ينتظر أن تعلن رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، أن روسيا هي المتهم الأول وراء محاولة اغتيال العميل المزدوج سيرغي سكريبال في مدينة سالزبيري، بعد اجتماعها بمجلس الأمن القومي اليوم الإثنين، في ظل توجه لفرض عقوبات على الأثرياء الروس.
وكان مسؤولون حكوميون بريطانيون قد لمحوا إلى أن الشرطة والمخابرات البريطانية قد تمكنت من ربط روسيا بالاعتداء على سكريبال وابنته البالغة من العمر 33 عاماً، باستخدام غاز الأعصاب.
وصرح رئيس اللجنة البرلمانية للعلاقات الخارجية، طوم توغندات، وهو من الشخصيات الكبرى في حزب المحافظين الحاكم، أنه "في حال تأكيد هذا الأمر، فإن بريطانيا ستفرض المزيد من العقوبات على روسيا، والتي يتوقع أن تماثل نظيرتها الأميركية في قانون مانيتسكي، والذي سيستهدف الأثرياء الروس المرتبطين بالحكومة الروسية والمقيمين في بريطانيا".
وقال توغندات: "نتوقع أن تقوم رئيسة الوزراء بإعلان قريب جداً، ولكني صراحة سأكون شديد الدهشة إن لم توجه أصابع الاتهام نحو الكرملين"، مضيفاً في مقابلة مع "بي بي سي"، أنه "من الجلي أن الحكومة الروسية تتصرف بعدوانية ضد سكان المملكة المتحدة".
وتابع "يجب ضمان أن يستوعب (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين ردة فعلنا، وأن يستوعب مؤيدوه أن دعمه ليس بالفكرة العظيمة".
وتترأس ماي اجتماع مجلس الأمن القومي الذي يضم الحكومة المصغرة، إضافة إلى مسؤولين أمنيين ومخابراتيين.
وينتظر أن يخرج عن الاجتماع موقف أشد حسماً من الموقف الذي اتخذته بريطانيا عام 2006، عندما نجحت موسكو في دس السم لألكساندر ليتفينينكو في لندن.
ومن المتوقع أن يكون وزير الخارجية، بوريس جونسون، من أشد المطالبين بـ"الرد الحاسم" ضد روسيا، على خلفية مواقفه الصلبة ضدها في مجلس العموم الأسبوع الماضي، على أن ينضم إليه وزير الدفاع، غافين وليامسون، ووزير المالية، فيليب هاموند.
وقال توغندات: "يجب أن نكون شديدي الحذر كي نمنع النخبة الروسية، وهم الذين جنوا ثرواتهم بنهب خيرات روسيا، وبالسرقة من الشعب الروسي على مدى 20 عاماً، وأن يدركوا أنهم لن يستطيعوا إنفاق ثرواتهم هذه في لندن".
وأضاف: "نرى الأموال الروسية تنشر الفساد في مؤسسات أخرى أيضاً. لذلك يجب أن نكون حذرين جداً لكي لا نصبح ضحايا لهذا الأمر. هذا لا يعني فقط الرد الحاسم على العدوان مثلما شهدنا، بل أيضاً السيطرة على انتشار المال الروسي الفاسد".
وأعلن وزير المالية في حكومة الظل العمالية، جون ماكدونيل، مقاطعته لمحطة "روسيا اليوم" التي تملكها الحكومة الروسية، والتي وصف تغطيتها بأنها "أبعد من الصحافة الحيادية"، وأنه يجب على نواب حزب العمال عدم الظهور على شاشتها.
أما مارينا ليتفينينكو، زوجة المعارض الروسي ألكساندر ليتفينينكو الذي اغتالته المخابرات الروسية في لندن قبل عقد من الزمان، فقد قالت إن بريطانيا لم تتعلم الدرس حينها، وذكرت أن تيريزا ماي قد بعثت لها برسالة عام 2016، تعدها بأن تتخذ الحكومة "جميع الخطوات الممكنة لمنع تكرار هذه الجرائم، ولكن لسوء الحظ، وقع الأمر مجدداً، ولم يتعلموا الدرس من مقتل زوجي".
وكانت هيئة الصحة العامة في إنكلترا قد أرسلت توجيهاً لكل من زاروا المطعم الذي تعرض فيه سكريبال وابنته للمادة السامة بأن يقوموا بغسل ملابسهم جيداً خشية تعرضهم لها.
وقالت دام سالي ديفيس، كبيرة أطباء إنكلترا، أنه يتوجب على كل من زار مطعم "زيزي" أو بار "ميل" بين موعد الغداء بعد ظهر الأحد ومساء الإثنين، غسل ثيابهم وجميع ممتلكاتهم الشخصية في حال كانت ملوثة، ويأتي ذلك رغم طمأنتها السكان الأربعاء الماضي بأن هذين المطعمين قد "تم تأمينهما".
وكان سكريبال وابنته قد توجها إلى هذين المطعمين قبل أن ينتهي بهما الأمر فاقدين للوعي على كرسي في منطقة "مالتنغز" للتسوق. ولا يزال كلاهما في العناية المشددة. أما المحقق نيك بايلي، والذي أبدى علامات التعرض للمادة السامة ذاتها، فهو في حالة مستقرة.
ودفع إعلان السلطات الصحية المتأخر عن هذه الإجراءات الوقائية، إضافة إلى الغموض في تفاصيل الحادثة، السكان إلى الإحباط من طريقة التعامل معها، وخاصة أن السلطات كانت على علم من الثلاثاء الماضي بوجود المادة السامة في المطعمين.
وتأتي حادثة سكريبال هذه في لحظة حرجة بالنسبة لفلاديمير بوتين، حيث ستجري روسيا انتخاباتها الرئاسية الأحد، وهو تصويت يضمن بوتين الانتصار فيه، ولكنه يرغب في أن يكون حضور الانتخابات بأعلى ما يمكن لمنح حكومته شرعية أكبر.