تنمية الثروة الحيوانية في السودان تصطدم بالإحصائيات القديمة

15 يوليو 2016
ثروة حيوانية معطّلة في السودان (فرانس برس)
+ الخط -
تسعى وزارة الثروة الحيوانية في السودان إلى الانتهاء من إحصاء حديث دقيق للوصول إلى جميع المعلومات المتعلقة بحجم الثروة الحيوانية الحقيقي عقب انفصال جنوب السودان، واعتبرت الوزارة أن الإحصاء الحالي قديم ما يعرقل تنمية هذا القطاع المهم والحيوي، وتأمل الحكومة في تعظيم الاستفادة من هذا القطاع القادر على انتشال اقتصاد البلاد الغارق في الأزمات.
وفي هذا السياق، قال وزير الثروة الحيوانية السوداني، موسى تبن، في تصريحات خاصة لـ"العربى الجديد" إن السودان ما زال يعتمد على الإحصاء القديم الذى تم خلال عام 1977، أي منذ 40 عاماً تقريباً. وأكد الوزير أن عائدات الثروة الحيوانية في ولايات السودان المختلفة تدعم الخزينة العامة بمليار دولار سنوياً.
وأوضح تبن، أن الدولة وجهت اهتمامات لكل أنواع الرعي ومنها المتنقل عبر تطوير معامل إنتاج اللقاحات والتغذية الجيدة.
وكانت الإحصائيات الرسمية رصدت أن أعداد الثروة الحيوانية تبلغ 107 ملايين قبل انفصال جنوب السودان عام 2011.
ويقول متخصصون في القطاع، إن تربية الماشية في السودان ثقافة متجذرة عند كثير من القبائل وتعد إرثاً للكثير من السودانيين الذين يعتمدون عليها كمصدر دخل رئيسي في بعض المناطق، إلا أن هذا القطاع يواجه بعقبات عديدة.
ويؤكد رئيس شعبة مصدري اللحوم في السودان، خالد المقبول، لـ"العربي الجديد"، إن القطاع لم يتلق أي نوع من التطوير المعلوماتي ولم تضخ فيه استثمارات جديدة تذكر مع ضعف التمويل والدعم الفني.
ولكن على الرغم من عدم الاهتمام الحكومي، إلا أن هذا القطاع يساهم بحوالى 20% من إجمالي الناتج القومي و52% من جملة ناتج القطاع الزراعي، حسب الإحصائيات الرسمية.
وأرجع المقبول، عدم وجود إحصائيات دقيقة إلى تغير شكل الحكم وعدم الاستقرار السياسي، ما أدى إلى إهمال الجانب المعلوماتي والإحصائي بالقطاعات الاقتصادية المختلفة ومنها الثروة الحيوانية.
وتتوقع مصادر بالجهات المختصة أن يصدر قرار في وقت قريب، ببدء الإحصاء الحيواني العام المقبل لمعرفة الحجم الحقيقي للثروة الحيوانية، وحسب مختصين سيتجاوز حجم الثروة الحيوانية في الإحصائيات الحديثة الأرقام المعلنة بكثير.

وتصنف السلالات السودانية بأنها الأجود في العالم، إلا أنها غير مسجلة كملكية فكرية وكثير منها لم تتم دراستها وفحصها وفقاً للتكوين الوراثي، حسب تقارير حكومية.
وكانت وزارة الثروة الحيوانية، أدخلت بعض السلالات ومنها "الانجص" المعروفة عالمياً بكثرة لحومها، بهدف تحسين نوعية الثروة الحيوانية، والقدرة على المنافسة في الأسواق الإقليمية والعالمية.
وتعتمد الوزارة على البرنامج الخماسي الذي تتبناه الحكومة حالياً في تطوير القطاعات الاقتصادية، وتسعى إلى تفعيل إجراءات الحجر الصحي وإنتاج اللقاحات لمواكبة التطورات العالمية عبر الاسترشاد بالتقنيات الحديثة المستخدمة في محطات البحوث.
وحسب خبراء في المجال، يواجه هذ البرنامج بعقبات يقول بعض الخبراء إنها ربما تحد من انطلاقتها حيث أن طرق الإنتاج تقليدية وتحتاج إلى تحديث، كما أن البيئة عرضة للتغيرات المناخية التي أصبحت سمة بارزة في المنطقة خاصة وأن التنقل الدائم إلى دول الجوار يساعد على نقل وانتشار أمراض الحيوان العابرة للحدود.
وكانت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، وضعت هدفاً للثروة الحيوانية لتحقيقه خلال عام 2016، يقدّر بحوالى مليار ونصف المليار دولار، إلا أن المصدرين يرون أن الاختراق الحقيقي يكمن في صادرات الأبقار.
وأعلنت وزارة الثروة الحيوانية في وقت سابق أنها تسعى إلى تصدير 300 ألف رأس إبل، وتصدير لحوم حية تقدر بنحو 600 ألف طن، مع تكثيف الجهود لزيادة الصادرات في بقية القطاعات.
ولكن المقبول، يشير إلى تدهور كبير للصادرات في الآونة الأخيرة، من وجهة نظره، وقال كنا في السابق نصدر 16 مليون طن لحوم والآن تدهور إلى 6 ملايين طن فقط.


وطالب المقبول، بقيام مجلس للمواشي واللحوم، يمتلك صلاحيات كافية لتطوير هذا القطاع ويدار عبر القطاع الخاص لمنع التضارب في الأسواق الخارجية مع ترتيب كل القطاع وتنظيمه والترويج بمشاركة خبراء مختصين وحكوميين.
وتأتى فكرة المجلس لتوفير بنية تحتية وتنظيم أسواق داخلية وخارجية على أن يكون الترويج للقطاع عبر قناة واحدة للتعامل والحصول على أفضل الأسعار حال المشاركة في المعارض الدولية والإقليمية.
وتقول تقارير إقليمية حديثة، أن السودان يأتي في المراتب الأولى في القارة الأفريقية من حيث الخدمة البيطرية وفي المرتبة الثانية بعد جيبوتي، في الوقت الذي كانت تعتمد فيه بورصات أوروبا على السودان في كل ما يتعلق بشأن اللحوم.

وينفي وزير الثروة الحيوانية، صحة ما يتداول بشأن قلة الصادرات، مؤكداً أن الصادرات بدأت تنمو بمعدلات كبيرة ومقارنة العام 2015 مع العام 2014، وقال إن صادراتنا زادت بمليون رأس، وهناك توقعات بزيادتها الفترة المقبلة.
وحسب خبراء بالقطاع، يعاني القطاع من زيادات صادرات الماشية "غير المذبوحة" عقب فتح الحكومة لأبواب تعاون جديدة مع بعض الدول التي تطلب خرافاً سودانية "سواكني" لما يتميز به هذا النوع من جودة نتيجة لعدم وجود مجازر متطورة.
وتبقى مسألة المجازر الآلية، عقبة في سبيل تصدير اللحوم إلى الخارج باعتبار أنها تحقق قيمة مضافة للمنتج محلياً.
ويقول المتخصص في الثروة الحيوانية، آدم إسحاق، لـ"العربي الجديد"، إن كل المجازر الموجودة البالغ عددها 11 مجزراً، مملوكة للقطاع الخاص ما عدا واحد مملوك للحكومة. ويشير إلى مواجهة المجازر مشاكل من المحليات التى تسعى إلى الربحية من بعض "المساطب المحلية" غير المرخصة الموجودة في الشوارع دون تنفيذ الاشتراطات المعمول بها في المجازر الكبيرة.
وحسب تقارير رسمية، يمتلك السودان 14 نوعاً من خراف الضأن و16 نوعاً من الأبقار ومثلها من الماعز وأكثر من 6 أنواع من الإبل.
وتنظم الحكومة السودانية سنوياً مؤتمراً لمناقشة قضايا الثروة الحيوانية بالتنسيق مع ولايات السودان للوصول إلى توجهات تتسق مع التوجهات العامة الرامية لتحقيق النمو الاقتصادي الشامل.
وتوصل المؤتمر الأخير الذي عقد في شهر مايو/أيار الماضي، إلى البدء في تسجيل السلالات عبر لجنة الأصول الوراثية السودانية لاختيار أجود الأنواع حيث يتم عمل ملف لكل نوع، كما تم الاتفاق مع الصين على إنشاء مجازر بمواصفات حديثة لتلبية طلبات الدول المجاورة.