واصل بوزيد، دليل سياحي تونسي وشاهد عيان على عملية باردو الإرهابية، التي راح ضحيتها 24 قتيلا بينهم 21 سائحا وسائحة، و3 تونسيين، عاش واصل تفاصيل باردو المرعبة والمؤلمة، التي لا تفارق مخيلته حتى الساعة. صار واصل عاطلا من العمل وعاجزا عن إعالة أسرته التي تتكون من طفلين وزوجة، بسبب العملية.
يوم الهجوم الإرهابي، كان واصل في محطة الحافلات في انتظار خروج السياح من المتحف، وقتها، شاهد واصل أحد الإرهابيين يخرج سلاحا من نوع "كلاشنكوف" من حقيبته، ويطلق النار عشوائيا على السياح والحاضرين، كان صوت الرصاص مدويا وشظاياه فوق رأسه و بالقرب منه لولا العناية الإلهية التي أنقذته. يقول واصل لـ "العربي الجديد": "نحن نتعامل مع البواخر السياحية التي ترسو في ميناء حلق الوادي، ورغم أن عملنا تقلّص كثيرا بعد الثورة بسبب تراجع السياحة، فإن ضربة باردو قضت نهائيا على مورد رزقنا الوحيد".
بدا واصل متوجسا، ويفكر في حلول لأزمته المادية التي نزلت عليه كالصاعقة، ويبحث عن طريقة يؤمن بها مصاريف أسرته بعد أن توقف نشاط البواخر السياحية. يقول ثانية: "الأدّلاء السياحيون ليس لديهم راتب دائم بل راتبهم مرتبط بذروة النشاط السياحي"، ويتابع "من الصعب أن نعمل خلال هذا الموسم لأن جميع الحجوزات تبخرّت، وتبخرت معها آمالنا".
الكل متضرر
تشيرعدة تقارير تونسية رسمية إلى أن القطاع السياحي يشغل أكثر من 400 ألف عامل مباشر وغير مباشر، وتغطي السياحة التونسية 60% من عجز الميزان التجاري، وتمثل 6.5% من الناتج الداخلي، وذلك حسب أحدث إحصائيات الديوان الوطني للسياحة التونسية.
ورغم أن السياحة التونسية بدأت تستعيد عافيتها تدريجيا بعد الهبوط الحاد في عدد الوافدين في 2010، فإن العملية الإرهابية أربكت القطاع مجددا.
مباشرة بعد الهجوم الإرهابي على باردو، أعلنت شركة الرحلات البحرية الإيطالية "كوستا"، والتي يمثل نشاطها 35 بالمائة من نشاط الميناء في تونس، في بيان لها تعليق جميع رحلاتها نحو تونس، إثر العملية الإرهابية، مبينة أن هذا القرار يأتي بعد وفاة 5 من العاملين فيها وجرح 8 آخرين.
يؤكد واصل بوزيد أنّ تأثيرات الضربة الإرهابية، لن تشمل الأدلاء السياحيين فقط، بل كذلك سائقي الحافلات والحرفيين في المدينة العتيقة، حيث سيضطر الكثير منهم إلى غلق المحل والركون إلى الراحة. وعبر بوزيد عن أمله في أن تتحرّك وزارة السياحة وتضع خطة عاجلة، لإسناد الموسم السياحي وإنقاذ مئات الأسر المتضرّرة من الهجوم الإرهابي.
خلية أزمة لإنقاذ السياحة
سلمى اللّومي الرقيق وزيرة السياحة التونسية، أكدت لـ"العربي الجديد" أنّه مباشرة بعد الهجوم الإرهابي على متحف باردو، تكوّنت خلية أزمة في وزارة السياحة وفي مكاتبها بالخارج، هدفها تقديم المعلومات والترويج لصورة تونس التي تأثرت بعد العملية الإرهابية. تقول الرقيق: "انطلقنا في حملة إعلانات ضخمة، تمتد على 10 أيام، وستكون داخل تونس وخارجها للترويج للوجهة التونسية وامتصاص تداعيات الهجوم الإرهابي ".
رغم تأثيرات الأزمة ، تبدو وزيرة السياحة متفائلة نتيجة التضامن الدولي الواسع مع تونس، مباشرة بعد الهجوم الإرهابي على متحف باردو، تقول اللومي: تضامن عديد الدول مع تونس إيجابي ويمكن استثماره جيدا ".
