أيّام معدودة تفصل التونسيّين عن استقبال سنة جديدة. سنة يحلم المواطن التونسي من خلالها بتحقيق مطالبه الاقتصادية والاجتماعية. هذه المطالب التي بقيت خلال السنوات الماضية، مشاريع نضالية. فالشعب التونسي عندما ثار في العام 2011 أراد تحقيق العدالة الاجتماعية، وتأمين أبسط الحقوق الاقتصادية والمعيشية. اليوم وبعد أكثر من 4 سنوات على انطلاقة الثورة، لا يزال الهم الاقتصادي المسيطر الرئيسي في حياة المواطنين، ولا يزال حلم تحقيق العدالة الاجتماعية من أبرز أولويات التونسيين في العام الجديد.
فشل حكومي
طوال الفترة الماضية، لم يستطع التونسيّ أن يلمس تغييراً حقيقيّاً على مستوى تأمين لقمة العيش التّي صار تحصيلها معاناة يوميّة، ناهيك عن معاناته في الحصول على عمل أو وظيفة. فالأوضاع تزداد صعوبة يوماً بعد يوم، في ظل الغلاء المستشري، وارتفاع نسب التضخم التي شهدتها البلاد في الفترات الماضية.
في قراءته للوضع الاقتصاديّ خلال العام 2015، يقول الخبير محمد ياسين السوسي "إن الحكومة فشلت في معالجة الملفات الاقتصادية والاجتماعية الشائكة، والدليل على ذلك، استمرار تدهور المؤشّرات الاقتصاديّة المختلفة في البلاد، فلم يتجاوز معدّل النموّ خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2015 نسبة 0.7%، ضمن نسق بطيء مقارنة بعامي 2013 و2014. إلى ذلك فقد حافظ الميزان التجاري على حالة العجز بنسبة 32%، بقيمة تبلغ 470 مليون دولار". ويضيف: "في السياق عينه، شهدت الصادرات الصناعية والزراعية للسنة الحالية تراجعاً بنحو 2.5%. أمّا المديونيّة فارتفعت نحو 3.5% ليبلغ إجمالي الدين الخارجي في تونس نحو 15 ألف مليون دينار، ممّا يستنزف 52% من الناتج المحلّي الخام".
أما على المستوى الاجتماعيّ، فيشير السوسي إلى أن الوعود الانتخابيّة بتوفير مئات الآلاف من فرص العمل خلال السنوات القليلة القادمة انقلبت بشكل عكسيّ، حيث كشف تقرير المعهد الوطني للإحصاء لعام 2015 تطوّر نسبة البطالة خلال الأشهر الستة الأولى من العام، من نحو 15% إلى 15.2%، كما حافظت الأجور طيلة هذه السنة على مستوياتها، رغم تواصل التضخّم خصوصاً في السلع الاستهلاكيّة بمعدّل إجماليّ ناهز 5%، ووصل إلى حدود 8% بالنسبة للمحروقات والسلع الغذائيّة". أمّا نسبة الفقر فقد تفاقمت معدلاته لتصل في بعض المحافظات إلى مستوى 30%، فيما بقي المعدل العام عند المستوى السابق من العام الماضي، في ظل تعطّل المفاوضات الاجتماعيّة للترفيع في الرواتب خصوصاً في القطاع الخاصّ الذّي يوظف قرابة المليوني تونسيّ"، وفق ما يؤكده السوسي.
هذا ويشدّد الخبير السوسي أنّ اقتصاد العام 2015 تأثّر أيضاً بالحرب على الإرهاب، إذ تمّ توجيه ما يقارب خمس ميزانيّة الدولة من أجل تسديد النفقات الأمنيّة والعسكريّة، ممّا انعكس بطريقة سلبية على كافة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، كما انعكس على المطالب العاجلة للمواطنين على غرار التشغيل والتنمية الجهويّة وتحسين الخدمات الأساسيّة.
خارج الحسابات
التفاوت الجهويّ الذّي يعتبر من أكبر المعضلات الاقتصاديّة والتنمويّة في تونس، شهد بدوره تراجعاً هامّاً خلال العام 2015، وبحسب السوسي لم تتمكّن الحكومة من الوفاء بتعهّدات الحملة الانتخابيّة، إذ لم تحظ مناطق الوسط الغربي والشمال الغربيّ سوى بنحو 12% من جملة الاستثمارات وفق دراسة أجرتها وزارة التنمية الجهويّة في العام 2015. في حين احتكرت العاصمة تونس العاصمة 26% من حجم الاستثمارات، ونالت مناطق الوسط الشرقي نحو 22%، فيما لم يتجاوز نصيب الوسط الغربي أكثر من 4% من الاستثمارات الخاصّة في العام 2015، ولم تتجاوز 2% في الشمال الغربيّ من البلاد. استمرار التجاهل الرسميّ في تنمية عادلة لهذه المناطق، أدّى خلال السنة الحاليّة إلى تفاقم نسب الفقر والبطالة لتبلغ ضعف المعدّل الوطني وتتجاوز 30%.
