تستعد هيئة الدفاع في قضية اغتيال المعارض اليساري، شكري بلعيد، اليوم السبت، لعقد اجتماعات للنظر في الخطوات القادمة التي ستتبعها، وسط تنامي المخاوف من التلاعب بالملف وإخفاء حقيقة الاغتيالات السياسية التي حصلت في تونس.
وأبدت هيئة الدفاع عديد التحفظات على طريقة إدارة هذه القضية، معتبرين أنّ مخاوفهم تعززت أكثر بعد محاولات منع عائلته، ومناصريه من حضور الجلسة العلنية التي خصصت، أمس الجمعة، للنظر في القضية.
وحضر الجلسة الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية حمة الهمامي، والأمين العام لحزب "الوطنيين الديمقراطيين" الموحد زياد الأخضر، فضلاً عن عدد من شخصيات الساحة السياسية والنقابية.
ورغم استجابة المحكمة الابتدائية بتونس، مساء أمس، لطلبات هيئة الدفاع عن شكري بلعيد، بتأجيل النظر في قضية اغتياله، الا انّ مناصريه نظموا وقفة احتجاجية أمام المحكمة، مطالبين باستبعاد وكيل الجمهورية، وإبطال الأمر الحكومي الصادر بتسميته في هذه الخطة بعد الخروقات، التي رفعتها ضده الهيئة أثناء إشرافه على سير التحقيقات في المكتب 13.
وقال الناطق الرسمي باسم هيئة الدفاع عن بلعيد، نزار السنوسي، لـ"العربي الجديد" إنّ "ما كان بالأمس مجرّد شكوك في محاولات طمس الحقيقة، أصبح اليوم واقعاً ملموساً، وإنّ الأدلة أصبحت تدعم مخاوفهم على مسار العدالة في تونس".
وأضاف أنّ "ما حصل في جلسة أمس، من توتير متعمد للجلسة، ومنع عائلة الشهيد ومناصريه من حضور الجلسة، تم بأوامر من وكيل الجمهورية الحالي، والذي أشرف سابقاً على التحقيق"، مبيّناً أنّ "ما حصل يعتبر مخالفاً للقانون، وللدستور خاصة أن الجلسة علنية".
واعتبر السنوسي أنّ "تأخير الجلسة كان متوقعاً، لأن الانطباع السائد لديهم كهيئة دفاع هو مزيد التأجيل لطمس الحقيقة"، معرباً عن تحفظهم على الطريقة المعتمدة من النيابة العمومية في إدارة هذه القضية، والتي "عملت منذ البداية على تفكيك القضية بين دوائر قضائية مختلفة، لتشتيت الحقيقة وإخفائها في ملفات أخرى".
وكشف أنّه "رغم الشكاوى التي قدمتها هيئة الدفاع ضد المسؤول عن التحقيق في المكتب 13، والذي تمت ترقيته إلى رتبة وكيل جمهورية، لم يتم البت فيها من قبل القضاء، وإنه بتغير منصبه، أصبح الخصم والحكم طرفاً في القضية، الأمر الذي سيؤثر على سير العدالة".
وأشار السنوسي إلى أنّ "النيابة العمومية تعمّدت تجاهل بعض النقاط المفصلية في هذه القضية، للتستر على من موّل وخطط لعملية الاغتيال"، معتبراً أنّ "أحد الإرهابيين، والذي يعتبر فاعلاً رئيسياً في عملية اغتيال الشهيدين محمد البراهمي وشكري بلعيد، والموقوف حالياً في قضية أخرى، سبق أن اعترف أنّه أخفى أداة الجريمة وألقاها في البحر، إلا أنّ قاضي التحقيق تغافل عن هذه الاعترافات، ولم يوجه له اتهامات بهذا الخصوص، ولم يتم ذكر هذه التفاصيل الهامة والخطيرة في قرار ختم البحث".
بدوره، لفت شقيق شكري بلعيد، عبد المجيد، إلى أنّه "هناك مخاوف عدة على مصير ملف اغتيال بلعيد"، لافتاً إلى أنّ "ما حصل في جلسة أمس، غير مقبول، فبعد محاولة منع والد الشهيد من الدخول إلى قاعة المحكمة، من قبل أعوان الأمن بابتدائية تونس، تواصلت التجاوزات لتشمل ابنة الشهيد، وعدداً من أنصاره، ومن لهم علاقة بالملف، الأمر الذي يزيد من شكوكهم حول الجهات التي تسعى إلى تعطيل كشف الحقيقة.
وتابع "نحن شبه متأكدين أنّ تعليمات صدرت لاتخاذ مثل هذا القرار، في محاولة من البعض التشويش على سير الجلسة، وتجاوز القانون في قاعة المحكمة، في الوقت الذي كان يجب أن يكون هذا الفضاء إطاراً لتطبيق القانون، وهذه المرة الأولى التي يحصل فيها هذا المنع".
وأضاف "ما ساءهم أكثر أنّ بعض المتهمين والموقوفين من العناصر الإرهابية قاموا بحركات استفزازية مقصودة، انطلقت بتوجيه التحيات لعائلاتهم، وعدم الاعتراف بإجراءات التقاضي، في الوقت الذي منعت فيه عائلة الشهيد من الدخول".