يتمثل هذا التضامن الدولي في حملة عفوية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لمساندة تونس والوعد بقضاء عطلة الصيف بأحد شواطئها. كما أن المسيرة الضخمة التي نظمت رفضا للإرهاب ذات بعد رمزي قوي، بسبب مشاركة عدد واسع من الشخصيات السياسية الرفيعة المستوى، كذلك أسهم ضيوف المنتدى الاجتماعي العالمي في تعزيز صمود التونسيين، من خلال تنديدهم بالإرهاب، وتنظيم للمئات من النشاطات الثقافية والفنية.
وتوقعت وزيرة السياحة التونسية قدوم نحو 6 ملايين سائح لموسم 2015، مشيرة إلى أن ارتفاع أو تقلص هذا العدد يبقى رهين الخطوات التي ستتخذها تونس في قادم الأيام، والرسائل التي ستبعثها للعالم. تقول الرقيق :"سنقوم بتأمين المؤسسات السياحية من نزل ومطاعم ومسالك وهذا التأمين فعلي، وليس مجرد مقترحات وذلك بالتنسيق مع وزارتي الداخلية والثقافة".
تطوير منظومة الأمن السياحي
محمّد حواص المدير التنفيذي ورئيس الجامعة التونسية للمطاعم السياحية، أكدّ لـ"العربي الجديد":"أنّ المعركة حاليا ضد الإرهاب هي معركة وطن"، وقال إن "الجامعة قدمت مجموعة من المقترحات إلى وزارتي السياحة والداخلية، ومن بين أهم القرارات تفعيل وتطوير منظومة الأمن السياحي وتخصيص اعتمادات لتكوين كوادر خاصة في الأمن السياحي".
واعترف حواص أن قلة الرقابة ونقص التجهيزات أثرتا على القطاع، مضيفا: "الأعوان المكلفون بالأمن السياحي يجب أن تكون لديهم تجهيزات ومعدات خاصة لتأمين الرقابة ". وأكدّ حواص أنه رغم وجود 350 و400 مطعم سياحي في مختلف المحافظات التونسية يجب تأمينها وتنشيطها أكثر لاستقبال السياح".
وفي هذا السياق، تدخل رئيس الحكومة، وقرر إقالة 12 من الأمنيين، ومن بينهم المسؤول عن الأمن السياحي، وفي ذلك إشارة اعتبرت قوية في تونس، إذ أبرزت وجود إرادة سياسية لتأمين القطاع السياحي بمختلف مرافقه وفضاءاته.
يؤكد هشام اللّومي نائب رئيس الاتحاد التونسي للتجارة والصناعة، لـ"العربي الجديد، "أنّ انعكاسات الضربة الإرهابية ستكون بالأساس على الاستثمار الأجنبي وعلى القطاعات الاقتصادية. وأوضح أنّ الاستثمار الداخلي لم يتأثر، ولكن يتم العمل حاليا على تكثيف التواصل مع المستثمرين ورجال الأعمال بالخارج. وبيّن اللّومي أنّهم يعملون حاليا على طمأنة المستثمرين واستعادة ثقتهم.
نحو مؤتمر وطني للإرهاب
على الصعيد السياسي أظهرت مختلف الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني تضامنا ملحوظا إلى جانب المواطنين، وهو ما يفسر عودة الحديث عن الوحدة الوطنية لدى السياسيين، رغم رفض بعض الأطراف اليسارية أن تشارك في مبادرة شعبية، إلى جانب حركة النهضة. حتى إحدى أسرتي الإرهابيين اللذين نفذا العملية تبرأت من ابنها، ورفضت حتى تسلم جثته.
ويرى عديد المتابعين أن تونس في حاجة اليوم إلى تنظيم مؤتمر وطني للإرهاب، لمقاومة هذه الآفة التي تهدد السياحة والاقتصاد.
المولدي الجندوبي الأمين العام المساعد بالاتحاد العام التونسي للشغل المكلف بالوظيفة العمومية، أكد لـ"العربي الجديد":"أنّ الاتحاد فكّر جديا في دعم المؤتمر الوطني لمقاومة الإرهاب، مبينا أنه كلما جدت عملية إرهابية، تنهارالبورصة وتتراجع مساحات الاستثمار ويتقلص عدد السياح، وهذا الوضع يجب ألا يستمر ويجب في المقابل أن تتضافر الجهود للملمة الجروح.
يقول الجندوبي: "مقاومة الإرهاب تندرج في إطار خلق مناخات جديدة للاستثمار وخلق مواطن شغل ودينامكية جديدة في تونس، مؤكدا أنّ تأثيرات العملية الإرهابية في باردو تمس بالدرجة الأولى الطبقات الضعيفة، وتحديدا الأجراء ممن لا دخل ثابت لهم.
