16 نوفمبر 2024
ترامب... وأميركا العظيمة
كيف يمكن أن تستفز فلاديمير بوتين، وأنت مُتهّم بأنك وصلت بدعم غير مباشر منه إلى البيت الأبيض؟ عليك فقط أن تكون دونالد ترامب، أي رجلاً لا يمكن التنبؤ بتصرّفاته. لا يستطيع أن يحيا الرئيس الأميركي الـ45 بعيداً عن الأضواء. دائماً ما يكون في الواجهة. أحياناً تستصعب فكرة أنه رئيس خلفٌ لباراك أوباما، لكنه دائماً لديه شيء ما يقدمه لبلاده وللعالم.
من "صفر إلى بطل". هكذا تحوّل ترامب في الأسابيع الأخيرة. كان الرجل "عنصرياً بغيضاً يقارع العرب والمسلمين"، وأصبح فجأة "البطل الذي يريد إنقاذ العالم من الشرور، وإنقاذ الأطفال"، لدى من كانوا من كارهيه وأصبحوا من مؤيديه. في هذه اللحظة، تحوّل أيضاً "من بطل إلى صفر" لدى من كان يناصره ثم انقلب عليه. في الحالتين، كرّس ترامب نفسه، عدا عن كونه رئيس الولايات المتحدة، سارقاً للأضواء في كل ما يفعله.
وإذا كان الروسي بوتين قد "تبنّى" ترشيح ترامب في أواخر عام 2015، أي قبل انطلاق الحملة الرئاسية الأميركية، في فبراير /شباط 2016، فإنه وجد نفسه محاصراً في هذا الترشيح. فترامب قصف مطار الشعيرات السوري، الأسبوع الماضي، داخلاً شريكاً أساسياً في صنع مستقبل سورية، بمعزل عن الإيراني والتركي والروسي. يريد القول: "الأميركيون عادوا، وعليكم التعامل مع ذلك". حاول بوتين الحدّ من أثمان العودة الأميركية الصاخبة، عبر التلويح باتخاذ إجراءات عدة تتعلق بالعلاقة الأميركية ـ الروسية. لكن الأمر لم ينفع على ما يبدو.
يوم الخميس، ضرب ترامب مجدّداً، وهذه المرة عبر إلقاء الجيش الأميركي، قنبلة "جي بي يو 43" التي تزن 11 طناً، وتُعتبر "والدة كل القنابل"، في إقليم ننغارهار الأفغاني على الحدود مع باكستان. استهدفت القنبلة عناصر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، لكن توقيتها كان متزامناً مع انعقاد قمة أفغانية في روسيا، أمس الجمعة، تهدف إلى درس سبل محاربة التنظيم في أفغانستان، واستطراداً إحكام النفوذ الروسي في وسط آسيا، وصولاً إلى أفغانستان. عبر إلقاء القنبلة، وجّه ترامب رسالة واضحة لبوتين: "لن تعود إلى أفغانستان".
وإذا كان المسار الجغرافي والزمني الذي يخطّه ترامب سيفضي إلى كوريا الشمالية قريباً، فذلك يعني أن الأميركيين الذين سيتصرفون "بمفردهم"، كما أعلن رئيسهم، ينوون وضع حدّ لتجارب بيونغ يانغ، الصاروخية والنووية. قليلاً ولا يعود السؤال "هل سيضرب الأميركيون كوريا الشمالية؟"، بل "متى سيضرب الأميركيون كوريا الشمالية؟". وعلى الرغم من إعلان الكوريين الشماليين استعدادهم للحرب، وأنهم سيقومون بردّ فعلٍ عنيف، إلا أن الثقة الأميركية بتحييد الصين من جهة، وعدم تحرّك روسيا من جهة أخرى، كفيلان بتحويل مجرى الأمور لصالحهم.
في سورية وأفغانستان، وغداً في كوريا الشمالية والعراق وليبيا، بدأ ترامب يتحول إلى مصدر إزعاج كبير للكرملين، وربما قد يؤدي ذلك إلى إبعاد الشبهات عنه حول تلقيه دعماً روسياً غير مباشر في الانتخابات الرئاسية. ماذا يعني ذلك؟ يعني أن ترامب قرّر تحدّي الجميع، خصوصاً روسيا، لإعادة "أميركا عظيمة مجدداً". ولم يعد بوتين الذي اعتاد اختيار اللحظة المناسبة لتوجيه ضرباته، قادراً على مجاراة ترامب، تحديداً في حال قرّر الردّ الفوري عليه. لم يعد في وسع الرئيس الروسي سوى انتظار انتهاء نظيره الأميركي من "مهماته" للردّ. وهو أمر سيُصعّب من عمل الروس، في حال أدّت تحركات ترامب إلى نتائج سريعة، لا تفسح المجال معها للكرملين سوى تقبّلها كمن يتجرّع السمّ، كي لا يصبح أي ردّ لاحق بمثابة "اعتداء على أميركا"، وهو أمر تحاشاه بوتين طويلاً، منذ انتخابه رئيساً للمرة الأولى عام 2000. بالتالي، إذا قرّر "القيصر" الردّ، فلن يكون ذلك سوى في الحديقة الخلفية السابقة للاتحاد السوفييتي. روسيا قوية برئيسها لا بنظامها، وأميركا قوية بنظامها أياً كان رئيسها. هذا هو الفرق بين ترامب وبوتين.
