الحكومة الأردنية وجدت ما تبرر فيه المشاركة في العاصفة، البعيدة جداً عن حدودها. يقول المتحدث باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، إن مشاركة بلاده تأتي "دعماً للشرعية في اليمن وترسيخ الأمن والاستقرار، ودعم للحوار السياسي اليمني الذي يجمع كافة أطراف المعادلة اليمنية، ولا يستثني أحداً".
لكن المومني، في حديثه إلى "العربي الجديد"، يلمح إلى العامل الإيراني من دون أن يذكره صراحة، إذ يعلن بدبلوماسية أن من بين أسباب المشاركة العمل على "ترسيخ مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول والعبث بأمنها".
ويشير المومني إلى دعوة الرئيس اليمني "ممثل الشرعية"، عبد ربه منصور هادي، مجلس الأمن الدولي ودول مجلس التعاون الخليجي إلى ضرورة التدخل العسكري.
المشاركة الأردنية المتواضعة عسكرياً، بواقع ست طائرات مقاتلة، تكتسب خصوصية لكونها تأتي بعد ثلاثة أسابيع من زيارة تاريخية لوزير الخارجية الأردني ناصر جودة إلى إيران، وضعت في سياق التقارب بين البلدين، ودعا خلالها إلى حوار عربي – إيراني. وهو الحوار الذي تجلى بالسلاح في الساحة اليمنية.
جودة نفسه، ومن دون صخب، فنّد الأسبوع الماضي، خلال حضوره جلسة مناقشة عامة في مجلس النواب الأردني، جميع التحليلات التي أعقبت زيارته طهران. تحدث وزير الخارجية عن تقارب أردني - إيراني، حين أشار إلى أن الزيارة كانت بتنسيق مع الحلفاء العرب، وأنها تأتي في سياق "فتح قنوات اتصال وليست انفتاحاً أو تقارباً". وهو ما يعني أن العلاقة الأردنية - الإيرانية، لا تزال في مربعها الأول القائم على دبلوماسية المجاملات، وسط مخاوف دفينة لدى الطرفين.
اقرأ أيضاً: "عاصفة الحزم": اليمن والخيار الصعب
الحوار العربي - الإيراني، المسلح في اليمن، يشير إليه مسؤول حكومي أردني، يصف الأحداث المتواصلة هناك بأنها "حرب بالإنابة"، معتبراً أن "العاصفة" التي تقودها السعودية في اليمن، مستهدفة حلفاء إيران، تبعث برسالة مباشرة إلى طهران مفادها مراجعة سياستها التوسعية في المنطقة العربية، معتقداً أن الرسالة لن تقف عند حدود اليمن.
المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، يكشف لـ "العربي الجديد" أن التحضير لـ "عاصفة الحزم" استغرق نحو عشرة أيام بين أول اتصال سعودي بخصوصها وبين موعد انطلاقها. ويؤكد المسؤول نفسه أن دول مجلس التعاون الخليجي حملت على عاتقها الكلفة المالية كاملة.
اللافت في المشاركة الأردنية في عاصفة الحزم، قياساً بالمشاركة في التحالف الدولي للحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، أن العاصفة مرت من دون صخب وجدل كبير حتى اللحظة في الساحة الأردنية، على عكس المشاركة ضد "داعش" التي ما يزال الجدل يطاردها، تحت شعار "ليست حربنا". وهو الشعار الذي لم يسقط على الرغم من أن العاهل الأردني، عبد الله الثاني، منح مشاركة بلاده غطاءً ملكياً حين قال صراحة "هي حربنا"، وعلى الرغم من اقتناع غالبية أردنية بوجود ثأر مع "داعش"، بعد أن أعدم التنظيم الطيار الحربي الأردني معاذ الكساسبة حرقاً.
قائمة "ليست حربنا"، التي ضمت أعضاء في مجلس النواب وأحزاباً ونقابات وناشطين سياسيين، وبررت موقفها من رفض المشاركة في التحالف ضد "داعش" بضرورة أن ينحصر الدور العسكري الأردني بالدفاع عن حدود المملكة ضد أي خطر محتمل من دون المشاركة في أي حرب خارجية، فإن أعضاءها هم نفسهم اليوم يهللون لمشاركة بلادهم في "عاصفة الحزم" أو يصمتون على رفض مشاركتها، ويتفقون على كيل الاتهامات لإيران وحلفائها في اليمن.
عراب "ليست حربنا" في البرلمان الأردني، النائب خليل عطية، كتب على صفحة على موقع "فيسبوك" مدافعاً عن "عاصفة الحزم" تحت شعار "أنا عربي ولست فارسياً". ومما قاله "بداية عربية موفقة في اليمن لوقف السرطان الفارسي... شكراً للسعودية وكل الدول التي تساهم في وأد هذا السرطان".
وفي السياق، حمّلت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، وذراعها السياسية حزب جبهة العمل الإسلامي، المنخرطَين بحملة "ليست حربنا"، جماعة الحوثيين في المسؤولية عن الكارثة التي أوقعوها في اليمن، "والتي استباحوا فيها الدماء والأموال، وصادروا الأسلحة والطائرات، واحتلوا الموانئ والمطارات".
ودعت الجماعة كما الحزب، في بيانين منفصلين، إيران إلى عدم التسلط والهيمنة على مقدرات الشعوب الإسلامية، من دون أن يتم تصدير موقف معارض لـ "عاصفة الحزم" بشكل عام أو لمشاركة بلادهم في الحملة العسكرية بشكل خاص. وهو ما يؤشر إلى أن جملة من المواقف السياسية للقوى الأردنية يوجد لها جذور طائفية، وإن لم يعلن عنها صراحة.
اقرأ أيضاً: من يدخل عدن أولاً: التحالف أم صالح والحوثيون؟