وقال وزير الاقتصاد والمالية التونسي، حكيم بن حمودة، إن هذا القرض سيكون في شكل إصدار سندات للدولة التونسية، معرباً عن أمله في أن تقل نسبة الفائدة عن 6%، رغماً أن دولا عدة، ومنها إسبانيا مثلاً، تقترض بنسب فائدة تتراوح ما بين 8% و9%.
واعتبر الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان، في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه "ورغم حاجة تونس إلى هذا القرض، إلا أن الخروج إلى السوق العالمية للاقتراض دون ضمانات يعد مجازفة كبرى وسابقة ليست تونس في حاجة إليها".
وأشار سعيدان إلى أن خطورة هذا القرض تكمن في كلفته، والشروط التي ستفرضها الجهات المانحة، حيث ستكون تكلفته أعلى بـ11 مرة عن آخر مرة لجأت فيها تونس إلى الأسواق الدولية في العام 2007.
ورأى عز الدين سعيدان أن الاقتراض بهذه الطريقة سابقة سيئة، لأن شروط الإقراض هذه المرة ستكون بمثابة المرجع في كل العمليات القادمة، معتبراً أن المقارنات مع السيناريو الإسباني والإيرلندي غير جائزة، على اعتبار أن هذين البلدين اقترضا في ظل أزمات اقتصادية خانقة، وهو ما لا ينطبق على تونس.
وأضاف سعيدان أنه كان على تونس التريث قبل الإقدام على هذه الخطوة، ومواصلة البحث عن ضمانات أو مصادر تمويل بديلة، مؤكداً أن بلاده فرّطت في إمكانية الحصول على 1.6 مليار دولار من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، لو أوفت بالشروط التي طالبت بها هاتان المؤسستان.
وتتمثل هذه الشروط في إقرار إصلاحات اقتصادية عدة، أهمها رفع الدعم عن المواد الاستهلاكية والمحروقات.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي، محمد الجراية، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن تونس وجدت نفسها في ظل عجز الميزانية وتفاقم النفقات وقرب حلول موعد سداد بعض الديون القديمة في أبريل/نيسان المقبل، أمام خيار الخروج إلى السوق المالية الدولية لجمع تمويلات من المستثمرين من دون ضمانات.
وأوضح محمد الجراية أن هذا الخروج هو الأول من نوعه بعد ثورة 14 يناير/كانون الثاني 2011، معتبراً إياه مجازفة وتأكيداً على ثقة الممولين في المسار الانتقالي التونسي، وهو بمثابة إقرار الثقة في الاقتصاد التونسي، داعياً إلى التعامل معه بنوع من الحيطة والحذر بالنظر إلى أن شروط القرض ستكون صارمة في غياب الضمانات.
وأشار الخبير الاقتصادي أنه، وحسب الاتصالات الأولية التي قام بها وزير المالية التونسي، حكيم بن حمودة، فقد بات واضحاً أن تونس كسبت مستوى محترماً من الثقة لدى المستثمرين، ما يعني أن الحصول على التمويل أصبح ممكناً.
وتعد هذه العملية أول خروج لتونس إلى الأسواق المالية الدولية منذ سنة 2007 للحصول على قرض مباشر دون شروط من المؤسسات المالية الدولية، وفي مقدمتها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وهو ما يؤشر على استرجاع تونس لثقة المستثمرين الأجانب.
وقررت تونس الاقتراض من السوق المالية الدولية بعد التطورات السياسية الإيجابية التي عرفتها وإعلان وكالة التصنيف الائتماني، خاصة "فيتش" و"موديز"، عزمها تحسين التصنيف الائتماني للبلاد خلال شهر مارس/آذار المقبل.
وكان المصرف المركزي التونسي قد أصدر، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، سندات بقيمة 825 مليون دولار في السوق اليابانية، ضَمِنها مصرف اليابان للتعاون الدولي المملوك للدولة، مشيراً إلى أن هذه السندات يبلغ أجلها 10 سنوات، بسعر عائد 1.61%، مقابل 2.04% في سندات تم إصدارها عام 2012.
وكان البرلمان التونسي قد أقر، الشهر الماضي، الميزانية العامة للبلاد للعام الجاري بقيمة 29 مليار دينار (15.69 مليار دولار) بزيادة 6% مقارنة مع العام الماضي.
وتستهدف تونس خلال العام المقبل نمواً في حدود 3% مقابل 2.5 خلال السنة الجارية، كما تراهن على خفض العجز من 5.8% إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي.