انعكست تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي أبدى جهوزية لفتح حوار مع إيران دون شروط مسبقة، بشكل إيجابي نسبيا على أسعار صرف العملة المحلية في السوقين الحرة والسوداء، فوصل الدولار إلى 110 آلاف ريال يوم الثلاثاء، بعد أن انخفض صباحا إلى 100 ألف، وهو الذي حطم رقما قياسيا يوم الإثنين بعد أن ارتفع إلى 115 ألفا للريال.
وعلى رغم التوقعات بأن تعود العملة الإيرانية للانخفاض أمام الدولار في وقت لاحق، إلا أن سعر الصرف الرسمي لدى البنك المركزي تحسن كذلك، فبلغ الدولار 4407 تومان إيراني أي ما يزيد عن 44 ألف ريال بقليل، بعد أن وصل الإثنين إلى 44 ألفا و70 ريالا، كما تحسنت مؤشرات البورصة فارتفعت بمقدار 3800 نقطة، وسجلت معدل 120 ألف نقطة.
من جهته، اعتبر نائب رئيس غرفة التجارة الإيرانية حسين سلاح ورزي أن مقترح ترامب الأخير يترك تأثيرا إيجابيا في سوق الاستثمار، وأن رد الرئيس روحاني على ذلك قد يكون كفيلا بتخفيف التدهور في المؤشرات الاقتصادية.
وترنح الريال الإيراني خلال الأيام القليلة الماضية، وسط انسحاب كبرى الشركات العالمية من المتاجرة مع إيران وقلق التجار والمصارف العاملة في البلاد، كما زاد التراجع تحت ضربات الحظر الأميركي حتى قبل أن يبدأ تنفيذه عملياً.
يذكر أن العديد من الشركات العالمية أوقفت مشترياتها لعقود النفط المستقبلية، كما انسحبت شركات طاقة من عقود تنفيذ مشاريع الغاز والنفط الإيرانية.
وبحسب وكالة فرانس برس، خسر الريال الإيراني 18% من قيمته مقابل الدولار في غضون يومين، وذلك وسط القلق من الحظر الأميركي على إيران وتداعياته على تدفق العملات الصعبة للبلاد. ومنذ مطلع العام، خسر الريال نحو ثلثي قيمته.
وبلغ سعر الدولار 119 ألف ريال في السوق الموازية يوم الثلاثاء، أي بتراجع 18% مقارنة بيوم الأحد، عندما كان سعر صرف الدولار 100 ألف ريال قبل أن يتحسن بشكل طفيف. وفي الأول من يناير/ كانون الثاني 2018، كان الدولار يعادل 42.9 ألف ريال بحسب فرانس برس في تقرير أمس.
وفي إطار الأزمة النقدية الحادة، استبدل روحاني الأسبوع الماضي محافظ المصرف المركزي ولي الله سيف بعبد الناصر همتي. وكان ولي الله سيف قد واجه انتقادات حادة من قبل أعضاء البرلمان بشأن سياسة تثبيت سعر صرف الريال قبل شهور، وقال برلمانيون إن تثبيت سعر الصرف كان سبباً رئيسياً في هروب الدولارات من البلاد إلى مراكز تجارية خارجية.
وأعلن المصرف المركزي، يوم الإثنين، أن تقلب العملة الوطنية مرده إلى "مؤامرة الأعداء" وتعهد اتخاذ إجراءات جديدة "في الأيام المقبلة" من أجل مواجهة هذا التراجع.
وسعت الحكومة إلى تثبيت السعر عند 42 ألفاً في إبريل/ نيسان، وهددت بملاحقة تجار السوق السوداء، لكن المصارف ترفض بيع الدولار بالسعر المنخفض، ما أضطر الحكومة إلى تليين موقفها في يونيو/ حزيران والسماح بمرونة أكبر لبعض فئات المستوردين.
من جانبه، صرّح رئيس شرطة محافظة طهران حسين رحيمي بأن السلطات اعتقلت 35 شخصا على علاقة بسبعة ملفات اقتصادية منها ما يرتبط بالتلاعب بأسعار الصرف والذهب، موضحا أن 5 متهمين تم نقلهم إلى السجن، إضافة إلى أن السلطات تحقق مع سماسرة آخرين تزيد مضارباتهم من ارتباك السوق، وكانت السلطة القضائية قد توعدت بمحاسبة من سمّتهم بمكدري الأمن الاقتصادي.
وفي السياق ذاته، أعلن نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري أن البنك المركزي يجهز سياسات جديدة تتناسب والظروف الراهنة وسيعلن عنها الأسبوع القادم، كما ذكرت وكالة تسنيم أن المحافظ الجديد للمصرف المركزي وافق على دعم وتقوية السوق الثانوية التي ستدعم سعر الريال الإيراني.
ونقلت عن رئيس لجنة النقد والمصارف في البرلمان محمد حسين زاده، قوله إن البرلمان والحكومة قد اتفقا على إدارة سوق الصرف، منتقدا سياسة الحكومة التي اعتمدت على تثبيت سعر صرف الدولار على 42 ألف ريال، وقال إن إدارة الأزمة تتطلب سياسة حكيمة لا انفعالية.
كما أشار رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان محمد رضا بور إبراهيمي إلى أن عدم ضخ وعرض كميات كافية من الدولار والعملة الصعبة في السوق الثانوية أحد أبرز أسباب تدهور مؤشرات السوق، فكان من المفترض أن توضع عائدات الصادرات غير النفطية في خدمة هذه السوق المساعدة والتي تبلغ تقريبا ٤٥ مليار دولار، بما يساعد على إدارة الأزمة.
وأوضح بور إبراهيمي أن 20% من عائدات الصادرات غير النفطية هي التي توضع في خدمة السوق المساعدة وحسب ما يعني 9 مليارات دولار، بينما تحتاج السوق إلى ما يعادل 30 مليار دولار.