30 أكتوبر 2024
تفاهم مرحلي بشأن سورية
على الرغم من أن البيان الرئاسي الأميركي الروسي الجديد بشأن سورية، المعلن أخيرا في فيتنام، لم ينطوِ على خطة أو جدول زمني محدد للحل السياسي، إلا أنه انطوى على تفاهم أولي، يكرس الحضور والتطلعات الأميركية ويشرعنها، من جهة، ويحد من التفرد الروسي، ويقيّد طموحاته في فرض تصوره لحل الصراع في سورية وعليها، من جهة ثانية.
انطوى البيان القصير (347 كلمة) على توازن بين المطالب الأميركية والروسية، وعلى محدّدات الحل السياسي وأسسه (محاربة الإرهاب، الحل سياسي، تطبيق القرار الأممي رقم 2254، تغيير الدستور، انتخابات شفافة ونزيهة بإشراف دولي، اشتراك السوريين في الشتات في الانتخابات). في تعبير عن توافقٍ مرحليٍّ بين الطرفين، في ضوء إدراك الجانب الروسي استحالة تمرير حل سياسي، من دون موافقة إقليمية ودولية، أميركية خصوصا، ومن دون أخذ توازن القوى الذي فرضه الحضور الأميركي النشط على الأرض السورية، وتخوفه من خطط واشنطن تعزيز حضورها العسكري شمال سورية وشرقها وجنوبها، بعد إلحاق الهزيمة بـ "داعش"، خصوصا بعد أن بلغت لعبة إدارة المنافسات الإقليمية، واستثمارها في إزاحة دول الخليج العربي والولايات المتحدة والأمم المتحدة إلى الهامش، طريقا مسدودا، وتلمس ممانعة النظام السوري الذي يستطيع مقاومة ضغوطه، مستفيدا من وجود راع ثان له (إيران)، ومن تطابق مواقفه مع مواقف الراعي الثاني، وتوظيفه ذلك في المناورة والتكتكة بين الراعيين، وإطلاق واشنطن إشاراتٍ عن تحضيراتها للمشاركة في الحل السياسي، واضطراره (الروسي) إلى مشاركة الولايات المتحدة وتركيا والأردن ومصر في اتفاقات خفض التصعيد، والإقرار
بمصالح هذه الدول، ومصالح إسرائيل كذلك، والتمسّك بالتحالف والتنسيق الميداني مع إيران، للاستفادة من قدراتها الميدانية في الحصول على بعض مطالبه، من جهة، ولتغذية مخاوف الدول العربية لدفعها إلى القبول بتوجهاته وتصوراته، من جهة ثانية، وإقرار أميركي بأهمية التفاهم مع الجانب الروسي، تحضيرا لما بعد "داعش"، وحماية لقواتها المنتشرة على الأرض السورية وشرعنة وجودها، خصوصا أن الجانب الروسي بدأ إثارة قضية وجود هذه القوات، باعتباره وجودا غير شرعي، وتوظيف التعاون مع روسيا في سورية في حل بعض الملفات الإقليمية والدولية الساخنة (كوريا الشمالية، إيران، الصين، أفغانستان) بمشاركتها.
جاء البيان الرئاسي لضبط حركة القوى على الصعيدين، العسكري والسياسي، وإشاعة مناخ هادئ وبيئة مواتية للولوج في مفاوضاتٍ من أجل حل سياسي للصراع في سورية وعليها، بدءا من الاتفاق على مفاوضات جنيف التي ترعاها الأمم المتحدة، إطارا وحيدا لهذا الحل، ما يعني وضع حد لمحاولات روسيا الحثيثة إيجاد مسارات أخرى، وتسليما روسيا بهذا المسار، بعد أن أدركت قدرة الولايات المتحدة على عرقلة خططها ومشاريعها للحل السياسي في سورية، وقلب الطاولة على جهودها، وتحريك قوى حليفة لاستنزافها عسكريا، وإغراقها في حربٍ تريد الخروج منها بأقل الخسائر، في حال أصرّت على فرض تصورها، وإدراكها أهمية التفاهم على حل مع واشنطن في ترجيح مصالحها على مصالح إيران في سورية.
