13 نوفمبر 2024
ترامب يتحسّس رأسه
أعاد اتهام السلطات الأميركية المدير السابق لحملة دونالد ترامب الانتخابية، بول مانافورت، بالتآمر ضد الولايات المتحدة، إلى السطح النقاش بشأن مستقبل الرئيس الأميركي، وهو نقاش لم يتوقف قط منذ دخل أكثر رئيس أميركي إثارةً للجدل البيت الأبيض. لكن هذه المرة هناك أكثر من سبب يدفع إلى الاعتقاد بأن الأمور لن تقف عند أحد معاوني الرئيس. وما يجعل الأمر هذه المرة كذلك حجم الاتهامات الثقيلة التي وجهت إلى المدير السابق لحملة ترامب، ما دفع هذا الأخير إلى أن يأتي بردود فعل لا تليق بموقعه رئيسا، عندما هاجم المدّعي الخاص الذي يحقق في قضية التدخل الروسي المحتمل في الانتخابات الرئاسية الأميركية التي أوصلت ترامب إلى البيت الأبيض، ومطالبته بتوجيه التحقيق نحو الحزب الجمهوري، وهيلاري كلينتون، غريمته ومنافسته السابقة في السباق نحو الأبيض، وهو ما اعتبر محاولةً لتحويل الانتباه عن صلاته المزعومة بروسيا، وتدخلا من الرئيس الذي يمثل السلطة التنفيذية، في القضاء الذي يعتبر سلطة مستقلة في الولايات المتحدة الأميركية.
يشير رد فعل ترامب الغاضب والمنفلت إلى أن الرجل بات يتحسّس أن دائرة الشكوك أصبحت تضيق وتقترب منه، في وقت ترتفع فيه أصواتٌ كثيرة داخل الولايات المتحدة، تطالب بإعفائه، بما فيها أصوات مقرّبين منه، ولا تنقص كل هؤلاء الحجج التي تجعلهم يدفعون مطالبهم هذه في كل مناسبة وبدون مناسبة، فمنذ تولى ترامب رئاسة أميركا لم تتوقف التحقيقات التي تبحث في علاقة رجال الرئيس بالحكومة الروسية، ولا يبدو أنها ستنتهي مع الاتهامات الجديدة التي وجهت إلى رئيس حملته الانتخابية. وتقود هذه التحقيقات جهتان، هما لجنة تابعة للكونغرس ومحقق خاص معين من المدّعي العام، وكلاهما تسعيان إلى الحصول على أدلة توصل إلى ترامب، وربما قد تدينه، لكن هذه التحقيقات لم تصل حتى الآن إلى وجود خيط ناظم يؤدي مباشرة إلى الرئيس.
ما ثبت حتى الآن هو وجود تدخل روسي في الانتخابات الأميركية التي أوصلت ترامب إلى
البيت الأبيض، وهذا ما أكدته أجهزة أمنية ومخابراتية أميركية عديدة، توصلت إلى قناعة بأن الحكومة الروسية حاولت التأثير على نتائج الانتخابات، من خلال اختراق حاسوب اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي، عشية عقد الحزب مؤتمره لإعلان ترشيح كلينتون، ومن ثم اختراق الحاسوب الخاص برئيس حملة المرشحة الديمقراطية في تلك الانتخابات، وتسريب وثائقه إلى موقع ويكيليكس.
وما تبحث عنه التحقيقات التي لم تتوقف هو وجود الدليل الذي يؤكد وجود صلة تربط الرئيس مباشرة بهذا التدخل الذي يوصف في وسائل الإعلام الأميركية بـ "المؤامرة الكبرى". لذلك لم يقبل ترامب توجيه الاتهام إلى المدير السابق لحملته الانتخابية بالتآمر ضد الولايات المتحدة، لأنه يرى في ذلك اتهاما هو المقصود به في نهاية المطاف، ما دفعه إلى استنكار ما اعتبرها "حملة مطاردة" لرجاله، يدرك أنها تستهدفه، وتطلب رأسه.
المشكلة أن ترامب نفسه هو من يغذّي الشكوك التي تحوم حول العلاقة بين رجاله والحكومة الروسية، في دفاعه عنهم وتبرئته لهم، في تدخل واضح للتأثير على مسار البحث، كما أن نفيه المتكرّر أي تدخل روسي في انتخابات بلاده، فيما أكدت كل الأجهزة الأمنية التي تقع تحت إمرته وجود هذا التدخل، يبدو موقفا غريبا عندما يصدر عن رئيس دولة، يدافع عن تدخل دولة أخرى في شؤون بلاده. فكل هذه التصرفات غير المحسوبة وردود الأفعال المنفعلة الصادرة عن ترامب تجعل الشكوك تتناسل وتكبر حوله، وكلما تسقط رؤوس قريبة منه يبدأ بتحسّس رأسه، ونشر تغريداته الغاضبة التي لا تزيد سوى من ترسيخ الشكوك عن وجود علاقة (أو دور) له فيما جرى.
