اتخذت الأزمة بين الحكومة اليمنية وحلفاء الإمارات في ما يُعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" الانفصالي، منحىً تصعيدياً جديداً، في ظلّ التطورات التي شهدتها مدينة عدن ومحافظة شبوة خلال الأيام الماضية، والتي جاءت معاكسةً للجهود التي تبذلها السعودية للمضي في تنفيذ اتفاق الرياض بين الطرفين، والمبرم برعايتها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وشهدت مدينة عدن، جنوب اليمن، خلال اليومين الماضيين، تصعيداً من قبل القوات الموالية لـ"الانتقالي الجنوبي"، تمثّلت باقتحام ميناء المدينة، وسحب أربع حاويات محمّلة بالنقود، تابعة للمصرف المركزي اليمني. وتأتي عملية الاقتحام في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد، والتي ضاعفها قرار جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) منع تداول الطبعات الجديدة من العملة المحلية، والتي يشرف عليها "المركزي" من عدن.
وفيما أقر "الانتقالي" رسمياً بعملية الاقتحام واستحواذه على المبالغ المالية، معلناً عن توجيهات بتسليمها إلى قيادة التحالف السعودي في عدن، كشفت مصادر حكومية لـ"العربي الجديد"، أن التسليم جاء بعد ضغوط واتصالات بين الحكومة الشرعية وبين السعوديين الذين تسلموا قيادة التحالف في المدينة الجنوبية أواخر العام الماضي من الإمارات، في إطار سلسلة من الترتيبات التي مهدت لتوقيع الاتفاق.
وبرر المتحدث باسم "الانتقالي الجنوبي" نزار هيثم، في بيانٍ أصدره أمس الخميس، عملية احتجاز المبالغ المالية، بأنها في إطار سعي المجلس لمنع وصولها إلى من وصفهم بـ"الفاسدين" في الحكومة الشرعية، في محاولة للرد على ما وصفه يمنيون بـ"فضيحة" نهب ما يقرب من 18 مليار ريال يمني من الميناء ونقلها إلى معسكر تابع للقوات الموالية للانفصاليين المدعومين من أبوظبي.
وجاءت التطورات في عدن، بالترافق مع التصعيد الذي تشهده محافظة شبوة منذ أيام، إذ نفذت القوات الحكومية حملة ضد مسلحين وصفتهم بـ"المطلوبين أمنياً"، من عناصر ما كان يُعرف بـ"النخبة الشبوانية"، وهي الذراع الأمنية التي أنشأتها الإمارات في المحافظة، على غرار "الحزام الأمني" في عدن، و"النخبة الحضرمية" في حضرموت، إلا أن "الشبوانية" انكسرت، وانهارت مختلف المعسكرات التابعة لها خلال مواجهات أغسطس/آب الماضي في الجنوب اليمني.
ووفقاً لمصادر محلية لـ"العربي الجديد"، فإن القوات الحكومية في مناطق لقموش بمديرية حبان، في محافظة شبوة، اشتبكت مع المسلحين الموالين لـ"الانتقالي"، ووصلت المواجهات إلى سوق هدى، في حين عملت وساطة من التحالف على نزع فتيلها، بعدما كان التصعيد بدأ بانتشار قوات حكومية قرب معسكر العلم، الذي تتواجد فيه قوات إماراتية، والذي يتهم الجانب الحكومي الإماراتيين باستغلاله لتقديم الدعم لمجموعات تابعة لهم.
وصعّد "الانتقالي الجنوبي" حدة اتهاماته للسلطات الشرعية، بالتزامن مع تطورات شبوة. وأعلن عضو هيئة رئاسة المجلس، سالم ثابت العولقي، في تصريحٍ، أن فريق التفاوض الممثل عن المجلس، علّق مشاركته في اللجان المشتركة الخاصة بمتابعة تنفيذ اتفاق الرياض، احتجاجاً على ما وصفه بـ"تصعيد مليشيات حزب الإصلاح"، في محافظة شبوة.
ومنذ توقيع اتفاق الرياض في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، واجه التنفيذ جملة من العراقيل، على الرغم من الجهود التي تبذلها السعودية لإنجاحه. وكان آخر هذه العراقيل يتعلق بدعم تشكيل لجنة سياسية لمتابعة التنفيذ تتألف من ممثلين عن الحكومة وآخرين عن "الانتقالي"، إلا أن الواقع على الأرض يشير إلى أن الصعوبات في هذا الإطار لم تشهد بعد أي تقدمٍ ملموس لتذليلها، وسط تبادل الاتهامات بين الطرفين بالعرقلة.