لا يفصل التونسيين سوى شهر عن انطلاق تقديم الترشيحات للانتخابات البلدية، أواخر العام 2017، وسط حملة تشكيك في موعد إجرائها، وضبابية حول قدرة هيئة الانتخابات على إدارة هذا الاستحقاق التاريخي في المسار الديمقراطي التونسي.
وتعالت الأصوات المشككة في قدرة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على إدارة العملية الانتخابية المحلية والجهوية، بمختلف مفاصلها، ومدى التزام القيادة السياسية للبلاد بموعد 17 ديسمبر/كانون الأول لإجراء الانتخابات البلدية.
وعزت قيادات من أحزاب المعارضة والحكومة هذه الضبابية إلى عدم ترميم مجلس نواب الشعب لتركيبة مجلس الهيئة العليا للانتخابات حتى اليوم، رغم المغادرة النهائية لثلث أعضائها، وفي مقدمتهم شفيق صرصار، رئيس الهيئة السابق، وممثلها القانوني والآمر بالصرف.
وتبادلت الأحزاب السياسية الاتهامات حول نوايا تأجيل الانتخابات، بعد رفض الخروج بتوافق على انتخابات سد الشغور في تركيبة هيئة الانتخابات. وفي هذا السياق، أكد رئيس كتلة "نداء تونس"، سفيان طوبال، في تصريح لـ"العربي الجديد"، وجود بعض الأطراف السياسية داخل مجلس نواب الشعب، التي ترفض إجراء الانتخابات البلدية في ديسمبر/كانون الأول القادم، نظرًا لعدم استعدادها، حسب قوله، مبينًا أن "نداء تونس" متمسك بذلك الموعد، وقد أعد العدة لخوض المحطة الانتخابية.
وفي مقابل ذلك، اتهم نائب رئيس "كتلة الجبهة الشعبية"، الجيلاني الهمامي، والقيادي في "حزب العمال"، في تصريح لـ"العربي الجديد"، الائتلاف الحاكم بتعطيل عملية انتخاب أعضاء الهيئة ورئيسها، مشيرًا إلى أن الجبهة عقدت عددًا من الاجتماعات، وآخرها اجتماع المجلس المركزي للأمناء، لبحث الاستعداد لخوض هذه المحطة الانتخابية المهمة في مسار الانتقال الديمقراطي.
وأكد الرئيس المؤقت للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، أنور بن حسن، تمسّك الهيئة بإجراء الانتخابات البلدية في موعدها، وحسب الرزنامة التي تم إعلانها، مبينًا أنه لا وجود لأي نية لتأخيرها تحت أي ظرف كان.
وبيّن بن حسن أن الهيئة العليا للانتخابات قادرة على إدارة المسار الانتخابي بجميع محطاته، ومجلس الهيئة في تركيبته الحالية قادر على القيام بدوره على أحسن ما يكون، حتى دون سد الشغور الحاصل في ثلاثة مناصب، معتبرًا أن مجلس هيئة الانتخابات يجتمع بصفة دورية، ويتخذ القرارات والتدابير الضرورية، ولا يوجد أي تعطل داخل الهيئة.
وأضاف أنه من المحبذ أن يسد مجلس النواب الشغور في المنصبين المتبقيين، بعد أن استطاع انتخاب عضو عن صنف القضاة العدليين، مشيرًا إلى أن تأخره إلى الدورة الاستثنائية لن يؤثر على السير العادي للهيئة، ولا على عملية تسجيل الناخبين أو قبول طلبات الترشيح، مبينًا أن الشغور الحاصل لا يمس بأي شكل قانونية ودستورية قرارات الهيئة العليا للانتخابات.
وفي سياق متصل، أوضح بن حسن أن عملية التسجيل تعد مرضية إلى حدود اليوم، إذ تجاوز عدد المسجلين للمشاركة في الانتخابات البلدية خمسة ملايين و300 ألف شخص، وهو "عدد محترم"، على حد تعبيره، مقدرًا أن يبلغ عدد القوائم المستقلة والحزبية والائتلافية المرشحة لـ350 بلدية، في كامل الجهات، ما بين 5000 و7000 قائمة.
وتشهد الأحزاب السياسية استعدادات غير مسبوقة للانتخابات، فقد عقدت "الجبهة الشعبية" مجلسًا لأمنائها، قررت خلاله خوض الانتخابات بقوائم خاصة بها، مع فتح الباب أمام الشخصيات المستقلة القريبة من خيارات الجبهة، وأخرى ائتلافية. وأكد رئيس كتلة الحزب في البرلمان، أحمد الصديق، أن هناك مشاورات مع "حركة الشعب" و"التيار الديمقراطي" لبحث الإمكانيات والسيناريوهات المختلفة.
وفي الإطار ذاته، تواصل حركة "النهضة" استعدادتها، إذ عقدت اجتماعاً تنفيذيًا تلا مباشرة اجتماع الكتلة البرلمانية، لبحث استعدادات الحزب للانتخابات البلدية المقبلة، ولبحث كيفية سد الشغور في هيئة الانتخابات وما آلت إليه الأمور خلال الجلسة العامة الأخيرة، حسب ما أكده المتحدث الرسمي باسم الحزب، عماد الحمامي، مبينًا أن الحركة أقرت خوض الانتخابات بقوائم متناصفة، عبر فتح الباب أمام المستقلين للترشح ضمن قوائم الحزب.
وفي المقابل، أعلن حزب "تيار المحبة" عن مقاطعته للانتخابات المقبلة، احتجاجًا على عدم المصادقة على "مجلة الجماعات المحلية"، وعلى إقصائه إعلاميًا.