تونسيان هزما كورونا بالمعنويات المرتفعة

01 ابريل 2020
المطلوب الالتزام بالتوصيات (ياسين القايدي/ الأناضول)
+ الخط -
"لم تكن لديّ أيّ أعراض تشير إلى إمكانية إصابتي بفيروس كورونا، باستثناء ملاحظتي ارتفاعاً طفيفاً في درجة حرارتي إلى 38 درجة، وذلك بعد ثلاثة أيام من عودتي من فرنسا، وكان يمكن أن يمر ذلك من دون أن أعيره أيّ انتباه وأواصل حياتي بصفة عادية فأنشر العدوى في عائلتي وفي منطقتي عن غير قصد، لكنّي سارعت إلى التثبت، فاتصلت بوزارة الصحة، وفي الأثناء عزلت نفسي"، هكذا يتحدّث الثلاثيني التونسي أشرف لـ"العربي الجديد".

أشرف من محافظة القيروان، وسط غرب تونس، وهو واحد من عشرات التونسيين الذين يتماثلون إلى الشفاء من فيروس كورونا الجديد. يؤكد أنّ أصعب 24 ساعة مرّ فيها كانت تلك التي انتظر خلالها نتيجة تحليله، إذ مرت الساعات بين الشك واليقين والتفكير والقلق. يقول إنّه ما إن سمع بتأكيد إصابته بكورونا حتى انتابه شعور بالخوف ليس على نفسه إنّما من احتمال نقله العدوى إلى آخرين، سواء في عائلته، خصوصاً أنّ أحد أفرادها مصاب بالسكري، وآخر بضغط الدم، أو من قابلهم في الطريق أو في متجر تبضع فيه، إذ لم تفارق صورة مسنّ كان واقفاً أمامه في أحد الطوابير مخيلته.



لكنّ أشرف نقل العدوى بالفعل إلى زوجته (27 عاماً) فيما نجت طفلتهما (3 أعوام) من الإصابة. ولا تشكو زوجة أشرف من أيّ أعراض ولا تعاني من ضيق تنفس أو سعال، ما حتم بقاء الزوجين في الحجر الصحي وملازمة البيت لمدة 14 يوماً، حيث يحاول إمضاء يومه في تعقيم البيت والتنظيف والقيام ببعض الأعباء إلى حين مرور الوقت، مؤكداً أنّ الراحة ضرورية للشخص المصاب، ومعها المعنويات المرتفعة لأنّ الخوف والقلق يؤديان إلى إرهاق الجسد والشعور بالوهن، معتبراً أنّ دعم العائلة مهم في رفع المعنويات، وأنّه محظوظ بوجود أسرة تسانده في محنته.

يضيف أنّ المصاب بفيروس كورونا الجديد عليه الحذر كي لا ينقل العدوى إلى غيره وأن يلتزم بمقتضيات الحجر الصحي، فالمرض دفعه إلى التفكير في عمال النظافة الذين سيرفعون النفايات، وبالتالي كان يحكم إقفال أكياس القمامة، ويضعها في كيس ثانٍ ثم يلقيها لهم، مشيراً إلى أنّهم كانوا متفهمين طبيعة مرضه، ولم يجد منهم سوى التعاون والمساعدة. يتابع أنّ من دعمه في محنته أيضاً جيرانه، إذ كانوا متعاونين، ولم يبدر منهم أيّ سلوك مقلق، وهو ما ساعده وزوجته كثيراً.

يعتبر أشرف أنّ أكثر ما يزعج مريض كورونا بعض الأخبار المغلوطة التي تروج عن المرضى، ومعها تهويل البعض لما قد يحدث للمصاب وكيفية إصابته، ففي البداية تسببت بعض الأخبار في صدمة لعائلته ثم تمكنت من تجاوز الأمر، داعياً كلّ شخص إلى أن يضع نفسه مكان المصاب قبل ترويج أيّ حكاية أو اختلاق خبر ما. يتابع أنّه لا يعرف حتى اليوم كيف انتقلت إليه العدوى، فعندما كان يعمل في فرنسا كان حريصاً جداً على تعقيم يديه، وتجنب لمس أي شيء يعترضه في الطريق، محاولاً اتباع التوصيات، وبمجرد وصوله إلى العمل كان ينظف محفظته، ويحاول تجنب الاقتراب من المحيطين به، ومشيراً إلى أنّه قد يكون التقط الفيروس في رحلة العودة إلى تونس، إذ إنّه بعد ثلاثة أيام فقط على وصوله، ظهرت عليه بعض الأعراض، وهي الارتفاع الطفيف في درجة حرارته، ما دفعه إلى الاتصال بشقيقه الطبيب لسؤاله إن كان ذلك مؤشراً لإصابته، فنصحه بعزل نفسه مباشرة. يتابع أنّه عندما اتصل بالرقم الذي وضعته وزارة الصحة كان ذلك للاستفسار، ومن حسن الحظ جرى التفطن إلى إصابته كما يقول.

بدورها، تؤكّد الثلاثينية مروى، وهي ممرضة من الشمال الغربي، أصيبت بالفيروس نتيجة عدوى قد تكون انتقلت إليها من أحد المرضى، أنّ من الطبيعي أن يشعر أيّ إنسان تتأكد إصابته بكورونا بالقلق والخوف في البداية، وتنتابه هواجس عدة، لكنّ الخوف سينتقل من القلق على الذات إلى الخوف على الأشخاص المحيطين بك والأصدقاء والعائلة. تقول مروى لـ"العربي الجديد" إنّه لا يمكن معرفة كيفية انتقال العدوى، مشيرة إلى أنّ الشكوك تخامرها حول مصاب بكورونا أجرى عملية في المستشفى الذي تعمل فيه من دون أن يعلمهم بإصابته، وقد أثبتت التحليلات لاحقاً أنّه حامل للفيروس، مشيرة إلى أنّ أغلب زملائها في العمل وممن تعاملوا مع هذه الحالة كانت نتائجهم سلبية، أما هي فقد كانت نتيجتها إيجابية.



تدعو مروى التي شفيت من المرض جميع التونسيين إلى "ملازمة البيت، واتباع قواعد الحجر الصحي وتطبيق التوصيات، فبذلك فقط نحمي أنفسنا ونحمي غيرنا"، مضيفة أنّ العلاج والشفاء ممكنان إذا تم الالتزام بالحجر الصحي.