وأقرّت اللجنة البرلمانية الخاصة، خلال اجتماعها أمس الاثنين، أنّ "الحكومة التونسية لم تتعامل مع ملف التونسيين العالقين في الخارج بالجدية اللازمة"، وأعلن أعضاؤها الشروع في تكوين لجنة للنظر في مختلف الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في العلاقة بالتونسيين بالخارج منذ بدء جائحة كورونا إلى حد الساعة، والوقوف على مواطن الإخلالات ومساءلة المقصرين.
واعتبر أعضاء اللجنة أنه برغم إجلاء السلطات التونسية آلاف المواطنين بالخارج، إلاّ أن عددا هاما منهم ما زال عالقاً، خاصة في عدد من الدول الأفريقية ومنطقة الشرق الأوسط، مؤكدين أن تكلفة العودة "تتجاوز بكثير الإمكانيات المالية للجالية بالخارج، خاصة في الوضع الاقتصادي العالمي الصعب". وندد أعضاء اللجنة، حتى من نواب الائتلاف الحكومي، بعدم تجاوب الحكومة مع مقترحات وطلبات لجنة شؤون التونسيين بالخارج في ما يخص العالقين، مؤكدين تنظيمهم ندوة صحافية لكشف تقصير الحكومة في تعاملها مع ملف العالقين بالخارج، تزامنا مع أزمة فيروس كورونا.
من جهته، قال وزير الشؤون الخارجية نور الدين الري أمام اللجنة البرلمانية، السبت، إن "ما قامت به الدولة التونسية في ملف الإجلاء، رغم محدودية الإمكانيات البشرية والمادية والإكراهات اللوجستية، لم تقم به أكبر دول العالم".
وأضاف الري في جلسة استماع، أمام لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية بمجلس نواب الشعب، أنه "بالرغم من ضعف إمكانيات الدولة، فإنّه تم تقديم مساعدات مالية كبرى للعالقين" مشيرا إلى أنه "كانت هناك عمليات ناجحة للمد التضامني قام بها تونسيون ورجال أعمال وجمعيات مجتمع مدني".
وفي السياق، توجه النائب عن حزب النهضة وعضو مجلس الشعب عن دائرة الدول العربية وبقية دول العالم، ماهر المذيوب، بسؤال كتابي إلى رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ حول تعامله مع التونسيين بالخارج خلال فترة الحجر الصحي.
وتساءل النائب عن سبب اختيار هذه الحكومة "إعلان الحرب على التونسيين بالخارج في توقيت اجتمع عليهم المرض والغربة والخوف من المستقبل، عبر إقرار زيادة غير مسبوقة ناهزت 300 بالمائة في تكاليف استخراج الوثائق الإدارية وجوزات السفر في الخارج"، مشيرا إلى أن التونسيين في الخارج يمثلون أكثر من 10 بالمائة من إجمالي التونسيين، وساهموا بتوفير 5.3 مليارات دينار للموازنة التونسية خلال العام 2019 حسب تصريحات محافظ البنك المركزي.
وطالب مذيوب بالكشف عن العدد الدقيق للتونسيين الذين تم إجلاؤهم خلال فترة الحجر الصحي من الخارج والبلدان التي رحلوا منها، متسائلا عن تقصير الحكومة في الوصول إلى التونسيين في كامبوديا والفيليبين وجزر المالديف وباكستان وبنغلادش والهند، والإخلال بتعهدها أمام مجلس النواب، على لسان وزيرة العدل ثريا الجريبي، بإجلاء المقيمين في أفريقيا، وتحديدا في جنوب أفريقيا وجزر القمر والسيشال والغابون وأفريقيا الوسطى وجيبوتي.
وطالب مذيوب الفخفاخ بتوضيح أسباب تعمد الحكومة تأخير تيسير عودة المعلمين والأساتذة والجامعيين من دولة الكويت والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان والبحرين، في حين أنها سمحت لنفسها، وفي تجاوز فاضح للمعايير التي اعتمدتها، بتأمين أفضل الظروف وأسرعها لعودة الرياضيين.
وتساءل النائب عن إجبار الطلبة والمنتهية عقودهم وغير المقيمين على دفع تكاليف الحجر الصحي الإجباري عند عودتهم خلال فترة الحجر الصحي الموجه، في تناقض صارخ مع المبادئ الأساسية للعدالة بين المواطنين، ولماذا تركت الحكومة بعضهم وجها لوجه مع جشع بعض أصحاب الفنادق الذين رفضوا إرجاع أموالهم، عندما تخلت الحكومة عن الحجر وألغت رحلات مبرمجة وتمت الموافقة عليها من ألمانيا وقطر مع ديوان الطيران المدني. واستنكر النائب ما اعتبره ترك هذه الحكومة الصف الأول للدفاع عن تونس والتونسيين بالخارج، السفراء والقناصل والملحقين الاجتماعيين، فارغي الأيدي في مواجهة أخطر أزمة واجهت الجالية التونسية بالخارج على الإطلاق، في حين أنها وفرت كل شيء داخل تونس.