جددت تصريحات رئيس الهيئة التونسية لمكافحة الفساد، شوقي الطبيب، الجدل حول كون بعض المؤسسات العمومية غارقة في الفساد، مؤكدا أن الهيئة أحالت ملفات فساد تتعلّق بأشخاص يتولون مناصب في الإدارة والحكومة.
وقال الطبيب في تصريحات إذاعية، أمس الخميس، إن مستشارين في رئاسة الحكومة متهمون بالفساد فيما يتعلّق بصفقات عمومية وانتدابات، مشيراً إلى أن هناك مسؤولاً انتدب 40 شخصاً من أفراد عائلته في مؤسسة عمومية، إضافة إلى تورط مسؤولين في ملفات فساد تتعلّق بصفقات عمومية، وأن الهيئة بحوزتها نسخ من التحويلات البنكية التي تلقوها.
وتعليقاً على الاتهام، قال رئيس الجمعية التونسية لمكافحة الفساد، إبراهيم الميساوي، لـ"العربي الجديد"، إن الحديث عن تورّط مسؤولين كبار في الدولة أو مستشارين في رئاسة الحكومة في الفساد، دون تسميتهم، لن يضيف الكثير، ولن تحصل العبرة للبقية طالما لم يكشف عن الفاسدين.
وأضاف الميساوي، أنه دون عقاب ومساءلة لن يكون هناك محاسبة جدية، معتبراً أنه بعد مرور 5 أعوام على الثورة التونسية، ورغم ما وصلت إليه لجنة تقصي الحقائق من نتائج تفضح العديد من المسؤولين، فإن الملف لم يتقدم.
وأشار إلى وجود تململ واضح لدى الرأي العام، خصوصاً بعدما "تحولت الهيئة إلى مجرد وسيط لإحالة الملفات إلى القضاء"، مبيناً أنه وعلى سبيل المثال، تورط مدير عام في ديوان الأسرة في ملفات فساد من الحجم الثقيل، ووصلت الملفات ضده إلى نحو 17 تجاوزاً خطيراً، ومنها أكثر من 70 انتداباً عن طريق المحسوبية، وبرغم مساعي الجمعية الاتصال بوزير الصحة وإحالة الملف إلى هيئة مكافحة الفساد، إلا أن المسؤول لا يزال في منصبه.
من جهته، أكدّ رئيس المنظمة التونسية للدراسات الاستراتيجية، عبد المجيد المكي، لـ"العربي الجديد"، أنّه بحكم عمله في مراقبة الصفقات العمومية فإن هناك فساداً في العديد من الصفقات، وبعضها خفي إلى درجة أنه يصعب إيجاد إثبات، مبيناً أنهم كانوا قبل الثورة يحيلون ما بين 3 و4 ملفات لمسؤولين كبار متورطين في الفساد، من ضمنهم مدراء عامون ورؤساء مؤسسات، ولكن بعد الثورة تقلص العمل الرقابي، بحيث لم يتم إنجاز أية قضايا تذكر.
وأوضح المكي، أن رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وجد نحو 10 آلاف ملف من الهيئة السابقة المختصة في محاربة الفساد، والتي تشكلت بعد الثورة، ولكن أحيل فقط حوالي 3 آلاف ملف إلى القضاء، في حين بقي مصير قرابة 7 آلاف ملف دون معالجة تذكر.
واعتبر أنه لا يجب المبالغة في الحديث عن تورط مسؤولين كبار دون إثبات، وطالما لم يحدث بحث معمق في تورط المسؤولين وتوجيه التهم رسمياُ إليهم، فإن المسألة تظل غير دقيقة، مؤكداً أنه وفي كواليس رئاسة الحكومة لم يتم التطرق إلى هذا الموضوع، وبالتالي قد لا يعدو أن يكون الأمر مجرد حرب كلامية من رئيس الهيئة على الحكومة، وهي الحرب التي بدأ في شنها منذ توليه الهيئة.
وبيّن أنّ الحديث عن وجود فساد في 25 في المائة من الصفقات العمومية، أمر نسبي لأن لا أحد بإمكانه النظر في التقارير الرقابية، وخصوصاً أن كل طرف في الادارة يعمل بمفرده على إعداد هذه التقارير، ونشرها قد تليه عدة عقبات، وبالتالي لا يمكن تحديد نسبة الفساد في الصفقات العمومية.
وأفاد بأن الفساد درجات، ومنه أخطاء بسيطة وأخرى كبيرة، وبعهضا يتضمن الإضرار بالمال العام وسوء التصرف والرشاوي، معتبراً أن المطلوب وضع استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد تعنى بها الهيئة والوزارة مطلب مهم في مواجهة انغلاق الإدارة ووجود خطوط حمر في التفقد، ووجود حصانات بعضها قانوني وبعضها سياسي وبعضها من باب الرقابة الذاتية.