لليوم الثاني على التوالي، استمرت التظاهرات في مدن باكستان وأقاليمها، رفضاً لقرار المحكمة الباكستانية القاضي بتبرئة آسيا بيبي، المرأة المسيحية التي حُكم عليها بالإعدام سابقاً بتهمة ازدراء الأديان. وفيما تؤكد الحكومة عدم نيّتها استخدام القوة ضد المتظاهرين، تدعو الأحزاب الداعية للاحتجاج إلى الحوار لحلحلة القضية.
واليوم الخميس، تعطلت الحياة بشكل كامل في المدن الباكستانية، بعدما أغلق المتظاهرون الغاضبون الذين يصل عددهم إلى الآلاف في بعض المدن الطرقات الرئيسية، وأضرموا النيران في المحالّ التجارية والمكاتب الحكومية والسيارات. وقد أصيب عدد من المتظاهرين بجروح بعدما تصدّت لهم قوات الأمن بالغاز المسيل للدموع والهراوات، فيما عمدوا من جهتهم إلى استخدام الحجارة والعصيّ في وجه رجال الشرطة وقوات الأمن.
وعلى خلفية التظاهرات والاحتجاجات، أغلقت كل المدارس الحكومية والخاصة والمراكز التعليمية أبوابها، اليوم في العاصمة إسلام أباد وفي عدد من المدن الرئيسية. كذلك، أعلنت الحكومة إغلاق المدارس والمراكز التعليمية كافة في العاصمة غداً الجمعة، نظراً إلى التظاهرات المستمرة والدعوات التي وجهتها الأحزاب الدينية إلى مزيد من الاحتجاجات الشعبية.
وأعلنت الحكومة الباكستانية أنها اتخذت "كل الإجراءات اللازمة من أجل إحلال الأمن"، فأكد وزير الداخلية شهريار أفريدي أن "الحكومة لن تستخدم أيّ قوة ضد المتظاهرين"، موضحاً في أثناء تقديمه موجزاً عن جلسة البرلمان، أن "الحكومة تلتزم الصبر ولن تستعجل في القضاء على الاحتجاجات". لكنه دعا الأحزاب التي تنظم التظاهرات إلى الحوار من أجل حلّ القضية. وهذا ما أكده القيادي في الحزب الحاكم برويز ختك في تصريحات صحافية.
لكن، بخلاف تلك التصريحات، بدأت شرطة العاصمة باستخدام القوة ضد المتظاهرين، وأطلقت مساء اليوم عملية لفتح الطرقات الرئيسية التي تربط العاصمة بالأقاليم، واستخدمت الغاز المسيل للدموع والهراوات والرصاص المطاطي في وجه المتظاهرين. وقد تمكنت الشرطة بالفعل، من فتح الطريق الذي يربط العاصمة بمدينة لاهور عاصمة إقليم البنجاب، غير أن الطرقات بمعظمها ما زالت مغلقة.
إلى جانب الاحتجاجات في مدن لاهور وبيشاور وكويته وكراتشي ومدن أخرى صغيرة، لليوم الثاني على التوالي، نظمت الأحزاب الدينية اعتصامات في عدد من المدن، أكبرها في مدينة لاهور بقيادة زعيم حركة "لبيك يا رسول الله" خادم حسين رضوي. وقال رضوي في خطاب له اليوم في لاهور: "أدعو الشعب كله إلى الخروج والاستمرار في الاحتجاجات"، مطالباً أنصاره بعدم تلبية الدعوات الحكومية. وبينما دعت الأحزاب الدينية إلى استمرار التظاهرات في كل المدن، دعا مجلس العمل الموحّد، وهو تحالف للأحزاب الدينية، إلى مسيرة مليونية في مدينة كراتشي (جنوب) غداً الجمعة.
وكانت المحكمة الباكستانية قد قضت أمس الأربعاء، بإخلاء سبيل آسيا بيبي وإلغاء حكم الإعدام شنقاً الصادر بحقها، في قضية ازدراء الأديان. وجاء حكم الإعدام في عام 2010 لتصير المرأة الأولى التي يصدر في حقها مثل هذا الحكم، بموجب قوانين التجديف الصارمة في باكستان. يُذكر أنّ آسيا بيبي، وهي أم لأربعة أطفال، اعتقلت عام 2009 بناءً على مزاعم بالتجديف أثناء نقاش مع عاملتَين مسلمتَين.