ولفت أردوغان خلال حفل افتتاح مشاريع خدمية بالعاصمة التركية، أمس أنه "من الطبيعي أن ينزعج الروم (القبارصة اليونانيين) من أنشطتنا في المتوسط، لكن الغريب هو موقف حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض لتلك الأنشطة"، مؤكداً أن الجمهورية التركية "لن تتوانى عن الدفاع عن حقوقها وحقوق أشقائها في الشمال القبرصي في موارد الطاقة".
وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو اليوم الخميس إن بلاده ستبدأ التنقيب عن النفط والغاز قرب قبرص في الأيام المقبلة".
وأضاف: "لندع أولئك الذين حضروا إلى المنطقة من بعيد، وشركاتهم، يرون ألا شيء يمكن أن يحدث في تلك المنطقة دوننا. لا يُمكن القيام بأي شيء في البحر المتوسط دون تركيا، لن نسمح بذلك".
وكانت سفينة "الفاتح" التركية قد أبحرت، في أكتوبر/تشرين الثاني الماضي، للقيام بأول عملية تنقيب في المياه العميقة في المتوسط بسفينة محلية الصنع، ما اعتبره مراقبون وقتذاك، تحدياً وخطوة في حملة تتريك قطاع الطاقة.
ويرى مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في إسطنبول، محمد كامل ديميريل، أن موقف تركيا واضح وحاسم بشأن حقوقها وحقوق قبرص التركية بالغاز، ويعرف الذين يحاولون إقصاءها، أن تركيا وصلت سابقاً لدرجة الاصطدام مع سفينة تنقيب إيطالية لولا انسحابها.
ويضيف ديميريل لـ"العربي الجديد" أن أنقرة تنقب عن الطاقة شرق المتوسط وترسم حدودها، بل ولا يمكن أن يكون هناك توافقات أو الاعتراف بالحدود دون تركيا أو قبرص الشمالية وما لها من حصص بالغاز الطبيعي. كاشفاً أن قضية الطاقة مهمة لتركيا ولا يمكن أن يتم أي شيء دون موافقتها وحقوقها وحقوق قبرص التركية وذلك سياسة معلنة من الحكومة التركية ورئيس الجمهورية ذاته.
ويكشف مدير مركز الدراسات بإسطنبول، أن سفينة ثانية ستنضم قريباً لـ"الفاتح" ليتم التنقيب عن النفط على عمق 2600 متر، ولتبدأ مرحلة جديدة في تاريخ الطاقة التركي، أي التنقيب عن النفط بسفن محلية وطاقم مهندسين محليين في المياه العميقة، مبيناً أن حجم الاستثمارات النفطية ستبلغ 10 مليارات دولار بحلول 2023، وستؤمن حوالي 30 مليار دولار بحلول 2033".
كان وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، فاتح دونماز، قد أكد قبل أيام، أن عمليات الحفر والتنقيب في البحر المتوسط قبالة ولاية أنطاليا، وصلت إلى عمق 4 آلاف و300 مترا، مشيراً إلى استهداف عمق 5 آلاف و500 مترا.
وتشير نتائج مسوحات جيولوجية جرت في مطلع الألفية الثانية إلى أن حوض دول البحر المتوسط يحتوي احتياطات ضخمة من الغاز والنفط، ووفق تقديرات هيئة المساحة الجيولوجية الأميركية والشركات العاملة في التنقيب عن الغاز في شرق البحر المتوسط، فإن المنطقة تعوم فوق بحيرة من الغاز تكفي لسد حاجة الأسواق الأوروبية لمدة ثلاثين عاما والعالم لمدة عام واحد على الأقل.
وتقع هذه البحيرة داخل الحدود البحرية الإقليمية لست دول هي تركيا وقبرص ولبنان ومصر وسورية والأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك قطاع غزة.
وتتفاوت تقديرات حجم الغاز في المنطقة، حيث قدّرت الوكالة الأميركية، في تقرير سابق، احتياطي هذا الحوض من النفط بـ7.1 مليارات برميل، ومن الغاز بـ 122 تريليون قدم. وبهذا الاحتياطي من الغاز فإن هذا الحوض يعدّ من أهم أحواض الغاز في العالم.
وتدير شركات نفط عالمية عمليات التنقيب عن النفط والغاز في حوض شرق المتوسط، وأبرزها شركة "إيني" الإيطاليّة في مصر وقبرص، و"توتال" الفرنسيّة في قبرص، وائتلاف "نوبيل إنيرجي" الأميركية مع شركة "ديليك" الإسرائيليّة، الذي كان يحتكر حقول الغاز في فلسطين المحتلة، وائتلاف شركة "توتال" الفرنسية، "إيني" الإيطالية و"نوفاتك" الروسية في لبنان.
ويعتبر الغاز في شرق منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط مهماً لأسباب عدة، منها، الأهمية الجيوبوليتيكية للمنطقة الأوسع التي يقع فيها وهي منطقة الشرق الأوسط التي تضم حوالي 47% من احتياطي النفط و41% من احتياطي الغاز في العالم. وزاد من أهميتها انفتاح البحر المتوسط على تقاطع آسيا وأوروبا وأفريقيا، واتصاله بطرق التجارة العالمية عبر مضائق السويس والبوسفور وجبل طارق.