يعقد حزب "العدالة والتنمية" التركي، مؤتمره غير الاعتيادي الخامس، اليوم السبت، وذلك على وقع المعارك بين قوات الأمن التركية وحزب "العمال الكردستاني" في المناطق الشرقية من البلاد، وبالذات في مدينة جيزرة (جزيرة بوطان)، التي باتت تواجه كارثة إنسانية بعد أكثر من أسبوع على حظر التجوال في المدينة، أعلنت السلطات التركية أنها سترفعه اليوم، بينما تتجهّز مختلف الأحزاب التركية للانتخابات البرلمانية المقبلة في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
وسيقوم مندوبو الحزب، الذين يبلغ عددهم 1400 شخص، بانتخاب اللجنة المركزية أو "المجلس المركزي للقيادة واتخاذ القرار"، والذي يتكوّن من خمسين عضواً دائماً، و25 عضواً في قائمة الاحتياط.
وعلمت "العربي الجديد" أن خلافاً كان قائماً بين كل من زعيم الحزب رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، وزعيمه المؤسس رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، حول عدد من المواضيع، منها قائمة الأسماء التي ستتشكّل منها اللجنة المركزية.
وكان داود أوغلو قد قدّم لأردوغان، يوم الأربعاء الماضي، قائمة الأسماء التي ستتشكّل منها اللجنة المركزية، إلا أن الرئيس التركي رفض المصادقة على هذه القائمة. وعلمت "العربي الجديد" من مصادر مقرّبة من "العدالة والتنمية"، رفضت الكشف عن اسمها، أن قائمة داود أوغلو كانت مليئة بالأسماء المقرّبة منه، من دون أن تحتوي على الشخصيات المؤسسة للحزب أو "شيوخ العدالة والتنمية". وازداد الخلاف بين الرئيس التركي ورئيس الوزراء، عندما أصرّ داود أوغلو على قائمته، فقام بينالي يلدرم بالترويج لفكرة ترشحه لقيادة الحزب في وجه داود أوغلو لزيادة الضغط على الأخير، الأمر الذي لم يكن ليتم لولا موافقة أردوغان.
لم يدم الخلاف وقتاً طويلاً، حتى اجتمع داود أوغلو وأردوغان صباح الخميس، في مقر إقامة الأخير، وعلمت "العربي الجديد" بأنه تم التوافق على تعديل القائمة، وإبقاء اسم داود أوغلو مرشحاً وحيداً لرئاسة الحزب، بينما سيكون يلدرم أحد أعضاء اللجنة المركزية. وبحسب القواعد الداخلية لـ"العدالة والتنمية"، فإنه يحق لأي شخص يستطيع الحصول على تأييد 20 في المائة من المندوبين أن يترشح لرئاسة الحزب.
وهذه ليست المرة الأولى التي يتم خلالها تداول اسم يلدرم، بل كان أحد الأسماء المقترحة لتسلّم منصب رئاسة الحزب في أغسطس/ آب من العام الماضي، قبل أن يتم حسم الأمر ويتسلّم داود أوغلو المنصب، إثر انتخاب أردوغان رئيساً للجمهورية.
اقرأ أيضاً: "العدالة والتنمية" يستميل اليمينَيْن الكردي والتركي للانتخابات المقبلة
وعلى الرغم من إلغاء قاعدة الثلاث دورات في الحزب، بسبب أهمية الانتخابات المقبلة، إلا أن عدداً من أبرز قيادات الحزب من بين المؤسسين أو الشيوخ، سيخرجون من اللجنة المركزية، من بينهم نائب رئيس الحزب بولنت أرينج الذي أعلن اعتزاله للسياسة، وأيضاً نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية علي باباجان، بينما من المتوقع أن يستمر في عضوية اللجنة المركزية كل من نائب رئيس الحزب محمد علي شاهين، ورئيس البرلمان السابق جميل جيجك.
ومن المتوقّع أن يستمر نعمان كورتولموش في موقع نائب رئيس الحزب، كما سيبقى في اللجنة المركزية أيضاً كل من نائبي رئيس الوزراء يالجن أكدوغان وجودت يلماز، ووزير الداخلية الأسبق إفكان آلا، ووزير الاقتصاد نهاد زيبكجي، ووزير الاتصالات السابق لطفي علوان، ووزير الخارجية مولود جاويش أوغلو.
في غضون ذلك، أعلن حاكم ولاية شرناق علي احسان شو في تصريح أن الحظر الذي كان مفروضاً على مدينة جيزرة التي يسكنها ما يقارب المئة ألف مواطن، سيتم رفعه اليوم السبت، بعدما بدأت مخاوف تنتشر على حياة المدنيين فيها.
وكانت قوات الأمن التركية منعت الهيئة التابعة لحزب "الشعوب الديمقراطي" (ذي الأغلبية الكردية) من الدخول إلى جيزرة، ما دفع رئيس المجلس الأوروبي لحقوق الإنسان نيلز موزينكس، للدعوة إلى السماح لمراقبين مستقلين بالدخول إلى المدينة، بما في ذلك ممثلين عن المنظمات الوطنية التركية العاملة في مجال حقوق الإنسان، "من أجل تبديد الشائعات التي تتحدث عن قيام قوات الأمن التركية بانتهاكات لحقوق الإنسان".
يأتي هذا، بينما يشهد اليمين التركي محاولات مختلفة لتشكيل تحالفات بين أحزابه الأربعة، على رأسها التحالف بين "العدالة والتنمية" وحزب "السعادة"، وأيضاً تشكيل جبهة قومية بين كل من حزب "الحركة القومية" (يميني متطرف) وحزب "الاتحاد الكبير" (أحد الانشقاقات عن الحركة القومية).
وكلّف داود أوغلو وزير العمل السابق فاروق جيلك، بقيادة المفاوضات مع أحد قياديي حزب "السعادة". وعلمت "العربي الجديد" أن الأخير طالب بعشرين مقعداً نيابياً، رداً على عرض "العدالة والتنمية" عليه 7 مقاعد برلمانية، الأمر الذي أكده القيادي في حزب "السعادة" أوغوز أصيلتورك، قائلاً: "نحن ننتظر قرار العدالة والتنمية. إنْ رفضتم عرضنا، سندخل الانتخابات البرلمانية لوحدنا". ومن المتوقع أن يتخذ "العدالة والتنمية" القرار بشأن عرض "السعادة" خلال مؤتمره اليوم.
اقرأ أيضاً: الأحزاب التركية "تستثمر" التوتر الأمني انتخابياً