وجاء ذلك في معرض استفسار "العربي الجديد" حول معلومات أوردتها وسائل إعلام سورية معارضة مساء أمس الأربعاء، قالت إن "الدفعة الأولى من الشرطة المدنية (السورية - التركية) وصلت إلى نقطة مورك التركية قبل يومين بعد جولة في مدينة خان شيخون برفقة القوات التركية".
وأضافت المعلومات أن "الدفعة مؤلفة من 150 شخصاً خضعوا لتدريب مكثّف خلال 15 يوماً من شهر رمضان داخل الأراضي التركية، ثم التحقوا بالعمل كشرطة مدنية ستكون لاحقاً مناوبة في المخافر على الطرق الدولية، وخصوصاً M4 وM5، بحسب اتفاق موسكو الأخير"، وأن الدفعة الثانية ستصل خلال عشرة أيام أيضاً.
في المقابل، نفى مروان النحاس، رئيس المكتب السياسي لـ"الجبهة الوطنية للتحرير"، أحد تشكيلات المعارضة السورية المقربة من تركيا، أن تكون قوات من الشرطة المدنية التابعة للمعارضة قد دخلت برفقة قوات شرطة مدنية تركية إلى النقطة العسكرية التركية في مورك شمالي حماه وجنوب إدلب.
وجاء نَفي النحاس خلال اتصال مع "العربي الجديد"، مشيراً إلى أنه قد تكون قوات من الشرطة التركية قد دخلت، مبرزاً أن ذلك يبقى "مجرد تخمين في حال تأكُّد دخول قوات شرطة فعلاً إلى نقطة مورك".
ونقطة مورك آخر نقطة (من جهة الجنوب) في "منطقة خفض التصعيد" (إدلب وما حولها)، وهي من النقاط العسكرية التركية الـ12 المنتشرة بموجب تفاهمات أستانة في أيار/ مايو 2017، التي تعرضت لمحاصرة قوات النظام صيف العام الماضي، بعد تقدم القوات الأخيرة بدعم روسي وإيراني، ما أدى إلى قضم مساحات واسعة من "منطقة خفض التصعيد" لمصلحة النظام وحلفائه، وحصار عدد من النقاط التركية، حيث تطالب تركيا قوات النظام بالانسحاب من كامل المنطقة تطبيقاً لاتفاق سوتشي وحدوده الجغرافية، الموقع بين الرئيسين الروسي والتركي في أيلول/ سبتمبر 2019، ما سيمكّن تركيا من إعادة نحو 1.7 نازح، اضطروا إلى مغادرة منازلهم جراء المعارك الأخير وسيطرة قوات النظام على مدنهم وقراهم.
الشرطة التركية في مورك
من جهة أخرى، أكد مصدر سياسي تركي مقرب من الحكومة، فضّل عدم الكشف عن اسمه في حديث مع "العربي الجديد"، أن قوات من الشرطة التركية قد وصلت فعلاً إلى نقطة مورك للتموضع هناك، دون أن يكون لديها مهمات تسيير دوريات في الوقت الحالي، ودون وجود عناصر سوريين بين تلك القوات. لكنه أشار إلى أن "تركيا تحضّر هذه القوات من الآن تمهيداً لتنفيذ مهماتها الرئيسية في حفظ الأمن في المناطق الجنوبية من "خفض التصعيد" بعد انسحاب قوات النظام بناءً على اتفاق سوتشي، وهذا ما يُعمَل عليه بالمشاركة مع روسيا"، بحسبه.
وأضاف المصدر: "بخصوص الاتفاق الروسي – التركي الأخير المبرم في مارس/ آذار الماضي، فقد اعتُمد طريق حلب - اللاذقية الدولي (أم 4) بأنه الحدود الرسمية للمنطقة الآمنة، من شمال الطريق وحتى الحدود السورية – التركية، ما يعني أن شمال الطريق هو ضمن نطاق النفوذ والحماية التركية، وجنوبه تحت النفوذ والحماية الروسية حالياً، وبناءً على ذلك عُزِّز الوجود العسكري التركي بالقرب وعلى جانبي الطريق المذكور، بالإضافة إلى تسيير دوريات روسية – تركية على امتداد الطريق، واليوم وصلنا إلى الدورية رقم 13 التي سُيّرت على هذا الطريق".