من "صفر إلى بطل". هكذا تحوّل ترامب في الأسابيع الأخيرة. كان الرجل "عنصرياً بغيضاً يقارع العرب والمسلمين"، وأصبح فجأة "البطل الذي يريد إنقاذ العالم من الشرور، وإنقاذ الأطفال"، لدى من كانوا من كارهيه وأصبحوا من مؤيديه. في هذه اللحظة، تحوّل أيضاً "من بطل إلى صفر" لدى من كان يناصره ثم انقلب عليه. في الحالتين، كرّس ترامب نفسه، عدا عن كونه رئيس الولايات المتحدة، سارقاً للأضواء في كل ما يفعله.
وإذا كان الروسي بوتين قد "تبنّى" ترشيح ترامب في أواخر عام 2015، أي قبل انطلاق الحملة الرئاسية الأميركية، في فبراير /شباط 2016، فإنه وجد نفسه محاصراً في هذا الترشيح. فترامب قصف مطار الشعيرات السوري، الأسبوع الماضي، داخلاً شريكاً أساسياً في صنع مستقبل سورية، بمعزل عن الإيراني والتركي والروسي. يريد القول: "الأميركيون عادوا، وعليكم التعامل مع ذلك". حاول بوتين الحدّ من أثمان العودة الأميركية الصاخبة، عبر التلويح باتخاذ إجراءات عدة تتعلق بالعلاقة الأميركية ـ الروسية. لكن الأمر لم ينفع على ما يبدو.
يوم الخميس، ضرب ترامب مجدّداً، وهذه المرة عبر إلقاء الجيش الأميركي، قنبلة "جي بي يو 43" التي تزن 11 طناً، وتُعتبر "والدة كل القنابل"، في إقليم ننغارهار الأفغاني على الحدود مع باكستان. استهدفت القنبلة عناصر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، لكن توقيتها كان متزامناً مع انعقاد قمة أفغانية في روسيا، أمس الجمعة، تهدف إلى درس سبل محاربة التنظيم في أفغانستان، واستطراداً إحكام النفوذ الروسي في وسط آسيا، وصولاً إلى أفغانستان. عبر إلقاء القنبلة، وجّه ترامب رسالة واضحة لبوتين: "لن تعود إلى أفغانستان".
وإذا كان المسار الجغرافي والزمني الذي يخطّه ترامب سيفضي إلى كوريا الشمالية قريباً، فذلك يعني أن الأميركيين الذين سيتصرفون "بمفردهم"، كما أعلن رئيسهم، ينوون وضع حدّ لتجارب بيونغ يانغ، الصاروخية والنووية. قليلاً ولا يعود السؤال "هل سيضرب الأميركيون كوريا الشمالية؟"، بل "متى سيضرب الأميركيون كوريا الشمالية؟". وعلى الرغم من إعلان الكوريين الشماليين استعدادهم للحرب، وأنهم سيقومون بردّ فعلٍ عنيف، إلا أن الثقة الأميركية بتحييد الصين من جهة، وعدم تحرّك روسيا من جهة أخرى، كفيلان بتحويل مجرى الأمور لصالحهم.
في سورية وأفغانستان، وغداً في كوريا الشمالية والعراق وليبيا، بدأ ترامب يتحول إلى مصدر إزعاج كبير للكرملين، وربما قد يؤدي ذلك إلى إبعاد الشبهات عنه حول تلقيه دعماً روسياً غير مباشر في الانتخابات الرئاسية. ماذا يعني ذلك؟ يعني أن ترامب قرّر تحدّي الجميع، خصوصاً روسيا، لإعادة "أميركا عظيمة مجدداً". ولم يعد بوتين الذي اعتاد اختيار اللحظة المناسبة لتوجيه ضرباته، قادراً على مجاراة ترامب، تحديداً في حال قرّر الردّ الفوري عليه. لم يعد في وسع الرئيس الروسي سوى انتظار انتهاء نظيره الأميركي من "مهماته" للردّ. وهو أمر سيُصعّب من عمل الروس، في حال أدّت تحركات ترامب إلى نتائج سريعة، لا تفسح المجال معها للكرملين سوى تقبّلها كمن يتجرّع السمّ، كي لا يصبح أي ردّ لاحق بمثابة "اعتداء على أميركا"، وهو أمر تحاشاه بوتين طويلاً، منذ انتخابه رئيساً للمرة الأولى عام 2000. بالتالي، إذا قرّر "القيصر" الردّ، فلن يكون ذلك سوى في الحديقة الخلفية السابقة للاتحاد السوفييتي. روسيا قوية برئيسها لا بنظامها، وأميركا قوية بنظامها أياً كان رئيسها. هذا هو الفرق بين ترامب وبوتين.