وفقاً لنشأتي وسط عدد من الأخوات كانت تجبرنا والدتي أن نقسّم أدوارنا في أعمال البيت في جدول بحيث يتم تداول غرف ومطبخ وحمامات المنزل علينا جميعاً بشكل يومي، والحقيقة أنها كانت تصر على تنفيذ الجدول حرفيا من دون تهاون في فترة الصيف، بينما تترك لنا متسعاً في وقت الدراسة وتشاركنا التنظيف تخفيفاً عنا حتى نتمكن من تأدية واجباتنا المنزلية.
كانت صديقاتنا يسخرن منا بأننا لا نملك عاملة منزلية تخفف عنا ذاك الهم. والحقيقة أننا اكتسبنا مسؤولية ومهارة في إدارة الوقت تفوقهن جميعا. ولأني لمست نتائج ذلك بنفسي فقد كنت أدرب أطفالي منذ الرابعة من عمرهم تقريبا أن يعيدوا ترتيب أسرّتهم فور قيامهم من النوم، وبالرغم من "كعبلة" الأسرّة فقد كنت أثيبهم وأشجعهم على مجهودهم المتواضع.
وحينما التحقوا بالمدارس والتمرينات الرياضية كنت لا أسمح بخروجهم من البيت إلا بعد أن يرتبوا غرفهم جيدا، حينما بلغ طفلي الأكبر سن السابعة سمحت له بأن يستحم بمفرده أولا ثم أحممه مرة أخرى. وفي الثامنة وعلى خوف مني كلفته بشراء بعض من طلبات البيت من أقرب بقالة قريبة منا.
من ضمن بعض المهام التي كلفت بها أبنائي أن يغسلوا أطباقهم بعد أن ينتهوا من طعامهم وأن يتركوها بقرب الحوض حتى أرفعها فيما بعد، والحقيقة أني كنت أعيد غسلها من جديد.
أما عن وقت المذاكرة، فقد كنت أستذكر معهم حتى مرحلة معينة تدريباً لهم ثم رفعت يدي عنهم واكتفيت بالإشراف والمتابعة من بعيد، كنت أكلف أكبرهم أن يجالس إخوته حتى أعود من مشوار قصير. مؤخرا طلبت من أحدهم وقد كان مريضا بأن يتناول دواءه بمفرده، بعد أن دربته على الجرعات المقررة، وما عليّ إلا أن أذكره بموعد تناول الدواء فقط، أما إن أهمل في تناوله فعليه أن يتحمل العواقب بمفرده.
اقــرأ أيضاً
كان عليهم أن يضعوا ملابسهم المتسخة في سلة الغسيل، كانوا وما زالوا مسؤولين عن ترتيب خزانة ملابسهم. وفي نهاية الأسبوع على أحدهم أن ينظف كل زجاج ومرايا البيت، وعلى الآخر أن ينظف البيت بأكمله بالمكنسة الكهربائية.
من تجارب صديقاتي أنّ إشفاقهن على أطفالهن من تولي أي مهام في صغرهم جعلهم أنانيين في متطلباتهم، مهملين في غرفهم، بل الأكثر من هذا جعلهم متمردين رافضين لأي مهمة يكلفون بها.
توزيع المهام المنزلية على أفراد الأسرة، بمن فيهم الأب يرفع الحرج عن الأطفال ويشعر الجميع بالتساوي في الواجبات قبل الحقوق، ويؤكد معنى أننا ما دمنا أعضاءً في أسرة واحدة فليس من العدل أن تلقى كل المهام على شخص واحد حتى لو كانت عاملة المنزل.
ما زلت أرى أن توزيع المهام والاختصاصات يعزز إحساس الطفل بالمسؤولية ويدعم ثقته بنفسه فقد أوكل له والداه أدوارا مهمة إيماناً منهم به وبقدراته وأن تقاسم أفراد الأسرة للأعمال المنزلية يخفف العبء عن أفرادها، كما أن شعوره بالعرفان حين يتم شكره من والديه يدفعه ويشجعه على مساعدة الكبار أيضا. كما يوسع من دائرة مفاهيمه الخاصة بأن مساعدة الأسرة أو المجتمع عمل يدل على سمو الأخلاق وعلو الهمة. وهو دور يبعد أبناءنا عن الأنانية، ويعلمهم أن مصلحة الأسرة مقدمة على المصلحة الشخصية. وأن الحياة أدوار ومهام فإن لم ننجزها ونتدرب عليها ونحن صغار فإن أي مهمة توكل إلينا في الكبر ستشعرنا بالارتباك والتخبط.
