وتباينت ردود الفعل بشأن هذه الخطوة غير المتوقعة من عبد المهدي، فما بين مستهزئ بها ومقلل من أهميتها، عدّها آخرون مجرد حملة دعائية ليس إلّا، بينما أكد مسؤولون أنّ المرشحين المستقلين ستكون لهم حصة بسيطة في الحقائب الوزارية.
وقال مسؤول قريب من مكتب عبد المهدي، لـ"العربي الجديد"، إنّه "منذ الثامنة من صباح اليوم، الثلاثاء، وحتى الآن، وصلتنا عبر الموقع الإلكتروني الذي خُصص للتقديم للمناصب الوزارية، عشرات من السير الذاتية من قبل مستقلين"، مبيّناً أنّ "أغلب السير هي لأساتذة جامعيين، وأطباء، ومهندسين، وذوي اختصاصات وخبرات عالية".
وأوضح المسؤول الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، أنّ "لجاناً خاصة بدأت بترتيب الملفات للمتقدمين، ومن ثم ستُعرض على خبراء قانونيين لمطابقتها مع الشروط الدستورية والقانونية التي يجب توافرها في المرشح لمنصب الوزير"، موضحاً أنّه "بعد المطابقة، سيتم إهمال الملفات غير المطابقة للشروط، ومن ثم رفع المطابقة للشروط إلى اللجان العليا للنظر فيها، وتحديد الأكفأ والأصلح من المتقدّمين لاختيارهم كوزراء".
وأشار إلى أنّ "هناك ضوابط معينة للتنافس بين المرشحين، تتعلّق بالخبرة والسمعة الوطنية، والبحوث الخاصة، والترقيات، والمناصب المشغولة بالنسبة للمرشح"، مؤكداً أنّ "كل ذلك سيحتسب على شكل نقاط ليتم التنافس بعدد النقاط بين المتقدمين، ويتم اختيار الأصلح منهم".
وأكد أنّ "عملية التقديم ستستمر حتى الرابعة من عصر الخميس، ومن ثم سيُغلق التقديم، وستُحسم الأسماء المتنافسة خلال يومين أو ثلاثة".
ووسط هذه الآراء المتضاربة، يؤكد مسؤولون أنّ هناك فرصة لتولّي المرشحين المستقلين بعض الوزارات الثانوية، في ظل استمرار التنافس المحموم من قبل الكتل السياسية على الحقائب الوزارية.
وقال نائب عن تحالف "البناء"، لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، إنّ "الحديث عن حكومة تشكّل من قبل تكنوقراط مستقلين مبالغ فيه، إذ إنّ عبد المهدي الذي يحتاج إلى ثقة الكتل السياسية، لا يستطيع كسب الثقة لحكومته إلّا من خلال إرضاء تلك الكتل ومنحها وزارات مهمة"، مبيّناً أنّ "الكتل السياسية ستحصل على ما لا يقل عن 85 بالمائة من وزارات حكومة عبد المهدي".
وأضاف النائب أنّ "الأفق المفتوح لعبد المهدي سيكون بنسبة 15 بالمائة فقط من حقائب حكومته، وهي التي قد يشغلها المرشحون المستقلون من خلال نافذة التقديم الإلكتروني".
ووسط تباين الآراء بشأن خطوة عبد المهدي، سخر الخبير والباحث السياسي هشام الهاشمي، من هذه الخطوة، وقال "تنتابني نوبة من الضحك من إعلان تسنم الوزارة سيكون بعد ترشح إلكتروني".
وأكد أنّ "من يريد أن يؤسس لحكومة مؤسسات تثبت جدارتها، ينبغي عليه ألا يبحث عن طشّات (دعايات) على منصات التواصل الاجتماعي، فالرائد لا يكذب أهله"، معتبراً أنّ "عبد المهدي قد تورّط مع مستشار مجنون، أو أنّ الأمر جد مضحك".
بينما رأى الخبير السياسي ماجد العباسي أنّ "خطوة عبد المهدي تدلل على عدم خبرته السياسية".
وقال العباسي، لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، إنّ "تصرفات عبد المهدي، حتى الآن، لا تدلل على شخصية قادرة على إدارة الدولة في مرحلة حساسة، وأنّه ليس من المعقول خلال مهلة شهر واحد، انقضى ثلثها، سيتمكّن عبد المهدي من تشكيل حكومة من مرشحين عبر الإنترنت، بحيث تكون المعلومات وشهادات الخبرات والتزكيات كافية لهؤلاء".
ورأى أنّ "هذه الخطوة قد تكون مجرد حملة إعلامية، وإلّا فإنها تؤشر من الآن على فشل عبد المهدي بقيادة الحكومة المقبلة".
من جهتهم، يقول مرشحون للحقائب الوزارية إنّهم يأملون بأن يحالفهم "الحظ" في الحصول على الحقائب الوزارية.
وقال أحد المتقدّمين للحقائب الوزارية، لـ"العربي الجديد": "لا يوجد أمل كبير بحصولنا على الحقائب التي تقدّمنا لها وسط صراع الأحزاب، لكنّنا رشحنا أنفسنا ونأمل بأن يحالفنا الحظ بذلك، كما حالف عبد المهدي"، مؤكداً "نأمل بأن يكون لنا دور في بناء مؤسسات الدولة التي خرّبتها الأحزاب على مدى 15 عاماً".
وكان عبد المهدي قد أعلن، أمس الإثنين، عن فتح باب الترشح للحقائب الوزارية عبر موقع إلكتروني خاص، على أن يتضمن الترشيح السير الذاتية، وما يبرهن استيفاء الشروط الوارد ذكرها في الدستور والقوانين النافذة. وسيغلق باب التقديم عند الرابعة من عصر يوم الخميس، في 11 أكتوبر/تشرين الأول الحالي.
يُشار إلى أنّ العرف المتبع في العراق بعد العام 2003، هو تقاسم الحقائب الوزارية بين أحزاب السلطة، بحسب ما تحصل عليه من نتائج في الانتخابات البرلمانية.