بعد سنوات من فوضى التهريب والاحتكار عادت الحكومة التونسية لتفرض سيطرتها من جديد على تجارة التبغ، المصدر الأول للضرائب المباشرة في البلاد، عبر مراجعة رخص بيع وتسويق التبغ المحلي الذي يمثل نحو 75% من المنتجات المطروحة بالسوق.
وبحسب التشريعات الجاري العمل بها، تُصدر وكالة التبغ الحكومية رخص بيع وتسويق كميات أسبوعية من السجائر لبعض الأفراد أو الشركات، حيث يتولى صاحب الترخيص توزيعها على الأكشاك ونقاط البيع بهامش ربح صاف في حدود 6%.
غير أن ضعف المراقبة على مسالك التوزيع في السنوات الماضية؛ أدى إلى تفشي مظاهر الاحتكار والمضاربة في القطاع، حيث يعمد أصحاب تراخيص بيع السجائر إلى التنازل عن حصتهم بموجب هذه الرخص، لصالح المحتكرين والمضاربين، ما تسبب في فقدان الحكومة لسيطرتها على الأسعار ومسالك التوزيع.
وكشف مصدر مسؤول بوزارة المالية لـ "العربي الجديد" أن فرق مراقبة تعمل على ضبط مواطن الخلل في منظومة توزيع السجائر وسيتم على ضوء النتائج التي ستقدمها مراجعة التشريعات المعمول بها حاليا في تزويد السوق بالسجائر المحلية، مشيرا إلى توجه حكومي نحو مراجعة معايير إسناد التراخيص، فضلا عن سحب التراخيص التي يثبت التمتع بها من قبل المحتكرين أو تأجيرها من طرف مالكيها بالمخالفة للقانون.
ولفت ذات المصدر إلى أن تعزيز إيرادات الخزينة يحتاج إلى استعادة الدولة لسيطرتها على كل مصادر الدخل التي أضرت بها التجارة الموازية، معتبرا أن قطاع التبغ جزء مهم من هذه المنظومة.
ووفق النسخة الأولية من قانون الموازنة العامة للسنة المقبلة 2018، تستعد الحكومة لفرض زيادات جديدة في الضرائب الموظفة على السجائر، ما يؤدي إلى مراجعة أسعارها آليا. كما تعمل مصانع التبغ على رفع طاقتها الإنتاجية المقدرة حاليا بنحو 26 مليون علبة شهريا بنحو 40% عبر تركيز سلسلة إنتاج جديدة.
ويعتبر المسؤول النقابي في وكالة التبغ والوقيد الحكومية، النوري الجبالي، أن وزارة المالية -المشرفة على قطاع التبغ في تونس- مطالبة بمراجعة مقاييس إسناد رخص التوزيع في إطار حربها لاسترجاع نفوذ الدولة على القطاع، مشيرا إلى أن التراخيص المسندة حاليا تتم على أساس الوضعيات الاجتماعية، حيث يُسند جزء منها للأرامل وأصحاب الاحتياجات الخاصة، وليس على أساس قدرة صاحب الرخصة على الاستغلال الفعلي، ما أدى إلى التسلل التدريجي للمحتكرين والدخلاء الذين يؤجرون التراخيص لتطويعها وفق أهدافهم الخاصة.
وأشار المسؤول النقابي في حديثه لـ "العربي الجديد" إلى أن الحرب على محتكري التبغ والمضاربين تحتاج إلى آليات مراقبة صارمة وسحب التراخيص التي لا يستغلها مالكوها الحقيقيون، معتبرا أن سنوات الفوضى أدت إلى إضعاف القطاع بشكل كبير لحساب السجائر المهربة.
وأضاف المتحدث، أن عدد تراخيص بيع وتوزيع السجائر ارتفع إلى 14 ألف ترخيص، مقابل قرابة 10 آلاف ترخيص قبل خمس سنوات، غير أن هذه الزيادة لم يرافقها ارتفاع في إيرادات الضرائب من هذا القطاع، ما يؤكد الخلل الهيكلي على مستوى هذه المنظومة، داعيا إلى إعادة النظر في معايير إسنادها وتخصيص جزء من عائدات القطاع نحو الاستثمار في صناعة السجائر المحلية.
وقال الجبالي، إن الطريقة الأجدى لمقاومة الاحتكار والسجائر المهربة ورفع إيرادات القطاع هو رفع الكميات المصنعة والاستثمار في زراعة التبغ وتحديث سلسلة الإنتاج، مشيرا إلى أن 75% من التونسيين يستهلكون السجائر المحلية، فيما يذهب الجزء المتبقي إلى السجائر المهربة مدفوعين إما بارتفاع الأسعار أو شح السجائر التونسية في نقاط البيع.
ودعا المسؤول النقابي إلى إسناد تراخيص بيع التبغ مستقبلا على أساس القدرة الحقيقية لأصحابها على الاستغلال، مع ربطها بتوفر الإمكانيات المادية واللوجستية التي تتيح لهم العمل في القطاع.
وتشير بيانات محلية إلى أن الخسائر السنوية التي تتكبدها تونس بفعل تهريب السجائر، ترتفع إلى نحو 40% من إيرادات قطاع التبغ الذي يوفر لميزانية الدولة 1.3 مليار دينار سنويا (542 مليون دولار).
