توالت ردود مرحبة، بإعلان نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية، وذلك عقب القمة التاريخية بين الزعيمين الكوري الشمالي كيم جونغ أون، والكوري الجنوبي مون جاي إن، رغم تحذير أميركي من استمرار إمكانية استخدام موقع تجارب نووية موجود تحت الأرض.
وجاء أول ردود الفعل، من بيونغ يانغ نفسها، إذ قالت وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية، اليوم السبت، إنّ "القمة بين الزعيمين الكوري الشمالي كيم جونغ أون، والكوري الجنوبي مون جاي إن، الجمعة، شكّلت لقاء تاريخياً مهّد الطريق لبداية حقبة جديدة".
وأضافت الوكالة، بحسب ما ذكرت "فرانس برس"، "لقد كان لقاء تاريخياً فتح حقبة جديدة للمصالحة الوطنية والوحدة والسلام والازدهار".
ونشرت الوكالة الرسمية، النص الكامل لإعلان بانمونغوم الذي وقّعه كيم ومون في نهاية القمة. وفي هذه الوثيقة، أكد الزعيم الكوري الشمالي ورئيس كوريا الجنوبية "الهدف المشترك المتمثل في (جعل) شبه جزيرة كورية خالية من الأسلحة النووية من خلال نزع السلاح النووي بالكامل".
وعقب ترحيب الولايات المتحدة بالقمة، قال وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، إنّ الولايات المتحدة مستعدة لأن تبحث مع الحلفاء وكوريا الشمالية سحب قواتها من شبه الجزيرة الكورية، في إطار مفاوضات معاهدة السلام.
وأضاف ماتيس، في حديث للصحافيين، أنّه "ستكون مسألة انسحاب القوات الأميركية من كوريا الجنوبية بين القضايا التي سنناقشها خلال المفاوضات مع حلفائنا، وبالطبع مع كوريا الشمالية".
وأعرب ماتيس عن تفاؤله بحل الأزمة الكورية، وقال: "ليست لدي كرة بلورية سحرية للتبصير، ولكننا متفائلون الآن، لأن هناك فرصة لم تكن موجودة منذ 1950".
وبشأن احتمال إبرام معاهدة السلام بين الكوريتين، حذّر ماتيس من طرح شروط مسبقة، وقال: "أعتقد أنّ علينا الآن متابعة تطور الأحداث والتفاوض وعدم محاولة طرح شروط مسبقة أو بناء افتراضات حول كيفية حدوث ذلك، هذا العمل متروك حالياً للدبلوماسيين".
والقوات الأميركية موجودة على أراضي كوريا الجنوبية منذ خمسينيات القرن الماضي، وانتهاء الحرب الكورية، ويبلغ تعدادها حالياً 28.500 فرد يتمركزون جنوبي البلاد.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أشاد، الجمعة، بلقاء زعيمي الكوريتين، لكنّه شكّك في طول مدة صمود الدبلوماسية الإيجابية.
وفي الوقت عينه، قال مسؤولون في المخابرات الأميركية، الجمعة، إنّ موقع التجارب النووية الموجود تحت الأرض، والذي تعهدت كوريا الشمالية بإغلاقه، مازال يمكن استخدامه، على الرغم من الأضرار التي لحقت به خلال تفجير سابق، وإنّه يمكن العدول عن إغلاقه بسهولة.
وقال مسؤول في المخابرات، شريطة عدم نشر اسمه، لـ"رويترز"، بسبب حساسية القضية، إنّه "ليس هناك ما يدعو إلى استنتاج أن موقع بونغي-ري لم يعد يعمل".
ويبدو أنّ تصريحات مسؤولي المخابرات الأميركية تتعارض مع تقارير أكاديمية ظهرت، في الآونة الأخيرة، وأشارت إلى احتمال أنّ الموقع لم يعد صالحاً للاستخدام، بسبب تجربة نووية أُجريت، في سبتمبر/أيلول.
وأجرت كوريا الشمالية، كل تجاربها النووية الست في موقع بونغي-ري، الذي يتألف من شبكات أنفاق حُفرت تحت جبل مانتاب في شمال شرق البلاد.
ووجدت تقارير أكاديمية، في الآونة الأخيرة، أنّ تفجيراً، في سبتمبر/أيلول الماضي، لما وصفته كوريا الشمالية باختبار ناجح لقنبلة هيدروجينية كان ضخماً جداً، إلى حد أنّه أدى إلى انهيار داخل الجبل، أدى إلى جعل الموقع بأكمله غير صالح من الناحية الجيولوجية لاستخدامه في تجارب أخرى.
من جهتها، رحّبت إيران، اليوم السبت، بالقمة التاريخية بين الزعيمين الكوريين، لكنها اعتبرت، في المقابل، أنّ الولايات المتحدة "غير مؤهلة" للعب دور في التقارب بين البلدين.
وصرّح المتحدث باسم وزارة الخارجية، بهرام قاسمي، بأنّ "الجمهورية الإسلامية الإيرانية ترى أنّ المرحلة الجديدة والتاريخية للحد من التوتر في شبه الجزيرة الكورية، ينبغي أن تستمر بصورة واعية وثنائية من دون تدخل وتحريض الدول العالمية".
وأضاف قاسمي أنّ "تجربة الـ40 سنة لجمهورية إيران الإسلامية، لا سيما تجربتها الأخيرة في موضوع الاتفاق النووي، تظهر أنّ الإدارة الأميركية ليست جهة موثوقة ولا تلتزم بتعهداتها الدولية، إذن لا تؤهل للمشاركة في تحديد المعادلات والترتيبات بين البلدين".
وتابع قاسمي أنّ الميل في السياسة الأميركية نحو عدم الالتزام بالتعهدات الدولية "تفاقم في السنوات الأخيرة وفي حكومة ترامب عن السابق".
ويلوّح ترامب بأنّه سيتخلّى، في 12 مايو/أيار المقبل، عن الاتفاق النووي، الموقع في يوليو/تموز 2015 بين إيران والدول العظمى (الصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا وألمانيا).
وفي المواقف، قال إسرائيل كاتس، وزير المخابرات والنقل الإسرائيلي، إنّ تعهد زعيمي الكوريتين بالعمل على إخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية، يجب أن يعطي الرئيس الأميركي دفعة أقوى لإعادة التفاوض بشأن الاتفاق النووي الإيراني.
وقال كاتس، في مقابلة مع "رويترز"، إنّ "مثل هذا التطور إذا تم تطبيقه قد يكون له تأثير أكبر على تقليل خطر حدوث سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط".
وأضاف "أعتقد أنّه سيكون أمراً طيباً للغاية إذا أنهى الكوريون الشماليون النشاط والقدرات النووية وخرجوا منها. سيكون أمراً طيباً أيضاً لمنطقتنا لأنّ هناك صلة".
واعتبر الوزير الإسرائيلي، أنّ الصلة بين إيران وكوريا الشمالية تتعلق بتكنولوجيا الصواريخ. وقال "نعم أعتقد أنّ هناك تعاوناً يتعلق بتطوير الصواريخ الباليستية. ولدينا الأدلة. لدينا أدلة كثيرة"، من دون أن يذكر تفاصيل أخرى عن هذه الأدلة.
وتعتبر روسيا والصين وألمانيا وبريطانيا وفرنسا، التي وقّعت كلها الاتفاق مع إيران والولايات المتحدة، أنّ هذا الاتفاق أفضل وسيلة لمنع إيران من صنع قنبلة نووية.
(العربي الجديد)