لكن المصدر أشار أيضاً إلى بقاء الضغط التركي مستمراً لانسحاب النظام من جنوب طريق الـ(أم 4)، ما يساهم بفك الحصار عن النقاط التركية من مورك إلى خان شيخون ومحيط معرة النعمان، وصولاً إلى سراقب، وهي مناطق يمتد فيها طريق حلب – دمشق الدولي "أم 5"، مؤكداً أن "المفاوضات لا تزال مستمرة بين روسيا وتركيا لإجبار النظام على الانسحاب من هذه المناطق وإلى خلف نقاط المراقبة التركية، ومن ثم تسيير دوريات شرطة تركية في تلك المناطق، وعلى امتداد الطريق الدولي "أم 5" لضمان الأمن بعد انسحاب قوات النظام، لكن إلى الآن لا يوجد عمل لهذه القوات".
أبرز المصدر، كذلك، أنّ "من المتوقع أن يُلزَم النظام بالانسحاب خلال الأشهر القليلة القادمة إلى ما وراء النقاط التركية التي بقيت في مكانها، بالرغم من تقدم النظام إليها، لتأكيد أحقيتها في حماية المساحات التي توجد فيها بناءً على الاتفاقات السابقة، ومنها اتفاق سوتشي الملزم للأطراف، واتفاق موسكو الأخير هو بناء على اتفاق سوتشي وليس اتفاقاً مستقلاً، وعند انسحاب النظام ستخضع هذه المناطق للإدارة المدنية، وستشكل حدودها الحدود الجديدة للمنطقة الآمنة تحت النفوذ التركي بالحماية العسكرية، ومتابعة النشاط المدني والإدارة تحت إشراف الحكومة التركية، كما في مناطق (درع الفرات) و(غصن الزيتون)، وإدلب ستكون المنطقة الآمنة لعملية (درع الربيع)".
ويطالب آلاف المدنيين الذين نزحوا من جنوب وشرق "منطقة خفض التصعيد"، التي تضم كامل محافظة إدلب، وأجزاءً من أرياف حماه الشمالي والغربي، وريف حلب الجنوبي والغربي، وريف اللاذقية الشرقي، الحكومة التركية وفصائل المعارضة المقربة منها بتنفيذ إعادتهم إلى مدنهم وقراهم بحسب اتفاق سوتشي وتطبيقاً لحدوده، بعد معاناة طويلة جراء النزوح وفقدان الدخل وانخفاض مستوى المعيشة في المخيمات والأماكن التي نزحوا إليها وسط المحافظة وشماليّها.
وكانت تركيا قد نشرت 12 نقطة مراقبة حوالي "منطقة خفض التصعيد" (إدلب وما حولها) بموجب تفاهمات أستانة في مايو/ أيار 2017، بين الضامنين الثلاثة (روسيا، تركيا، إيران)، وعززت أحقيتها بفرض نفوذها على المنطقة باتفاق سوتشي بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين الموقع في سبتمبر/ أيلول 2018، إلا أن قوات النظام، بدعم روسي وإيراني، ضربت بالاتفاقين عرض الحائط وشنت عمليات عسكرية متقطعة بدأت منذ نيسان إبريل/ نيسان 2019، وقضمت مساحات واسعة من المنطقة، ولا سيما ريفي حماه الغربي والشمالي، وإدلب الشرقي والجنوبي، وحلب الجنوبي والغربي، ما أدى إلى نزوح أكثر من نحو 1.7 مليون مدني بعدما سيطرت قوات النظام على مدنهم وقراهم.
وكان تقدم النظام في مراحله الأخيرة من المعارك قد دفع تركيا إلى تعزيز وجودها العسكري في إدلب بنحو 40 نقطة عسكرية إضافية والزج بالآلاف من الجنود والمعدات العسكرية إلى إدلب، ومن ثم شن عملية عسكرية "درع الربيع" لإيقاف تقدم قوات النظام في نهاية شباط/ فبراير الماضي، بعد مقتل جنود لها في إدلب، وهددت النظام بالانسحاب من كامل "منطقة خفض التصعيد"، إلا أن المعارك توقفت في السادس من مارس/ آذار بعد إبرام الاتفاق التركي – الروسي في موسكو، دون انسحاب النظام وحل مشكلة النازحين.