كشف تقرير رسمي عن توقعات متشائمة حول معدلات النمو الاقتصادي بالمغرب في العام الحالي، ما سيكون له تأثير على فرص العمل وإعادة توزيع الإيرادات وتحسين مستوى عيش السكان، حسب مراقبين لـ"العربي الجديد".
وراجعت المندوبية السامية للتخطيط (حكومية) توقعات النمو للعام الماضي، إذ خفضته إلى 2.3 في المائة، بعدما كانت التوقعات تشير إلى أنه سيتراوح بين 2.6 و2.7 في المائة، فيما تترقب أن يرتفع في العام الحالي إلى 3.5 في المائة، في حال تحقق بعض الفرضيات.
وفي هذا السياق، يؤكد الخبير في القطاع الزراعي، محمد هاكش، لـ"العربي الجديد" أن تحقيق هدف النمو للعام الحالي، كما في الأعوام الماضية، يبقى رهينا بمستوى محصول الحبوب وأداء القطاع الزراعي، مشيرا إلى أن الارتهان للتساقطات المطرية يجعل هامش الخطأ في التوقع كبيرا.
ويرى هاكش أنه في الوقت الذي يرتهن النمو للتساقطات المطرية، يبقى مستوى خلق فرص العمل، خاصة في الأرياف، متسما بتقلبات كبيرة، علما أن أغلب تلك الفرص تتسم بالهشاشة، وبالتالي لا تعكس فرص العمل المعلن عنها ومستوى البطالة حقيقة سوق الشغل في المملكة.
وتؤكد المندوبية السامية في تقرير صادر عنها أول من أمس، حول الظروف الاقتصادية، ارتفاع القيمة المضافة للقطاعات غير الزراعية بنسبة 6.4 في المائة العام الجاري، مقابل انخفاض بنسبة 4.3 في المائة في العام الماضي.
وتشير توقعات المندوبية إلى أن معدل التضخم سيرتفع من 0.8 في المائة في العام الماضي إلى 1.1 في المائة في العام الحالي، علما أن مستوى التضخم لا يعكس تمثل الأسر لقدرتها الشرائية، كما يتجلى من أبحاث المندوبية.
وتشدد المندوبية على أن الاقتصاد سيواصل ارتباطه بتطور القطاع الزراعي، فيما سيبقى الاستثمار الوطني في منحى مستويات النمو الضعيف، المسجلة منذ الأزمة الاقتصادية العالمية، مؤكدة أن الادخار الوطني سيواصل تسجيل تراجعات نسبة للناتج الداخلي الإجمالي، وبالتالي استمرار تفاقم الحاجيات التمويلية.
وخلصت إلى أن النمو الاقتصادي الذي انخفضت إمكانياته سيتأثر بعدة عراقيل تعيق مساهمته في التشغيل وإعادة توزيع الدخل اجتماعيا وجغرافيا ومساعي تحسين مستويات المعيشة للسكان.
وتلح على ضرورة تحسين تدبير البرامج الاستثمارية وتعبئة كبيرة للموارد لصالح القطاعات المنتجة، مؤكدة أن الزيادة في الاستثمار العمومي بـ4 نقاط مئوية من الناتج الإجمالي المحلي المخصصة لهذه القطاعات المنتجة، تمكن من تحقيق نمو اقتصادي بحوالي 5 في المائة.
ومن جهة أخرى، توصي المندوبية السامية للتخطيط، الخزانة العامة للمملكة، بتقليص اللجوء إلى الاقتراض الداخلي لتغطية حاجياتها التمويلية.
وينسجم هذا التصور مع رؤية المندوب السامي في التخطيط، أحمد الحليمي، الذي أكد أنه يتوجب تقليص اللجوء للاستدانة من السوق الداخلي، ما يشكل عامل إزاحة للقطاع الخاص، الذي يعاني من صعوبة الحصول على السيولة في السوق، معتبرا أنه لا ضير من الاستدانة من الخارج إذا كان الهدف الاستثمار في قطاع منتجة.
وتتوقع المندوبية أن يبلغ معدل الدين الداخلي للخزانة 52.1 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي مقابل 52 في المائة سنة 2019، في حين يرتقب أن يستقر دينها الخارجي في حدود 14 في المائة عوض 14.2%.