بفئاتهم، يشكّل الفلسطينيّون جزءاً من النسيج اللبناني، يتفاعلون معه. وتلاميذ مدرسة الفنون الإنجيليّة الوطنيّة في صيدا (الجنوب)، خير مثال. فهم نشطوا إلى جانب زملائهم اللبنانيّين في المدرسة وتحت إشراف مدير القسم الثانوي، شادي مشنتف، في أعمال تطوعيّة تهدف إلى جمع تبرعات ماليّة وتقديمها لحالات خاصة سبق ودرسوا وضعها.
ويشرح مشنتف أن هذا العمل التطوعي ومشاركة التلاميذ الفلسطينيّين واللبنانيّين فيه يترجمان رؤية المدرسة، و"فكرته تهدف إلى التواصل مع المحيط الذي نعيش فيه والتعرّف عليه أكثر والتقرّب من الآخر، خصوصاً وأن تلاميذ المدرسة من كل الطوائف". يضيف أن الفكرة كانت "تقوم على العمل التطوعي في مدينة صيدا ومحيطها الجغرافي لنؤمن خدمة لهذا المجتمع، على أن تكون الخدمة مجانية. ومن الشروط أن يكون العمل التطوعي إلزاميّاً لجميع التلاميذ، فلا يستطيع أي منهم الحصول على إفادة نجاح من المدرسة إلا بعد قيامه بخدمة المجتمع والتفاعل معه".
ويشرح مشنتف كيفيّة تنفيذ هذا العمل التطوّعي على الأرض من التلاميذ، فيقول: "يختار كل صف دراسي مشروعاً للعمل عليه ويقدّمه مفصلاً إلى الإدارة، بعدما يدرس إمكانيّة العمل عليه وتحقيق النتائج المرجوّة منه. وبعد موافقة المسؤولين عليه، يقوم التلاميذ أنفسهم بتأمين تمويل للمشروع الذي اختاروه وبالطريقة التي يرونها مناسبة. فيعملون على تأمين تمويل لمشروعهم التطوعي، وذلك من خلال بيع الحلوى على الطرقات مثلاً أو من خلال العمل في محطات محروقات وفي غسل السيارات أو من خلال جمع تبرّعات من أصحاب محال كبيرة وأصحاب أموال".
ومن خلال الأموال التي جمعت، نجح التلاميذ في "ترميم منزل في صيدا القديمة لأشخاص كانوا عاجزين عن ترميمه، وآخر في بلدة الصرفند (الجنوب). كذلك كان تأهيل لمكتبتَين في مدرستَين تابعتَين لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيّين (الأونروا) في منطقة صيدا، يتابع الفلسطينيّون فيهما تعليمهم". ويتابع مشنتف، إن التلاميذ نجحوا، أيضاً، في "تشجير غابتَين في جنوب لبنان بأنواع عدّة من الأشجار. وقد حدّدوا أياماً خصّصوها لدعم مرضى السرطان ومساعدة كبار السنّ الموجودين في دور العجزة في منطقة صيدا ومخيّماتها. كذلك، ساهموا في جني محصول الزيتون في المنطقة، ووضعوا من جهة أخرى خطط عمل في مخيّم عين الحلوة ترتبط بشؤون الأشخاص المعوّقين. ومن المتوقّع أن يُصار إلى العمل مع الأطفال المحرومين في عين الحلوة، بالإضافة إلى تنظيم رحلات ترفيهيّة لهم وزيارتهم في منازلهم وإشراكهم في نشاطات مختلفة".