كابوس مستمر
منذ أقل من أسبوعين، صادق مجلس النواب على ميزانيّة العام 2016. ولم تخل جلسات التصويت والمصادقة من جدل بين النواب والخبراء على حدّ سواء. في هذا السياق، يشير الخبير الاقتصادي فارس سعيّد إلى أن الأحكام العامة للميزانيّة تضمّنت محاولات حكوميّة للإصلاح على المستوى الجبائيّ والجمركيّ لتعزيز موارد الدولة، ولكن قراءة شاملة للاعتمادات القادمة تكشف عن وضع اقتصاديّ صعب ستعيشه البلاد طيلة العام 2016.
ويضيف: "إن ميزانيّة العام 2016 تعكس توجّه الدولة نحو تقليص نفقاتها، خصوصاً على مستوى التشغيل في القطاع العموميّ، حيث ستقتصر الانتدابات على وزارات الداخلية والدفاع والعدل، أي أنّ الدولة ستلجأ لتجميد مخطّطات التشغيل في القطاع العموميّ". أمّا الإجراء الثاني وفق سعيّد، سيكون تخفيض الدعم العموميّ للمحروقات إلى حدود 280 مليون دولار مقارنة بـ 640 مليون دينار الواردة في قانون المالية التكميلي لعام 2015".
"ليس هذا فحسب، فإن حالة الانكماش الاقتصاديّ ستتواصل خلال السنة القادمة، نظراً لتواصل الحرب على الإرهاب وما تستنزفه هذه الأخيرة من موارد الدولة المحدودة أصلاً، كما تشير التصريحات الحكوميّة إلى نيّة الحكومة في التوجّه نحو المزيد من القروض لترتفع المديونيّة حسب التقديرات إلى 54% من الناتج المحليّ الخام"، وفق سعيد.
هذه الإجراءات كما يشير سعيّد، ستنعكس سلباً على الواقع الاقتصاديّ والاجتماعيّ الصعب الذي يعيشه المواطنين، إذ إنّ الميزانيّة المُعلن عنها للسنة القادمة سيترتّب عنها تفاقم معضلة البطالة، وتعطيل المشاريع التنمويّة في الجهات الداخليّة؛ وهو ما سيزيد من نسب الفقر التي بلغت مستويات قياسيّة في السنة الفارطة.
كما أنّ إعلان الحكومة عن وقف جميع المفاوضات حول الانتدابات أو التوظيف، بالإضافة إلى الزيادات في الرواتب دون مراعاة تواصل ارتفاع نسب التضخّم في البلاد، وغلاء الأسعار، سينتج عنه بطبيعة الحال تواصل تدهور المقدرة الشرائيّة خصوصاً للفئات محدودة الدخل، وتآكل الطبقة الوسطى التي دفعت طيلة السنة الماضية ثمناً غالياً بسبب ارتدادات الأزمة الاقتصاديّة والحرب على الإرهاب.
اقرأ أيضاً:تونسيّون يعيشون تفاوتاً اجتماعيّاً بين أحيائهم السكنية
فشل حكومي
طوال الفترة الماضية، لم يستطع التونسيّ أن يلمس تغييراً حقيقيّاً على مستوى تأمين لقمة العيش التّي صار تحصيلها معاناة يوميّة، ناهيك عن معاناته في الحصول على عمل أو وظيفة. فالأوضاع تزداد صعوبة يوماً بعد يوم، في ظل الغلاء المستشري، وارتفاع نسب التضخم التي شهدتها البلاد في الفترات الماضية.
في قراءته للوضع الاقتصاديّ خلال العام 2015، يقول الخبير محمد ياسين السوسي "إن الحكومة فشلت في معالجة الملفات الاقتصادية والاجتماعية الشائكة، والدليل على ذلك، استمرار تدهور المؤشّرات الاقتصاديّة المختلفة في البلاد، فلم يتجاوز معدّل النموّ خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2015 نسبة 0.7%، ضمن نسق بطيء مقارنة بعامي 2013 و2014. إلى ذلك فقد حافظ الميزان التجاري على حالة العجز بنسبة 32%، بقيمة تبلغ 470 مليون دولار". ويضيف: "في السياق عينه، شهدت الصادرات الصناعية والزراعية للسنة الحالية تراجعاً بنحو 2.5%. أمّا المديونيّة فارتفعت نحو 3.5% ليبلغ إجمالي الدين الخارجي في تونس نحو 15 ألف مليون دينار، ممّا يستنزف 52% من الناتج المحلّي الخام".
أما على المستوى الاجتماعيّ، فيشير السوسي إلى أن الوعود الانتخابيّة بتوفير مئات الآلاف من فرص العمل خلال السنوات القليلة القادمة انقلبت بشكل عكسيّ، حيث كشف تقرير المعهد الوطني للإحصاء لعام 2015 تطوّر نسبة البطالة خلال الأشهر الستة الأولى من العام، من نحو 15% إلى 15.2%، كما حافظت الأجور طيلة هذه السنة على مستوياتها، رغم تواصل التضخّم خصوصاً في السلع الاستهلاكيّة بمعدّل إجماليّ ناهز 5%، ووصل إلى حدود 8% بالنسبة للمحروقات والسلع الغذائيّة". أمّا نسبة الفقر فقد تفاقمت معدلاته لتصل في بعض المحافظات إلى مستوى 30%، فيما بقي المعدل العام عند المستوى السابق من العام الماضي، في ظل تعطّل المفاوضات الاجتماعيّة للترفيع في الرواتب خصوصاً في القطاع الخاصّ الذّي يوظف قرابة المليوني تونسيّ"، وفق ما يؤكده السوسي.
