على خلاف العديد من الدول العربية، لا تعرف تونس انتشاراً كبيراً للأدوية المغشوشة أو مجهولة المصدر، حيث تشدد وزارة الصحة الرقابة بشكل كبير على الأدوية، التي يقع ترويجها في الصيدليات، كما تحاول تطوير صناعتها عبر 67 مختبراً تنشط في اختصاصات مختلفة.
وتعرف تجارة الأدوية مراقبة كبيرة من قبل هياكل الدولة، فيما تختص الصيدلية المركزية وحدها بتوريد احتياجات البلاد من الدواء سواء للقطاع العمومي أو الخاص. كما تغطي الصناعات الدوائية المحلية 50% من احتياجات البلاد، فيما يقع توريد البقية عن طريق صفقات تشرف عليها وزارة الصحة من مختبرات عالمية.
وتقول مديرة الصيدلة والدواء بوزارة الصحة، إيناس فرادي، إن تداول الأدوية المغشوشة في تونس محدود جداً، بل يقتصر على بعض مستحضرات البشرة أو ما شابهها، لافتة إلى أن الوزارة تقوم بمراقبة دورية للأدوية المعروضة في الصيدليات، وتتولى مباشرة سحب أي مستحضر، في حال وصول إشعار يتعلق بسلامته أو مصدره، سواء من قبل الصيادلة أو المستهلكين أو المختبر المصنع.
وتشير فرادي في تصريح لـ "العربي الجديد"، إلى أن تونس من أكثر الدول تشدداً في مراقبة الأدوية على كافة مراحل التوزيع؛ أي بداية من المصنع وصولاً إلى الصيدليات.
وتضيف "تونس تعمل حالياً على تطوير صناعة الدواء، وتسعى إلى أن تكون بلداً مصدراً؛ لذا من مصلحتها أن تحافظ على سلامة مسالك الأدوية لدعم إحدى أهم الصناعات الواعدة في المستقبل".
ويفرض القانون التونسي عقوبات مالية كبيرة وعقوبة السجن على موردي الأدوية أو بقية المستحضرات الكيميائية، التي تثبت التحاليل أنها غير مطابقة للمواصفات التي يحددها المخبر المصنع. كما يتشدد القانون في تمكين المختبرات المحلية من رخص تسويق مستحضراتهم الجديدة، حيث تضطر المختبرات إلى الانتظار أحياناً أكثر من سنة من أجل الحصول على طرح منتجاتها في السوق.
تبلغ تقديرات الاستهلاك المحلي من الأدوية 1.4 مليار دينار (722.2 مليون دولار)، منها 56% مستوردة من الخارج و44% مصنعة محلياً. ويشكل الإنفاق في قطاع الصحة 46% من الناتج الداخلي العام للبلاد، في حين تخصص وزارة الصحة 27% من ميزانيتها لتوفير الأدوية.
ويعتبر نقيب الصيادلة رشاد قارة، أن تجارة الأدوية المغشوشة لا تمثل أي خطر على تونس، نظرا لما وصفه بانغلاق المسالك التجارية في هذا القطاع، وتشديد وزارة الصحة المراقبة على كل عمليات التوريد؛ وهو ما يجعل إمكانات تسرّب أدوية مغشوشة شبه منعدم، وفق تعبيره.
وأضاف نقيب الصيادلة في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن التونسي تعوّد على اقتناء حاجياته من الدواء من الصيدلية، ولا يقبل على شرائها من محلات أخرى، لافتاً إلى أن انتشار ظاهرة التهريب في المنطقة يمكن أن يمثل خطراً، خاصة وأن شبكات التهريب الناشطة على الحدود قد تحاول تسريب كميات من الأدوية المجهولة المصدر إلى السوق التونسية.
وتحدث نقيب الصيادلة عن أهمية اليقظة في هذا المجال، لافتاً إلى أن زملاءه يقومون بإخطار وزارة الصحة، في حال تسرب أي منتج دوائي مجهول المصدر أو مشكوك في سلامته؛ وهو ما حصل مؤخراً مع أحد المنتجات التي يقع تداولها والمخصصة لزيادة في الوزن، حيث ثبت أن هذه المستحضر مورد من نيجيريا وهي دولة لم تتعود تونس على توريد الأدوية منها.
لكن مقابل محدودية خطر انتشار الأدوية المغشوشة تواجه تونس ارتفاع منسوب الأدوية المهربة عبر الحدود نحو الجارة الجنوبية، خاصة من ليبيا.
ويصل حجم الأدوية المهرّبة من تونس إلى نحو 680 ألف دينار أي ما يفوق 350 ألف دولار؛ وهو رقم تعتبره وزارة الصحة هاماً رغم صغره.
وتقول إنه يمكن أن يلحق أضرار بالسوق الداخلية التي تتمتع بدعم هام يبلغ 100 مليون دينار؛ أي ما يفوق 52 ألف دولار تتحمله الشركة التونسية لصناعة الأدوية في رقم معاملاتها.
اقرأ أيضاً: تونس تتلف 100 ألف منتج مقلّد