ويعمل الاتحاد العام التونسي للشغل على التسريع بمفاوضات الزيادات في الأجور لموظفي الدولة، بسبب تأثيرات العملية الإرهابية على الاقتصاد مما قد ينعكس سلبا على معظم الفئات الاجتماعية.
يتابع الجندوبي قائلا: "سنسرع بالمفاوضات للنهوض بالأجراء، لخلق دينامكية اقتصادية، فالأجير عندما تتوفر لديه السيولة المادية، فإن الاستهلاك ينشط وتتحرك الدورة الاقتصادية مما سينعش قطاعات أخرى، لأن الحلقة متكاملة ومرتبطة ببعضها البعض".
بشكل موازٍ، يمكن القول إنه قد لوحظ في تونس أن حكومة رئيس الوزراء الحبيب الصيد، تسارعت تحركاتها المختلفة لإشعار المواطنين بأنها تعمل بجدية، لتنفيذ المائة قرار التي تعهدت بتنفيذها قبل انتهاء مرحلة الاختبار لأعمالها، ومنع تفاقم أزمة باردو.
يوم الهجوم الإرهابي، كان واصل في محطة الحافلات في انتظار خروج السياح من المتحف، وقتها، شاهد واصل أحد الإرهابيين يخرج سلاحا من نوع "كلاشنكوف" من حقيبته، ويطلق النار عشوائيا على السياح والحاضرين، كان صوت الرصاص مدويا وشظاياه فوق رأسه و بالقرب منه لولا العناية الإلهية التي أنقذته. يقول واصل لـ "العربي الجديد": "نحن نتعامل مع البواخر السياحية التي ترسو في ميناء حلق الوادي، ورغم أن عملنا تقلّص كثيرا بعد الثورة بسبب تراجع السياحة، فإن ضربة باردو قضت نهائيا على مورد رزقنا الوحيد".
بدا واصل متوجسا، ويفكر في حلول لأزمته المادية التي نزلت عليه كالصاعقة، ويبحث عن طريقة يؤمن بها مصاريف أسرته بعد أن توقف نشاط البواخر السياحية. يقول ثانية: "الأدّلاء السياحيون ليس لديهم راتب دائم بل راتبهم مرتبط بذروة النشاط السياحي"، ويتابع "من الصعب أن نعمل خلال هذا الموسم لأن جميع الحجوزات تبخرّت، وتبخرت معها آمالنا".
الكل متضرر
تشيرعدة تقارير تونسية رسمية إلى أن القطاع السياحي يشغل أكثر من 400 ألف عامل مباشر وغير مباشر، وتغطي السياحة التونسية 60% من عجز الميزان التجاري، وتمثل 6.5% من الناتج الداخلي، وذلك حسب أحدث إحصائيات الديوان الوطني للسياحة التونسية.
مباشرة بعد الهجوم الإرهابي على باردو، أعلنت شركة الرحلات البحرية الإيطالية "كوستا"، والتي يمثل نشاطها 35 بالمائة من نشاط الميناء في تونس، في بيان لها تعليق جميع رحلاتها نحو تونس، إثر العملية الإرهابية، مبينة أن هذا القرار يأتي بعد وفاة 5 من العاملين فيها وجرح 8 آخرين.
يؤكد واصل بوزيد أنّ تأثيرات الضربة الإرهابية، لن تشمل الأدلاء السياحيين فقط، بل كذلك سائقي الحافلات والحرفيين في المدينة العتيقة، حيث سيضطر الكثير منهم إلى غلق المحل والركون إلى الراحة. وعبر بوزيد عن أمله في أن تتحرّك وزارة السياحة وتضع خطة عاجلة، لإسناد الموسم السياحي وإنقاذ مئات الأسر المتضرّرة من الهجوم الإرهابي.
خلية أزمة لإنقاذ السياحة
سلمى اللّومي الرقيق وزيرة السياحة التونسية، أكدت لـ"العربي الجديد" أنّه مباشرة بعد الهجوم الإرهابي على متحف باردو، تكوّنت خلية أزمة في وزارة السياحة وفي مكاتبها بالخارج، هدفها تقديم المعلومات والترويج لصورة تونس التي تأثرت بعد العملية الإرهابية. تقول الرقيق: "انطلقنا في حملة إعلانات ضخمة، تمتد على 10 أيام، وستكون داخل تونس وخارجها للترويج للوجهة التونسية وامتصاص تداعيات الهجوم الإرهابي ".
