يتوقع خبراء وناشطون سياسيون مصريون نجاح دعوات التظاهر، المقرر تنظيمها في نهاية أغسطس/آب الحالي، في تحقيق عدة مكاسب، أهمها تأكيد استمرار الحراك السلمي المُناهض للنظام المصري، رغم القمع والتضييق الأمنيين. ويقول المتحدث الإعلامي لحركة "شباب 6 إبريل"، "الجبهة الديمقراطية"، محمد فؤاد، لـ"العربي الجديد"، إن "إعادة الحكومة فتح ملف قانون التظاهر ومناقشة تعديله يؤكد أنها بدأت تهتز، لا سيما بسبب فقدانها الكثير من حلفائها، فضلاً عن تصاعد حالة السخط الشعبي جراء أزمة انقطاع الكهرباء وارتفاع الأسعار".
ويشير إلى أن "الحكومة بدأت في تقديم تنازلات، وظهر ذلك واضحاً بإعلانها عن عقد جلسات للحوار مع بعض القوى السياسية"، رافضاً في الوقت نفسه "الجلوس مع الحكومة أو أي مسؤولين رسميين، إذا وجهت لهم الدعوة"، كاشفاً عن أنه "قد نقدم مطالبنا عبر وسطاء". وحول دعوات التظاهر في 27 سبتمبر/ أيلول المقبل، يجيب فؤاد بأن "المشكلة في هذه الدعوة أنها تتوقف على الحكم، الذي سيصدر ضد الرئيس المخلوع، حسني مبارك، ووزير داخليته، حبيب العادلي، في قضية قتل المتظاهرين، فإذا كان الحكم مرضياً، فلن تنطلق التظاهرات، وهذا بخلاف دعوات التظاهر في 30 أغسطس/آب الحالي".
من جهته، يعترف القيادي في جبهة "طريق الثورة"، وسام عطا، في حديث لـ"العربي الجديد"، بأن "الجبهة لم تقرر بعد المشاركة في احتجاجات نهاية أغسطس/آب أو 26 سبتمبر/أيلول"، موضحاً أن "أعضاءها في حالة خمول وإحباط شديدين، بسبب الضربات الأمنية المتتالية التي تعرضت لها أخيراً".
ويشدد عطا على أن "الجبهة تحاول استعادة نفسها، وترتيب صفوفها، والتفكير في آليات جديدة للتظاهر في الشارع، وخصوصاً أن البيئة صالحة لتوجيه ضربات للسلطة الحاكمة، التي فشلت في حل أزمة الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، فضلاً عن فرضها أعباء جديدة على الفقراء". ويخلص إلى أن "أزمتنا هي أن السلطة وضعتنا في خندق المدافع دائماً، بعد اعتقال العشرات منا وملاحقتنا أمنياً، وأصبح ضرورياً أن نلتقط أنفاسنا ونتخذ موقف المهاجم".
بدوره، يرى الخبير السياسي، أمجد الجباس، أن "الأزمة التي واجهت دعوات التظاهر، خلال الفترة الماضية، اقترنت دائما بأنها كفيلة بإسقاط الانقلاب، وترددت عبارات الانقلاب سقط، أو الانقلاب يترنح، وتلك العبارات أصبحت مثاراً للسخرية بعد ذلك". ورغم ذلك، يشير الجباس إلى أن "أية دعوة إلى التظاهر مستحبة لتأكيد أنه لا تزال هناك قوة حية في الشارع تواجه قادة الانقلاب، وأن الأوضاع لم تستقر لصالحهم بعد، لكنها لن تُسقط السلطة". ودعا الجباس إلى "ضرورة وضع خطة لإدارة التحركات في الشارع، لتقليل الخسائر البشرية في صفوف مناهضي الانقلاب، لا سيما أن قوات الأمن لا تراعي حرمة الدماء".
ويعرب الجباس عن سروره إزاء اختيار حركة "أحرار" ميدان "طلعت حرب"، القريب من ميدان التحرير، في وسط القاهرة، للتظاهر نهاية الشهر الحالي، لما له من رمزية، إذ كان مكاناً لتجمع القوى الثورية غير الإسلامية، في عهد المجلس العسكري، أو الرئيس المعزول، محمد مرسي، وفي هذا تأكيد استقلالية الحركة عن القوى الإسلامية.
ويستبعد الجباس استجابة الساخطين من انقطاع الكهرباء، والمتضررين من رفع الدعم، والأزمة الاقتصادية، للتظاهرات، ويلفت في هذا السياق إلى أن "الفائدة الوحيدة هي أن الإطار المعادي للتظاهرات تضاءل بدرجة كبيرة، وسيطر على هؤلاء الصمت، وسيكتفون بموقف المشاهد، الذي لا يتعاطف مع الحراك، ولكنه لا يُعاديه أيضاً".
وكانت حركة "أحرار" قد دعت إلى التظاهر نهاية الشهر الحالي تحت شعار "أشعلوها من جديد"، في الذكرى السنوية الأولى لمقتل ستة من أعضائها أثناء تظاهرهم ضد عودة حكم العسكر، في حي المهندسين، العام الماضي.