أكد تقرير نشره المجلس الأعلى للحسابات التابع للاتحاد الأوروبي، اليوم الثلاثاء، أن "التدابير التي يتخذها الاتحاد الأوروبي لمكافحة التطرف تلبي احتياجات الدول الأعضاء، لكن التنسيق والتقييم لا يزال يعاني من بعض أوجه القصور".
واعتبر أنه إذا كان التمويل الذي تخصصه الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لدعم جهود مكافحة التطرف يؤتي ثماره، فإن العمل يشوبه نقص في مجالات التنسيق والتقييم، مشيراً إلى أن "المفوضية الأوروبية، الجهاز التنفيذي للاتحاد، لم تتمكن من إبراز الفعالية الحقيقية لإجراءات مكافحة التطرف الممولة من قبل الاتحاد الأوروبي"، كما يقول المدققون، لذلك "يوجد خطر من عدم الاستفادة من الدروس من أجل المستقبل".
وتعد الدول الأعضاء مسؤولة عن أمنها القومي، بما في ذلك مكافحة الإرهاب، وهي بالتالي مسؤولة عن تصميم وتنفيذ التدابير التي تهدف إلى مواجهة التطرف، فـ"الظاهرة التي تدفع الأفراد إلى اعتناق إيديولوجيات وسلوك راديكالي، قد تؤدي إلى ارتكاب أعمال إرهابية"، بحسب تعريف التقرير.
وبيّن التقرير أيضاً أن "غالبية المشتبه بهم المتورطين في الهجمات الأخيرة في أوروبا كانوا مواطنين أوروبيين وأصبحوا متطرفين".
وتدعم المفوضية الأوروبية جهود الدول الأعضاء وتساعدها في تبادل الخبرات العملية، كما أن المساعدة المالية التي يقدمها الاتحاد الأوروبي إلى الدول الأعضاء في عمليات مواجهة التطرف تأتي من مصادر مختلفة، مثل صندوق الأمن الداخلي، وغيره.
ولاحظ المدققون أن شبكات التوعية لمواجهة التطرف، التي تضم علماء النفس والأساتذة والعاملين الاجتماعيين والشرطة وموظفي السجون في جميع أنحاء أوروبا، التي تعمل مباشرة مع الأفراد المعنيين بالتطرف، لا يتم استغلالها بشكل كامل وفعال، مبرزين أن "الإنجازات التي تحققت من خلال هذه الشبكة في كثير من الأحيان يتم قياسها من حيث حجم النشاط، على سبيل المثال عدد الاجتماعات التي يتم تنظيمها أو الوثائق التي تم إعدادها، وليس من حيث الفعالية، مثل المعرفة المكتسبة أو التأثير على هؤلاء الأفراد"، بحسب التقرير.
وأشار معدو التقرير إلى أن وحدة الإبلاغ عن المحتوى الإرهابي على الإنترنت، التابعة للاتحاد الأوروبي، والتي تسهر عليها منظمة الشرطة الأوروبية (يوروبول) تقدم التنبيهات الضرورية لمقدمي الخدمات، مثل "يوتيوب" و"غوغل" و"فيسبوك" و"تويتر"، ومع ذلك فإن "إحصائيات الاتحاد الأوروبي لا تُظهر تأثير عمل الوحدة على انتشار الدعاية الإرهابية على الإنترنت"، كما جاء في التقرير، الذي أشار إلى أنه "في بعض الأحيان، المواد الدعائية التي تتم إزالتها من الإنترنت يتم نقلها إلى منصات أخرى في نوع من لعبة القط والفأر".
ويضم تقرير المجلس الأعلى الأوروبي للحسابات مجموعة من التوصيات، مجملها موجه إلى المفوضية الأوروبية التي تسهر على التنسيق بين الدول الأعضاء.
وبحسب المدققين، "يجب على المفوضية تحسين إطار ضمان التنسيق الشامل للإجراءات الممولة من قبل الاتحاد الأوروبي لدعم الدول الأعضاء في كفاحها ضد التطرف، وكذلك زيادة الدعم العملي للجهات الفاعلة في الميدان والسياسيين في الدول الأعضاء، إضافة إلى ضرورة إجراء المفوضية لتقييم ما إذا كانت أهدافها الاستراتيجية قد تحققت، وضمان بروز الأهداف الفعلية التي تحققت جراء الإجراءات التي يمولها الاتحاد الأوروبي".
وفي رد كتابي للمفوضية الأوروبية على تقرير المجلس الأعلى الأوروبي للحسابات، عبرت عن "ترحيبها بجميع التوصيات، مع التأكيد أن استعراضاً عاماً أولياً لإمكانيات ومشاريع التمويل قد تم إعداده ودراسته لتحديد أوجه التعاون وتقاسم الخبرات في المستقبل"، مشيرة أيضاً إلى أنها تدرك أن "التأثير طويل الأجل للإجراءات المتخذة في إطار شبكات التوعية لم يتم قياسها بطريقة منهجية".
ويقدم المجلس الأعلى الأوروبي للحسابات تقاريره إلى البرلمان الأوروبي ومجلس الاتحاد الأوروبي، وكذلك للأطراف المعنية الأخرى، مثل البرلمانات الوطنية وأصحاب المصلحة، وممثلي المجتمع المدني، ويتم تنفيذ الغالبية العظمى من التوصيات المقدمة في تقاريره باعتبارها "تخدم مصلحة المواطنين".