ويدرك ترامب أنه، في حالة وصول التحقيقات التي تقترب كل يوم أكثر فأكثر منه، إلى العثور
على دليل "إدانته"، فإن الأمر لن يتوقف فقط عند العزل والإعفاء من المنصب، وإنما قد يصل إلى المحاكمة بتهمة "الخيانة" والسجن في حالة الإدانة القضائية. ومقارنةً مع كل الفضائح والتحقيقات التي تعرّض لها رؤساء سابقون، منذ ريتشارد نيكسون إلى بيل كلينتون مرورا برونالد ريغان، يبدو أن مصير التحقيقات الجارية حاليا في أميركا قد تودي بالرئيس إلى أن يلاقي إما مصير نيكسون الذي انتهى بالعزل، أو مصير ريغان الذي نعرف كيف نجا بجلده من التهم التي كانت تلاحقه، بل ونجح في أن يحصل على ولاية ثانية على رأس الولاية المتحدة. لكن خلافا لترامب، وجد ريغان إلى جانبه آنذاك الحزب الجمهوري الذي وقف إلى جانبه وسانده ودافع عنه. أما ترامب فإنه يجد كل يوم نفسه وحيدا، معزولا حتى قبل أن يصدر قرار عزله، يطعنه حتى أقرب مساعديه الذين استقالوا أو طعنوا في قدراته العقلية. لذلك، عندما سيسقط لن يجد من يسنده، وإنما سنشهد تكالب أصحاب السكاكين التي يشحذها خصومه في الخفاء، في انتظار النيل منه عند أول سقوط مدوٍّ له.
يشير رد فعل ترامب الغاضب والمنفلت إلى أن الرجل بات يتحسّس أن دائرة الشكوك أصبحت تضيق وتقترب منه، في وقت ترتفع فيه أصواتٌ كثيرة داخل الولايات المتحدة، تطالب بإعفائه، بما فيها أصوات مقرّبين منه، ولا تنقص كل هؤلاء الحجج التي تجعلهم يدفعون مطالبهم هذه في كل مناسبة وبدون مناسبة، فمنذ تولى ترامب رئاسة أميركا لم تتوقف التحقيقات التي تبحث في علاقة رجال الرئيس بالحكومة الروسية، ولا يبدو أنها ستنتهي مع الاتهامات الجديدة التي وجهت إلى رئيس حملته الانتخابية. وتقود هذه التحقيقات جهتان، هما لجنة تابعة للكونغرس ومحقق خاص معين من المدّعي العام، وكلاهما تسعيان إلى الحصول على أدلة توصل إلى ترامب، وربما قد تدينه، لكن هذه التحقيقات لم تصل حتى الآن إلى وجود خيط ناظم يؤدي مباشرة إلى الرئيس.
ما ثبت حتى الآن هو وجود تدخل روسي في الانتخابات الأميركية التي أوصلت ترامب إلى
وما تبحث عنه التحقيقات التي لم تتوقف هو وجود الدليل الذي يؤكد وجود صلة تربط الرئيس مباشرة بهذا التدخل الذي يوصف في وسائل الإعلام الأميركية بـ "المؤامرة الكبرى". لذلك لم يقبل ترامب توجيه الاتهام إلى المدير السابق لحملته الانتخابية بالتآمر ضد الولايات المتحدة، لأنه يرى في ذلك اتهاما هو المقصود به في نهاية المطاف، ما دفعه إلى استنكار ما اعتبرها "حملة مطاردة" لرجاله، يدرك أنها تستهدفه، وتطلب رأسه.
المشكلة أن ترامب نفسه هو من يغذّي الشكوك التي تحوم حول العلاقة بين رجاله والحكومة الروسية، في دفاعه عنهم وتبرئته لهم، في تدخل واضح للتأثير على مسار البحث، كما أن نفيه المتكرّر أي تدخل روسي في انتخابات بلاده، فيما أكدت كل الأجهزة الأمنية التي تقع تحت إمرته وجود هذا التدخل، يبدو موقفا غريبا عندما يصدر عن رئيس دولة، يدافع عن تدخل دولة أخرى في شؤون بلاده. فكل هذه التصرفات غير المحسوبة وردود الأفعال المنفعلة الصادرة عن ترامب تجعل الشكوك تتناسل وتكبر حوله، وكلما تسقط رؤوس قريبة منه يبدأ بتحسّس رأسه، ونشر تغريداته الغاضبة التي لا تزيد سوى من ترسيخ الشكوك عن وجود علاقة (أو دور) له فيما جرى.
ويدرك ترامب أنه، في حالة وصول التحقيقات التي تقترب كل يوم أكثر فأكثر منه، إلى العثور