تكاليف الربيع العربي

18 ديسمبر 2014
محمد بوعزيزي أيقونة الربيع العربي (أرشيف/Getty)
+ الخط -
تبقى الكلفة الاقتصادية للربيع العربي، هي الأعلى، بعد الكلفة البشرية الباهظة التي تكبدتها الدول التي حطّ الربيع رحاله فيها. ولا شك في أن جزءاً مهماً من الكلفة الاقتصادية مرجعه الكلفة البشرية.
خسرت دول الربيع العربي، خلال السنوات الأربع الماضية، الآلاف من البشر، الذين راحوا ضحية قمع الأنظمة القابعة على مقاعد السلطة، من ينادون بالحرية والتغيير، والأرواح لا تقدر بثمن عادة، لكنها مؤثرة اقتصادياً، باعتبار أن التنمية البشرية هي العامل الأهم في التنمية الاقتصادية.
وتكبّدت دول الربيع العربي خسائر فادحة في الأيدي العاملة، جراء إصابة مئات الآلاف بإصابات متباينة، جسدية ونفسية، ما يجعل الكلفة البشرية للربيع العربي شبه كارثية.
لكن خسائر الربيع العربي لم تتوقف عند البشر، رغم كونهم الأهم، وإنما تجاوزتهم إلى الموارد، فمعظم دول الربيع توقفت فيها الاستثمارات كلياً أو جزئياً، والمنطقة العربية كلها تأثرت فيها معدلات الاستثمار والنمو الاقتصادي والتدفق السياحي، لأسباب لها علاقة بالاضطرابات المشتعلة، والتظاهرات المتواصلة، وحروب أهلية اندلعت أو تكاد تندلع.
وبينما تأثرت كثير من الدول العربية جراء آثار الربيع العربي، يبدو تفاعل السلطات الحاكمة استفزازياً، فرغم الخسارة ونفاد الاحتياطيات الأجنبية أو تدهورها، تخصص عدد من تلك الدول المزيد من موازناتها لشراء السلاح، سواء لتدعيم قدرات الجيوش القتالية، رغم أن مهام معظم تلك الجيوش تنحصر في مقاومة المواطنين بدلاً من حماية الأمن الوطني وحراسة الحدود، أو لإمداد قوات الشرطة بوسائل القمع والتعذيب لمقاومة الاحتجاجات والتظاهرات.
وليس جديداً اكتشاف أن كثيرا من الدول العربية تخصص من موازناتها للإنفاق على التسليح واستيراد أدوات القمع، أضعاف ما تنفقه على التعليم والصحة والتنمية مجتمعة، لكن العجيب أن يتواصل الإنفاق على السلاح في ظل التدهور الاقتصادي القائم، وأن يتواصل تجاهل التنمية بعد ثورات قامت بالأساس مطالبة بالعيش والحرية والكرامة.
وفي حين يؤكد كثيرون أن الأنظمة الشمولية العربية حريصة على بقاء شعوبها فقيرة جاهلة، حتى لا تثور أو تطالب بحقوقها الأساسية، إلا أن آخرين باتوا يرددون أن خطط تدمير الوعي العربي قديمة، وأن أنظمة عالمية وراءها، أو على الأقل شريكة في وضعها، وأن الحكام الذين ثارت عليهم الشعوب كانوا فقط أدوات للتنفيذ.
رغم كل ذلك أثبت الربيع العربي أن الأمل ما زال قائماً، وأن الحرية لا شك قادمة.
المساهمون