باشر النظام المصري بالاستعانة بأدوات انتخابية قديمة استخدمها سابقاً نظام الرئيس المخلوع، حسني مبارك، لتحويل الانتخابات الرئاسية إلى مهزلة، بهدف الحدّ من التعامل الجاد مع الاستحقاق من قبل المعارضة المنخرطة في العملية الانتخابية، ممثلة في أيمن نور وحزب الغد في انتخابات الرئاسة 2005، وخالد علي والمجموعة المؤسسة لحزب العيش والحرية هذا العام. وبشكل مفاجئ، أعلن رئيس نادي الزمالك مرتضى منصور، مساء السبت، نيته الترشح لرئاسة الجمهورية، على أن "يبدأ في جمع التوكيلات من زملائه النواب في البرلمان وعلى المستوى الشعبي"، وذلك بعد أيام معدودة من شنه هجوماً إعلامياً غير مسبوق على خالد علي، واتهامه بتلقي تمويلات ضخمة من الخارج لخوض الانتخابات ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي.
ورأى مراقبون محليون أن "مرتضى المعروف بعلاقته الوطيدة باللواء عباس كامل، مدير مكتب السيسي، الذي نجح على مدار عام ونصف العام في منع تنفيذ حكم محكمة النقض بتصعيد الكاتب عمرو الشوبكي، بدلاً من نجله كنائب برلماني عن دائرة الدقي، هو الورقة التي سيستخدمها النظام بسهولة للحط من قدر منافسي السيسي بصفة عامة، والرد على التعامل الجدي من قبل حملة خالد علي بتحويل الانتخابات إلى مسرحية هزلية، فضلاً عن منحه مساحة واسعة في وسائل الإعلام للهجوم على خالد علي وغيره من المرشحين الذين يرغبون في مزاحمة النظام وإحراجه شعبياً".
وأوضح المصدر أن "النظام بإمكانه الدفع بمرتضى وغيره من المرشحين من دون استكمال التوكيلات الشعبية، لأن هناك أكثر من 50 نائباً من الأكثرية النيابية المدعومة رسمياً من الدولة. وبالتالي يمكن استخدام التزكيات النيابية للدفع بأي مرشح تابع للنظام، من دون إحراجه شعبياً، لكنه رجح ألا يقدم النظام على هذه الخطوة إلّا إذا نجح خالد علي في جمع التوكيلات الشعبية. أما في حالة عدم نجاحه فقد يكتفي السيسي بوجود منافس وحيد ضعيف مضمون عدم تأثيره على شعبية النظام في الشارع، كالنائب محمد أنور السادات، الذي أعلن أخيراً تمسكه بالترشح، وبدأ في جمع التوكيلات".
وعكس حديث المصدر اهتمام النظام ومتابعته عن كثب لتطور إجراءات جمع التوكيلات في مختلف المحافظات، الأمر الذي اتفق معه مصدر سياسي آخر مقرب من حملة خالد علي، واصفاً جمع التوكيلات بأنها "عملية أهم من الانتخابات نفسها، لأن النظام يتحدى خالد علي أن يكون قادراً على جمعها، وبالتالي فالعقبة الأساسية أمامه هي القدرة على تقديم أوراقه، وليس ما بعد ذلك من مشاكل يحتمل إثارتها، كالقضية المرفوعة عليه، التي يمكن أن يصدر فيها حكم نهائي بالحبس ليتم حرمانه رسمياً من مباشرة حقوقه السياسية حتى إذا صدر الحكم بعد قبول الأوراق".
وأكد المصدر أنه "تم رصد عمليات توثيق جماعي للتوكيلات لمصلحة السيسي في العديد من مراكز الشهر العقاري بالمحافظات، وبصفة خاصة في الضواحي والقرى الأكثر فقراً، وأن حملة خالد علي تقدمت بعدة شكاوى بهذا الشأن، لكن لا يوجد نص في قانون انتخابات الرئاسة يدين هذا التصرف أو يعاقبه، وبالتالي فلن تتحرك إزاءه الهيئة الوطنية للانتخابات، التي لا تباشر عملها في مراقبة الدعاية الانتخابية إلا بعد إعلان قائمة المرشحين".
ومن المقرر أن يعقد السيسي مؤتمراً صحافياً يوم الأربعاء المقبل، للإعلان رسمياً عن ترشحه للرئاسة، وذلك في قصر رئاسة الجمهورية، مع توجيه الدعوة للإعلاميين والمسؤولين الحكوميين. كذلك سيتم إصدار كتب تذكارية تتضمن ما تصفه الحكومة بـ"إنجازات السيسي" خلال أيام، على أن يتم توزيعها في مراكز الشباب ومنافذ بيع الصحف وسيتم تلخيصها ونشرها في الصحف القومية، بحسب مصدر حكومي نافذ. إلى ذلك، أعلن المرشح الرئاسي الأسبق عبد المنعم أبوالفتوح، ورئيس حزب مصر القوية، عدم ترشحه للرئاسة، أمس الأحد، في بيان مقتضب، وصف فيه نظام السيسي بأنه "يعمل على تضييق المجال العام وقمع المعارضين ويرغب في إجراء انتخابات غير تنافسية"، لكنه لم يعلن عن تأييده لأي مرشح آخر، علماً بأن طلاب حزبه أعلنوا أمس توثيقهم توكيلات جماعية لمصلحة خالد علي.