هذا بالإضافة إلى إدراكها أهمية التوافق الإقليمي والدولي، في مواجهة تبعات إعادة الإعمار
وتكلفتها الباهظة (قدّرتها جهات دولية بين 200 و350 مليار دولار) والتخلص من التوجه الإقليمي والدولي، لإلزامها بإعادة إعمار ما تسببت في تدميره. انحازت الولايات المتحدة بدورها إلى هذا التفاهم والتوافق لإرساء آلية تبريد الصراع، تدشينا لدورٍ تريد لعبه في حلٍّ يحقق تصورها القائم على معادلة "لا غالب ولا مغلوب"، وهو ما دفعها إلى التخلي عن قرارات دولية ذات صلة، لأن التمسك بها يتعارض مع النتيجة المتوخّاة، مثل بيان جنيف1 وقرار مجلس الأمن 2218.
لتحفظات قوى الثورة والمعارضة على محتوى البيان، والخيارات التي يروجها، وجاهة وأحقية في ضوء تصورها للحل المنسجم مع تطلعات الشعب السوري وقواه السياسية والاجتماعية، لكنها بحاجة إلى عدم الاكتفاء بالنقد والندب، بحاجة إلى فهم خلفيتها ونقاط ضعفها والزوايا الممكنة لاختراقها، والتحرّك العملي للتأثير على الوقائع والمواقف، احتواء لمخاطرها وتحقيقا لتصورها.
انطوى البيان القصير (347 كلمة) على توازن بين المطالب الأميركية والروسية، وعلى محدّدات الحل السياسي وأسسه (محاربة الإرهاب، الحل سياسي، تطبيق القرار الأممي رقم 2254، تغيير الدستور، انتخابات شفافة ونزيهة بإشراف دولي، اشتراك السوريين في الشتات في الانتخابات). في تعبير عن توافقٍ مرحليٍّ بين الطرفين، في ضوء إدراك الجانب الروسي استحالة تمرير حل سياسي، من دون موافقة إقليمية ودولية، أميركية خصوصا، ومن دون أخذ توازن القوى الذي فرضه الحضور الأميركي النشط على الأرض السورية، وتخوفه من خطط واشنطن تعزيز حضورها العسكري شمال سورية وشرقها وجنوبها، بعد إلحاق الهزيمة بـ "داعش"، خصوصا بعد أن بلغت لعبة إدارة المنافسات الإقليمية، واستثمارها في إزاحة دول الخليج العربي والولايات المتحدة والأمم المتحدة إلى الهامش، طريقا مسدودا، وتلمس ممانعة النظام السوري الذي يستطيع مقاومة ضغوطه، مستفيدا من وجود راع ثان له (إيران)، ومن تطابق مواقفه مع مواقف الراعي الثاني، وتوظيفه ذلك في المناورة والتكتكة بين الراعيين، وإطلاق واشنطن إشاراتٍ عن تحضيراتها للمشاركة في الحل السياسي، واضطراره (الروسي) إلى مشاركة الولايات المتحدة وتركيا والأردن ومصر في اتفاقات خفض التصعيد، والإقرار
جاء البيان الرئاسي لضبط حركة القوى على الصعيدين، العسكري والسياسي، وإشاعة مناخ هادئ وبيئة مواتية للولوج في مفاوضاتٍ من أجل حل سياسي للصراع في سورية وعليها، بدءا من الاتفاق على مفاوضات جنيف التي ترعاها الأمم المتحدة، إطارا وحيدا لهذا الحل، ما يعني وضع حد لمحاولات روسيا الحثيثة إيجاد مسارات أخرى، وتسليما روسيا بهذا المسار، بعد أن أدركت قدرة الولايات المتحدة على عرقلة خططها ومشاريعها للحل السياسي في سورية، وقلب الطاولة على جهودها، وتحريك قوى حليفة لاستنزافها عسكريا، وإغراقها في حربٍ تريد الخروج منها بأقل الخسائر، في حال أصرّت على فرض تصورها، وإدراكها أهمية التفاهم على حل مع واشنطن في ترجيح مصالحها على مصالح إيران في سورية.
هذا بالإضافة إلى إدراكها أهمية التوافق الإقليمي والدولي، في مواجهة تبعات إعادة الإعمار
لتحفظات قوى الثورة والمعارضة على محتوى البيان، والخيارات التي يروجها، وجاهة وأحقية في ضوء تصورها للحل المنسجم مع تطلعات الشعب السوري وقواه السياسية والاجتماعية، لكنها بحاجة إلى عدم الاكتفاء بالنقد والندب، بحاجة إلى فهم خلفيتها ونقاط ضعفها والزوايا الممكنة لاختراقها، والتحرّك العملي للتأثير على الوقائع والمواقف، احتواء لمخاطرها وتحقيقا لتصورها.