اعتبر ناشطون مدنيون أن محافظة ديالى العراقية، من المدن التي تحاول إيران السيطرة عليها بشتى الطرق، وضمها إلى نفوذها، مرجعين السبب في ذلك، لما يمثله موقعها الجغرافي من أهمية من خلال مجاورتها إقليم كردستان العراق من جهة الشمال، والعاصمة بغداد من جهة الشرق.
موقع محافظة ديالى الجغرافي، جعل إيران تفكر مليّاً بوضع خطط محكمة ومدروسة، وإرسال الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس لقيادة المعارك داخل أراضيها، ولم تكن المجازر التي ارتكبت والاعتقالات والتهجير المستمر لسكانها، إلا لتغيير ديمغرافيتها، وجعلها خاضعة وموالية للنفوذ الفارسي في العراق، كما أن ذلك يعد أحد أهم أسباب انتشار المليشيات فيها.
وأكد الناشطون الذين رفضوا الكشف عن هويتهم، في حديثهم لـ"العربي الجديد" أن ديالى ومركزها بعقوبة 57 كلم شمال شرقي بغداد، يكون خطرها قد انتهى بعد السيطرة عليها، وأن أي نجاح لعمل تلك المجاميع المسلحة فيها، سيكون على حساب أرواح الناس وممتلكاتهم، وهو مؤشر على ارتفاع وتيرة العنف ومعدلات الخطف والقتل لسكانها.
وفي التقرير الذي أعده الناشطون، واطلعت عليه "العربي الجديد" فإن هذه المليشيات المنتشرة، (مليشيا منظمة بدر، عصائب أهل الحق، جيش المهدي (سرايا السلام)، لواء اليوم الموعود، الخراساني، مليشيا الإمام علي، كتائب جيش المختار، كتائب حزب الله، كتائب الإمام الغائب، الحشد الشعبي)، تشترك جميعها بالأهداف، لكنها تختلف من حيث القيادة والتحكم بها، كما تهدف إلى ضم أقضية ونواح مثل الخالص والعظيم، وهبهب، وأجزاء كثيرة من ديالى، إلى المحافظة جديدة المزمع إقامتها (محافظة سامراء المقدسة)، والتي تضم قضاء سامراء، التابع لمحافظة صلاح الدين، وما يتبعه بحسب المخطط الفارسي، الذي تحدث عنه التقرير.
وهذه المجاميع أصبحت خارجة عن سيطرة الحكومة وحتى المرجعيات الدينية، بل إنها تأخذ أوامرها من خارج الحدود، وقد استنكر رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر في أكثر من مناسبة الممارسات التي تقوم بها المليشيات ووصفها بالوقحة، وأعلن تبرئته منها.
ودوّن التقرير أرقام بعض المجازر والانتهاكات التي حدثت في وقت سابق وتحدث الآن، معتبرين أن ما يحدث ما هو إلا تمهيد للانتصار الفارسي في العراق، إذ نفّذت المليشيات خمس مجازر في الفترة ما بين شهري مارس/آذار ونوفمبر/تشرين الثاني لعام 2014 (مجزرة ناحية بهرز - 30 قتيلاً، مجزرة سجناء مقر لواء الجيش الفوج الأول في المقدادية - 27 قتيلاً، مجزرة سجناء مركز شرطة الوحدة في بعقوبة - 44 قتيلاً، مجزرة جامع مصعب بن عمير منطقة حمرين - 34 قتيلاً، مجزرة قرية القراغول في الخالص - 85 قتيلاً).
وبلغ مجموع الضحايا 220 قتيلاً وعدداً من الجرحى، فضلاً عن عشرات يقتلون ويُخطفون شهرياً، أما العام الحالي فقد شهد مجزرتين لغاية الآن، كانت أولاهما مجزرة قرية بروانة التابعة لقضاء المقدادية، وقد راح ضحيتها نحو 80 قتيلاً، فيما كانت المجزرة الأحدث في سجن الخالص والتي أودت بحياة 70 سجيناً.
وتحدث التقرير عن أرقام المخطوفين والمعتقلين والمغدورين، فضلاً عن القرى التي هجرها سكانها، والمساجد التي تم هدمها وحرقها، إذ يبلغ عدد المخطوفين في ديالى منذ 2003 ولغاية اليوم 27,380 مواطناً مخطوفاً، ووصل عدد الذين تم اغتيالهم إلى 78,598 مواطنا، أما عدد المعتقلين فقد بلغ 52,320 معتقلاً منذ 2003 ولغاية اليوم. وقد تم هدم وحرق 250 مسجـداً، كما أحرق وهدم 47,800 منزل، فضلاً عن هجر السكان لـ 198 قرية، ولم تكن البساتين والمزارع بأفضل حال، فقد بلغ عدد البساتين التي جرفت وأحرقت 320 بستاناً، بالإضافة إلى عدد كبير من البساتين، استحوذت عليها المليشيات واستخدمتها لصالحها.
وأوضح الناشطون أن العنف يفتك بجميع أقضية ديالى، حتى بعد أن أعلن زعيم منظمة بدر هادي العامري تحرير كامل أراضيها من تنظيم "داعش"، مؤكدين أن هذا التقرير وإحصائياته ليست نهائية، بل إن الأرقام قابلة للزيادة يوماً بعد آخر، ما دامت المجاميع المسلحة تعبث بأمنها تنفيذاً للمخططات الإيرانية ضد سكان هذه المدينة.
كما أشاروا إلى عزمهم على جمع كافة الأدلة التي تُدين المليشيات، وتقديمها للمحاكم الدولية لاسترجاع بعض الحقوق المسلوبة، ولإظهار حقيقة الجرائم التي يرتكبها هؤلاء المرتزقة أمام العالم أجمع على حدّ وصفهم. ويسكن ديالى خليط من الطوائف والقوميات العراقية من عرب وأكراد وتركمان، غالبيتهم من العرب السُنة، ويبلغ تعداد سكانها نحو مليون ونصف المليون نسمة تقريباً.
اقرأ أيضاً: 25 ألف عراقي في النزوح الثاني من الرمادي