خلت الساحة المصرية تماماً من اسم تركي آل الشيخ، مستشار ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، منذ نشوب أزمة مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول التركية، بعدما كان محور الأحداث الرياضية والإعلامية بالقاهرة على مدى أشهر سابقة. فقد هدأت بشكل لافت حالة الاحتقان التي تسبب بها بين جماهير وإدارات الأندية الشعبية الكبرى، لحد دفع جماهير النادي الأهلي لشتمه علناً في المدرجات. الأمر الذي أثار حفيظة الرياض رسمياً، ثم خروج الجماهير بتظاهرات عفوية للتنديد بوجوده في مصر، في سبتمبر/ أيلول الماضي.
آل الشيخ هو أحد أقرب المستشارين للأمير محمد بن سلمان، الذي تشير إليه أصابع الاتهام الآن أكثر من أي وقت مضى كمسؤول أول عن مقتل خاشقجي، رغم ابتعاد الرواية الرسمية السعودية المتغيرة دائماً عنه، وتوجيهها الاتهام إلى مستشاره الأول وصديقه سعود القحطاني، الذي كان القطب الأول للدائرة المحيطة ببن سلمان، إذا اعتُبر آل الشيخ القطب الثاني. بواسطة الأول كان بن سلمان يسيطر على الأجهزة الاستخباراتية والأمنية، وبواسطة الثاني كان يدير الإعلام والرياضة والفن والصفقات المرتبطة بها مع الدول الصديقة.
لكن الأمر لم يتوقف عند حد التعطيل الظاهري لنشاط آل الشيخ، إذ كشفت مصادر حكومية مصرية أن "محاولات إنعاش المشروع السعودي الرياضي والإعلامي بمصر تواجه تعطيلاً وعقبات أيضاً، بسبب انشغال الرياض بقضية خاشقجي، وغموض مصير بن سلمان، وبالتالي هشاشة موقف آل الشيخ".
فالمفاوضات التي جرت بين آل الشيخ وجهاز المخابرات العامة الذي يديره اللواء عباس كامل، المدير السابق لمكتب رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي، لشراء حصة من أسهم شركة "إعلام المصريين" التي يسيطر عليها الجهاز ويديرها رجل الأعمال تامر مرسي، قد تعطلت رغم وصولها لمراحل متقدمة حتى مطلع الشهر الماضي، بسبب التعاطي السعودي مع التوجه الرسمي المصري للتخفيف من أعباء وسائل الإعلام المحلية المدارة حالياً بواسطة الصندوق الاستثماري "إيغل كابيتال" التابع للاستخبارات العامة والذي تديره وزيرة الاستثمار السابقة داليا خورشيد.
كما تعطلت مفاوضات أخرى كان يجريها مع المخابرات أيضاً لشراء حصة حاكمة من شركة "بريزينتيشن"، مالكة حقوق الدوري المصري وقناة "أون سبورت" وراعية النادي الأهلي، وهي صفقة كانت تعتبر أحد الحلول لإعادة الروح للمشروع الرياضي السعودي الذي تعطل بسبب مشاكل آل الشيخ مع الأهلي.
وأوضحت مصادر مطّلعة أن "تعطل ضخ أموال سعودية في الشركة هو ما يؤدي حالياً إلى تقليل الميزانية المخصصة لإنتاج مسلسلات موسم رمضان المقبل، وهي الأزمة التي تهدد بعدم إنتاج أعمال لعدد من كبار الفنانين المصريين، منهم عادل إمام وغادة عبدالرازق. ما دفع عبد الرازق للحديث عن الأزمة على صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي (إنستاغرام)، ودفع إمام للمطالبة بتدخل السيسي شخصياً لحل المشكلة".
وأشارت المصادر إلى أن "العاملين بقناة بيراميدز ما زالوا يتقاضون أموالهم، بعدما تلقوا رسائل طمأنة باستمرار العمل في القناة وعدم البحث عن أماكن أخرى، وأن مستحقاتهم ستظل تصرف في مواعيدها، لكن انشغال آل الشيخ بالأزمة السعودية عطل أيضاً عودة القناة أو البت في مصيرها، كما عطل المفاوضات التي كان يجريها لحل هذه المشكلة، وعطل أيضاً المضي قدماً في مقاضاة (بريزينتيشن) والنادي الأهلي، بعدما كان قد وكل شركة المحاماة الأميركية (سكواير باتون بوغز ـ Squire Patton Boggs) للتعامل مع الأمر واتخاذ الخطوات المناسبة ضد الشركة والنادي المصريين، بعدما هدد كل منهما بمقاضاة شركته (صلة) بسبب انسحابها من رعاية النادي، وعدم سدادها مستحقات الشركة المصرية الخاصة بحقوق بث مباريات الدوري المصري".
وأكدت المصادر أن "الكواليس شهدت ضغوطاً متقابلة يمارسها كل طرف على الآخر لإجباره على اتباع سياسته، فالسيسي وعباس كامل متحمسان للمشروع الرياضي السعودي في مصر، لكنهما شعرا بالخطر نتيجة تصرفات آل الشيخ غير المسؤولة وتصرفه كشخصية فوق الدولة متمتعا بالحماية الاستثنائية التي وفرها السيسي له منذ بدأ نشاطه في مصر نهاية العام الماضي كرئيس فخري للنادي الأهلي".
في المقابل، يرى آل الشيخ أن السيسي وعباس كامل لا يحميانه بشكل كاف، ويطالب بتحميل شخصيات بعينها ثأره الشخصي مع الجماهير، منهم أعضاء بمجلس إدارة النادي الأهلي واتحاد الكرة، علماً أن السلطات المصرية حركت بالفعل تحقيقات شملت 7 من جماهير الأهلي بتهم مختلفة مرتبطة بأحداث المباراة التي تعرض آل الشيخ فيها للسب بالمدرجات، لكنها لم تحرك أي اتهام ضد مسؤولي الأهلي.