تحتدم معارك تطهير محافظة تعز من مليشيات الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، بعد التقدم غير المسبوق الذي حققته القوات المؤيدة للشرعية، تزامناً مع إعلان مناطق وسط اليمن عن تعبئة عامة لمواجهة المليشيات، فيما تواصل القيادات السياسية مشاوراتها، إذ يُجري الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، اليوم الثلاثاء، مباحثات في الدوحة، بينما كان نائب الرئيس، خالد بحاح، يعقد، أمس الإثنين، في مقر إقامته في الرياض لقاء بعدد من قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام، الذين انشقوا عن صالح.
وعقد لقاء، أمس الإثنين، في مدينة دمت التي تتبع محافظة الضالع، ضمّ شخصيات اجتماعية وعدداً من قيادات "المقاومة" في كل الجبهات، بحضور المئات من المجندين من مناطق وسط اليمن، والتي تضم مديريات الضالع ومديريات في إب والبيضاء وتعز. وأعلن قائد "لواء جيشان مدعم"، العقيد الركن علي حاتم، التعبئة العامة في مناطق وسط اليمن لمواجهة مليشيات الحوثيين والمخلوع، بإشراف رئيس الأركان العامة اللواء علي محمد المقدشي.
وأوضح حاتم لـ"العربي الجديد" أنّ المرحلة تتطلب تكاتف الجميع، مشيراً إلى أن الجيش الموالي للشرعية، "عازم مع المقاومة على تطهير مناطق الوسط من مليشيات الحوثيين والمخلوع". وطالب حاتم الشرعية والتحالف العربي بدعم الجيش و"المقاومة" في مناطق الوسط، مشيراً إلى أنهم "يجرون الاستعدادات لتطهير ما تبقى من مناطق الوسط بين إب والضالع، ويعملون على استقبال العسكريين والمجندين". وحذر قائد "لواء جيشان مدعم" من أنّ "قوات الشرعية ستضرب كل من يسعى لزعزعة الأمن والاستقرار وردع المعتدين من مليشيات الحوثيين والمخلوع".
وتتزامن هذه التصريحات مع حشد "المقاومة" والجيش الموالي للشرعية باتجاه الرضمة في محافظة إب، في محاولة لاستعادتها من مليشيات الحوثيين والمخلوع بعد أن استولت عليها قبل أيام، فيما تحشد المليشيات من محافظة ذمار ويريم (تتبع لإب) باتجاه الرضمة ومديريات في إب كالسدة والمخادر والنادرة والسبرة، فضلاً عن دمت. وتأتي عمليات الحشد والحشد المضاد في مسعى لمعركة فاصلة في المناطق الوسطى، التي تعتبر في قاموس الرئيس المخلوع "سجلها سيئ"، ولا سيما أنها كانت بالنسبة له "مناطق مخرّبة"، بعد أن كادت تؤدي إلى إزاحته من السلطة في بداية حكمه في 1978 وظل صالح طوال حكمه يطلق على مناطق الوسط مناطق المخربين.
كما تسود حالة من الغضب في هذه المناطق من أداء الحكومة الشرعية تجاه الأحداث في مناطق الوسط، ولا سيما في ظل تأخر تقدّم الدعم "المقاومة" والجيش الموالي للشرعية، في هذه المناطق حتى اللحظة. كما أنّ "المقاومة" خسرت ثلاث مديريات في إب، بسبب نفاد الذخيرة نتيجة عدم حصولها على دعم.
اقرأ أيضاً: "أمنستي" تتهم الحوثيين والتحالف العربي بقتل مدنيين جنوبي اليمن
وفي السياق، سقط العديد من القتلى والجرحى في مواجهات عنيفة اندلعت بين المسلحين والموالين للرئيس المخلوع بمنطقة السياني في محافظة إب. وأفادت مصادر محلية أن المواجهات اندلعت في الطريق بين محافظتي إب وتعز، إثر تصدي "المقاومة" لتعزيزات كانت في طريقها إلى تعز، وقُتل برصاص الحوثيين، الشيخ عبدالله أمين الشلح، وهو عضو المجلس المحلي. وحسب المصادر فإنه عقب مقتل الشلح توافد العشرات من المسلحين إلى المنطقة وقطعوا خط إمدادات الحوثيين إلى تعز، حيث تدور اشتباكات في المنطقة.
كما شهدت إب فجراً غارات جوية استهدفت مواقع مفترضة للحوثيين في مدينة "جبلة" التاريخية. كما تشهد مناطق متفرقة في المحافظة مواجهات متقطعة بين الحوثيين والمقاومين.
في غضون ذلك، واصل الحوثيون وحلفاؤهم قصف أحياء في مدينة تعز من مواقع يتمركزن بها خارجها. وشهدت المدينة اشتباكات شبه متواصلة في مواقع محدودة لا تزال تحت سيطرة الحوثيين والموالين للرئيس المخلوع. وكانت "المقاومة" قد سيطرت خلال اليومين الماضيين على أغلب أحياء تعز والمواقع العسكرية المهمة فيها بعد مواجهات قتل فيها العشرات من الطرفين. وأوضحت مصادر لوكالة "فرانس برس" أنه عثر بين الأنقاض في مناطق المعارك في تعز على جثث 50 مقاتلاً من تحالف الانقلاب (الحوثيين والمخلوع) فيما سقط 31 قتيلاً في صفوف القوات الموالية للشرعية. ولا يمثل تحرير مدينة تعز، حدثاً عابراً، إذ أنه تطور يتعلق بثالث أهم المدن اليمنية وثاني أهمها بالنسبة للمحافظات الشمالية بعد صنعاء وله العديد من الدلالات والأبعاد السياسية.
من حيث الموقع، تعتبر تعز أقرب المحافظات الشمالية إلى عدن في الجنوب، وبذلك، فهي كتلة تربط النسيج الاجتماعي اليمني، إذ أن جزءاً غير قليل من سكان عدن يتحدرون من أصول المديريات الريفية في تعز. وكذلك، فإن مئات الآلاف من أبناء تعز يعيشون في صنعاء ومختلف المحافظات الأخرى، بما يجعل تعز من أكثر المحافظات تجسيداً للوحدة الوطنية. كما تمثل تعز مركزاً لمحافظات شمالية قريبة منها أهمها محافظة إب، وتمثل معها الثقل والعمق السكاني على مستوى البلد. هو ما يعزز من الأهمية السياسية لتحريرها، إذ أن الخطوة تأتي بعد تحرير عدن، وبذلك تكون عجلة سقوط الحوثيين والرئيس المخلوع تعدت الجنوب.
وما يرفع أهمية تعز بالنسبة للوضع الحالي في اليمن، أن تحريرها أوجد موطئ قدم لمركز متحرر من الحوثيين وصالح شمالاً، وبالتالي يمكن لخصوم الحوثيين السياسيين والعسكريين الذين أُجبروا على النزوح من البلاد أن يعودوا إلى تعز. وفي حال اكتمال تحريرها واستتباب الوضع فيها، قد تكون تعز أكثر قدرة من عدن على التأثير في المعادلة السياسية بالبلاد، نظراً للوضع السياسي المعقد في صنعاء وعدن.
اقرأ أيضاً: تعز تحتفي بانتصاراتها والمقاومة تعد باستكمال التحرير