يبقى أن يراعي الوالدان سن الأبناء حال توزيع المهام، كما أنه يتم تدوير المهام على الجميع حتى يتحقق مبدأ تكافؤ الفرص، وأن يُكافأ الأطفال بالهدايا أو على الأقل كلمات الثناء والامتنان.
اقــرأ أيضاً
وحينما التحقوا بالمدارس والتمرينات الرياضية كنت لا أسمح بخروجهم من البيت إلا بعد أن يرتبوا غرفهم جيدا، حينما بلغ طفلي الأكبر سن السابعة سمحت له بأن يستحم بمفرده أولا ثم أحممه مرة أخرى. وفي الثامنة وعلى خوف مني كلفته بشراء بعض من طلبات البيت من أقرب بقالة قريبة منا.
من ضمن بعض المهام التي كلفت بها أبنائي أن يغسلوا أطباقهم بعد أن ينتهوا من طعامهم وأن يتركوها بقرب الحوض حتى أرفعها فيما بعد، والحقيقة أني كنت أعيد غسلها من جديد.
أما عن وقت المذاكرة، فقد كنت أستذكر معهم حتى مرحلة معينة تدريباً لهم ثم رفعت يدي عنهم واكتفيت بالإشراف والمتابعة من بعيد، كنت أكلف أكبرهم أن يجالس إخوته حتى أعود من مشوار قصير. مؤخرا طلبت من أحدهم وقد كان مريضا بأن يتناول دواءه بمفرده، بعد أن دربته على الجرعات المقررة، وما عليّ إلا أن أذكره بموعد تناول الدواء فقط، أما إن أهمل في تناوله فعليه أن يتحمل العواقب بمفرده.
كان عليهم أن يضعوا ملابسهم المتسخة في سلة الغسيل، كانوا وما زالوا مسؤولين عن ترتيب خزانة ملابسهم. وفي نهاية الأسبوع على أحدهم أن ينظف كل زجاج ومرايا البيت، وعلى الآخر أن ينظف البيت بأكمله بالمكنسة الكهربائية.
من تجارب صديقاتي أنّ إشفاقهن على أطفالهن من تولي أي مهام في صغرهم جعلهم أنانيين في متطلباتهم، مهملين في غرفهم، بل الأكثر من هذا جعلهم متمردين رافضين لأي مهمة يكلفون بها.
توزيع المهام المنزلية على أفراد الأسرة، بمن فيهم الأب يرفع الحرج عن الأطفال ويشعر الجميع بالتساوي في الواجبات قبل الحقوق، ويؤكد معنى أننا ما دمنا أعضاءً في أسرة واحدة فليس من العدل أن تلقى كل المهام على شخص واحد حتى لو كانت عاملة المنزل.
ما زلت أرى أن توزيع المهام والاختصاصات يعزز إحساس الطفل بالمسؤولية ويدعم ثقته بنفسه فقد أوكل له والداه أدوارا مهمة إيماناً منهم به وبقدراته وأن تقاسم أفراد الأسرة للأعمال المنزلية يخفف العبء عن أفرادها، كما أن شعوره بالعرفان حين يتم شكره من والديه يدفعه ويشجعه على مساعدة الكبار أيضا. كما يوسع من دائرة مفاهيمه الخاصة بأن مساعدة الأسرة أو المجتمع عمل يدل على سمو الأخلاق وعلو الهمة. وهو دور يبعد أبناءنا عن الأنانية، ويعلمهم أن مصلحة الأسرة مقدمة على المصلحة الشخصية. وأن الحياة أدوار ومهام فإن لم ننجزها ونتدرب عليها ونحن صغار فإن أي مهمة توكل إلينا في الكبر ستشعرنا بالارتباك والتخبط.
يبقى أن يراعي الوالدان سن الأبناء حال توزيع المهام، كما أنه يتم تدوير المهام على الجميع حتى يتحقق مبدأ تكافؤ الفرص، وأن يُكافأ الأطفال بالهدايا أو على الأقل كلمات الثناء والامتنان.