يتمثل هذا التضامن الدولي في حملة عفوية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لمساندة تونس والوعد بقضاء عطلة الصيف بأحد شواطئها. كما أن المسيرة الضخمة التي نظمت رفضا للإرهاب ذات بعد رمزي قوي، بسبب مشاركة عدد واسع من الشخصيات السياسية الرفيعة المستوى، كذلك أسهم ضيوف المنتدى الاجتماعي العالمي في تعزيز صمود التونسيين، من خلال تنديدهم بالإرهاب، وتنظيم للمئات من النشاطات الثقافية والفنية.
وتوقعت وزيرة السياحة التونسية قدوم نحو 6 ملايين سائح لموسم 2015، مشيرة إلى أن ارتفاع أو تقلص هذا العدد يبقى رهين الخطوات التي ستتخذها تونس في قادم الأيام، والرسائل التي ستبعثها للعالم. تقول الرقيق :"سنقوم بتأمين المؤسسات السياحية من نزل ومطاعم ومسالك وهذا التأمين فعلي، وليس مجرد مقترحات وذلك بالتنسيق مع وزارتي الداخلية والثقافة".
تطوير منظومة الأمن السياحي
محمّد حواص المدير التنفيذي ورئيس الجامعة التونسية للمطاعم السياحية، أكدّ لـ"العربي الجديد":"أنّ المعركة حاليا ضد الإرهاب هي معركة وطن"، وقال إن "الجامعة قدمت مجموعة من المقترحات إلى وزارتي السياحة والداخلية، ومن بين أهم القرارات تفعيل وتطوير منظومة الأمن السياحي وتخصيص اعتمادات لتكوين كوادر خاصة في الأمن السياحي".
وفي هذا السياق، تدخل رئيس الحكومة، وقرر إقالة 12 من الأمنيين، ومن بينهم المسؤول عن الأمن السياحي، وفي ذلك إشارة اعتبرت قوية في تونس، إذ أبرزت وجود إرادة سياسية لتأمين القطاع السياحي بمختلف مرافقه وفضاءاته.
يؤكد هشام اللّومي نائب رئيس الاتحاد التونسي للتجارة والصناعة، لـ"العربي الجديد، "أنّ انعكاسات الضربة الإرهابية ستكون بالأساس على الاستثمار الأجنبي وعلى القطاعات الاقتصادية. وأوضح أنّ الاستثمار الداخلي لم يتأثر، ولكن يتم العمل حاليا على تكثيف التواصل مع المستثمرين ورجال الأعمال بالخارج. وبيّن اللّومي أنّهم يعملون حاليا على طمأنة المستثمرين واستعادة ثقتهم.
نحو مؤتمر وطني للإرهاب
على الصعيد السياسي أظهرت مختلف الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني تضامنا ملحوظا إلى جانب المواطنين، وهو ما يفسر عودة الحديث عن الوحدة الوطنية لدى السياسيين، رغم رفض بعض الأطراف اليسارية أن تشارك في مبادرة شعبية، إلى جانب حركة النهضة. حتى إحدى أسرتي الإرهابيين اللذين نفذا العملية تبرأت من ابنها، ورفضت حتى تسلم جثته.
ويرى عديد المتابعين أن تونس في حاجة اليوم إلى تنظيم مؤتمر وطني للإرهاب، لمقاومة هذه الآفة التي تهدد السياحة والاقتصاد.
يقول الجندوبي: "مقاومة الإرهاب تندرج في إطار خلق مناخات جديدة للاستثمار وخلق مواطن شغل ودينامكية جديدة في تونس، مؤكدا أنّ تأثيرات العملية الإرهابية في باردو تمس بالدرجة الأولى الطبقات الضعيفة، وتحديدا الأجراء ممن لا دخل ثابت لهم.
ويعمل الاتحاد العام التونسي للشغل على التسريع بمفاوضات الزيادات في الأجور لموظفي الدولة، بسبب تأثيرات العملية الإرهابية على الاقتصاد مما قد ينعكس سلبا على معظم الفئات الاجتماعية.
يتابع الجندوبي قائلا: "سنسرع بالمفاوضات للنهوض بالأجراء، لخلق دينامكية اقتصادية، فالأجير عندما تتوفر لديه السيولة المادية، فإن الاستهلاك ينشط وتتحرك الدورة الاقتصادية مما سينعش قطاعات أخرى، لأن الحلقة متكاملة ومرتبطة ببعضها البعض".
بشكل موازٍ، يمكن القول إنه قد لوحظ في تونس أن حكومة رئيس الوزراء الحبيب الصيد، تسارعت تحركاتها المختلفة لإشعار المواطنين بأنها تعمل بجدية، لتنفيذ المائة قرار التي تعهدت بتنفيذها قبل انتهاء مرحلة الاختبار لأعمالها، ومنع تفاقم أزمة باردو.