؤدي فقط إلى زيادة التوترات المتصاعدة بالفعل في المنطقة".
وتصاعد التوتر بين واشنطن وطهران منذ انسحب ترامب من الاتفاق النووي في مايو/أيار 2018 وعمل على وقف جميع صادرات إيران من النفط، شريان حياتها الاقتصادي.
وسعت الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق إلى سحب الخصمين من على حافة الصراع العسكري خشية أن يتحول خطأ ما إلى حرب أوسع في الشرق الأوسط تهدد الأمن العالمي وإمدادات الطاقة.
وينفي وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف انتهاك بلاده للاتفاق النووي بتجاوز حد إنتاج اليورانيوم منخفض التخصيب، قائلاً إن إيران تمارس حقها في الرد بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق.
وأدى الاتفاق النووي إلى إلغاء معظم العقوبات الدولية المفروضة على إيران مقابل فرض قيود على قدرتها على تخصيب اليورانيوم.
ويهدف الاتفاق لإطالة الفترة التي تحتاجها طهران لإنتاج قنبلة نووية، إذا سعت لذلك، من نحو شهرين أو ثلاثة أشهر إلى سنة.
والمطلب الرئيسي لإيران في محادثاتها مع الأطراف الأوروبية الموقعة على الاتفاق وشرطها المسبق لإجراء أي محادثات مع الولايات المتحدة هو السماح لها ببيع نفطها بالمستويات السابقة قبل أن ينسحب ترامب من الاتفاق ويعيد فرض العقوبات.
وذكرت مصادر بقطاع الطاقة أن صادرات النفط الخام الإيرانية كانت حوالي 300 ألف برميل يومياً أو أقل في أواخر يونيو/حزيران، وهو ما يمثل جزءاً صغيراً من كمية تزيد عن 2.5 مليون برميل يوميا صدرتها إيران في إبريل نيسان 2018، أي في الشهر السابق على انسحاب ترامب من الاتفاق النووي.
(العربي الجديد، رويترز)