هذا ويشدّد الخبير السوسي أنّ اقتصاد العام 2015 تأثّر أيضاً بالحرب على الإرهاب، إذ تمّ توجيه ما يقارب خمس ميزانيّة الدولة من أجل تسديد النفقات الأمنيّة والعسكريّة، ممّا انعكس بطريقة سلبية على كافة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، كما انعكس على المطالب العاجلة للمواطنين على غرار التشغيل والتنمية الجهويّة وتحسين الخدمات الأساسيّة.
خارج الحسابات
التفاوت الجهويّ الذّي يعتبر من أكبر المعضلات الاقتصاديّة والتنمويّة في تونس، شهد بدوره تراجعاً هامّاً خلال العام 2015، وبحسب السوسي لم تتمكّن الحكومة من الوفاء بتعهّدات الحملة الانتخابيّة، إذ لم تحظ مناطق الوسط الغربي والشمال الغربيّ سوى بنحو 12% من جملة الاستثمارات وفق دراسة أجرتها وزارة التنمية الجهويّة في العام 2015. في حين احتكرت العاصمة تونس العاصمة 26% من حجم الاستثمارات، ونالت مناطق الوسط الشرقي نحو 22%، فيما لم يتجاوز نصيب الوسط الغربي أكثر من 4% من الاستثمارات الخاصّة في العام 2015، ولم تتجاوز 2% في الشمال الغربيّ من البلاد. استمرار التجاهل الرسميّ في تنمية عادلة لهذه المناطق، أدّى خلال السنة الحاليّة إلى تفاقم نسب الفقر والبطالة لتبلغ ضعف المعدّل الوطني وتتجاوز 30%.
كابوس مستمر
منذ أقل من أسبوعين، صادق مجلس النواب على ميزانيّة العام 2016. ولم تخل جلسات التصويت والمصادقة من جدل بين النواب والخبراء على حدّ سواء. في هذا السياق، يشير الخبير الاقتصادي فارس سعيّد إلى أن الأحكام العامة للميزانيّة تضمّنت محاولات حكوميّة للإصلاح على المستوى الجبائيّ والجمركيّ لتعزيز موارد الدولة، ولكن قراءة شاملة للاعتمادات القادمة تكشف عن وضع اقتصاديّ صعب ستعيشه البلاد طيلة العام 2016.
ويضيف: "إن ميزانيّة العام 2016 تعكس توجّه الدولة نحو تقليص نفقاتها، خصوصاً على مستوى التشغيل في القطاع العموميّ، حيث ستقتصر الانتدابات على وزارات الداخلية والدفاع والعدل، أي أنّ الدولة ستلجأ لتجميد مخطّطات التشغيل في القطاع العموميّ". أمّا الإجراء الثاني وفق سعيّد، سيكون تخفيض الدعم العموميّ للمحروقات إلى حدود 280 مليون دولار مقارنة بـ 640 مليون دينار الواردة في قانون المالية التكميلي لعام 2015".
"ليس هذا فحسب، فإن حالة الانكماش الاقتصاديّ ستتواصل خلال السنة القادمة، نظراً لتواصل الحرب على الإرهاب وما تستنزفه هذه الأخيرة من موارد الدولة المحدودة أصلاً، كما تشير التصريحات الحكوميّة إلى نيّة الحكومة في التوجّه نحو المزيد من القروض لترتفع المديونيّة حسب التقديرات إلى 54% من الناتج المحليّ الخام"، وفق سعيد.
هذه الإجراءات كما يشير سعيّد، ستنعكس سلباً على الواقع الاقتصاديّ والاجتماعيّ الصعب الذي يعيشه المواطنين، إذ إنّ الميزانيّة المُعلن عنها للسنة القادمة سيترتّب عنها تفاقم معضلة البطالة، وتعطيل المشاريع التنمويّة في الجهات الداخليّة؛ وهو ما سيزيد من نسب الفقر التي بلغت مستويات قياسيّة في السنة الفارطة.
كما أنّ إعلان الحكومة عن وقف جميع المفاوضات حول الانتدابات أو التوظيف، بالإضافة إلى الزيادات في الرواتب دون مراعاة تواصل ارتفاع نسب التضخّم في البلاد، وغلاء الأسعار، سينتج عنه بطبيعة الحال تواصل تدهور المقدرة الشرائيّة خصوصاً للفئات محدودة الدخل، وتآكل الطبقة الوسطى التي دفعت طيلة السنة الماضية ثمناً غالياً بسبب ارتدادات الأزمة الاقتصاديّة والحرب على الإرهاب.
اقرأ أيضاً:تونسيّون يعيشون تفاوتاً اجتماعيّاً بين أحيائهم السكنية