وأشارت دراسة أنجزتها شبكة "كي بي أم جي" الدولية لمكاتب الاستشارة والتدقيق، حول استهلاك السجائر، إلى أن تدفق السجائر المهربة إلى تونس تراجع بنسبة 35% في عامي 2015 و2016، مدفوعا بالسياسات التي اعتمدتها الحكومة لمكافحة التجارة الموازية والتهريب ومراقبة الشاحنات عبر الحدود.
وكشفت الدراسة أن من بين 18.98 مليار سيجارة مستهلكة في تونس توجد 4.64 مليارات سيجارة مهربة، ما فوّت على تونس عائدات ضريبية تعادل 219 مليون دولار سنويا (534 مليون دينار).
ويقول المسؤول عن القسم التجاري في وكالة التبغ والوقيد في تونس، أحمد نجومي، لـ "العربي الجديد" إن الوكالة رفعت طاقتها الإنتاجية بنحو 40 % منذ العام الماضي، ولديها برنامج لتوسيع طاقة التصنيع، عبر تركيز سلسلة إنتاج جديدة، لافتا إلى أن قدرة التصنيع ارتفعت من 17 مليون علبة شهريا إلى 26 مليون علبة في الشهر حالياً.
وأضاف النجومي، أن 75% من سعر السجائر هو ضرائب مباشرة تذهب إلى خزينة الدولة، مؤكداً أن تراجع الإقبال على السجائر المحلية يعني نقص الإيرادات المباشرة للخزينة.
اقــرأ أيضاً
غير أن ضعف المراقبة على مسالك التوزيع في السنوات الماضية؛ أدى إلى تفشي مظاهر الاحتكار والمضاربة في القطاع، حيث يعمد أصحاب تراخيص بيع السجائر إلى التنازل عن حصتهم بموجب هذه الرخص، لصالح المحتكرين والمضاربين، ما تسبب في فقدان الحكومة لسيطرتها على الأسعار ومسالك التوزيع.
وكشف مصدر مسؤول بوزارة المالية لـ "العربي الجديد" أن فرق مراقبة تعمل على ضبط مواطن الخلل في منظومة توزيع السجائر وسيتم على ضوء النتائج التي ستقدمها مراجعة التشريعات المعمول بها حاليا في تزويد السوق بالسجائر المحلية، مشيرا إلى توجه حكومي نحو مراجعة معايير إسناد التراخيص، فضلا عن سحب التراخيص التي يثبت التمتع بها من قبل المحتكرين أو تأجيرها من طرف مالكيها بالمخالفة للقانون.
ولفت ذات المصدر إلى أن تعزيز إيرادات الخزينة يحتاج إلى استعادة الدولة لسيطرتها على كل مصادر الدخل التي أضرت بها التجارة الموازية، معتبرا أن قطاع التبغ جزء مهم من هذه المنظومة.
ووفق النسخة الأولية من قانون الموازنة العامة للسنة المقبلة 2018، تستعد الحكومة لفرض زيادات جديدة في الضرائب الموظفة على السجائر، ما يؤدي إلى مراجعة أسعارها آليا. كما تعمل مصانع التبغ على رفع طاقتها الإنتاجية المقدرة حاليا بنحو 26 مليون علبة شهريا بنحو 40% عبر تركيز سلسلة إنتاج جديدة.
ويعتبر المسؤول النقابي في وكالة التبغ والوقيد الحكومية، النوري الجبالي، أن وزارة المالية -المشرفة على قطاع التبغ في تونس- مطالبة بمراجعة مقاييس إسناد رخص التوزيع في إطار حربها لاسترجاع نفوذ الدولة على القطاع، مشيرا إلى أن التراخيص المسندة حاليا تتم على أساس الوضعيات الاجتماعية، حيث يُسند جزء منها للأرامل وأصحاب الاحتياجات الخاصة، وليس على أساس قدرة صاحب الرخصة على الاستغلال الفعلي، ما أدى إلى التسلل التدريجي للمحتكرين والدخلاء الذين يؤجرون التراخيص لتطويعها وفق أهدافهم الخاصة.
وأشار المسؤول النقابي في حديثه لـ "العربي الجديد" إلى أن الحرب على محتكري التبغ والمضاربين تحتاج إلى آليات مراقبة صارمة وسحب التراخيص التي لا يستغلها مالكوها الحقيقيون، معتبرا أن سنوات الفوضى أدت إلى إضعاف القطاع بشكل كبير لحساب السجائر المهربة.
وأضاف المتحدث، أن عدد تراخيص بيع وتوزيع السجائر ارتفع إلى 14 ألف ترخيص، مقابل قرابة 10 آلاف ترخيص قبل خمس سنوات، غير أن هذه الزيادة لم يرافقها ارتفاع في إيرادات الضرائب من هذا القطاع، ما يؤكد الخلل الهيكلي على مستوى هذه المنظومة، داعيا إلى إعادة النظر في معايير إسنادها وتخصيص جزء من عائدات القطاع نحو الاستثمار في صناعة السجائر المحلية.
وقال الجبالي، إن الطريقة الأجدى لمقاومة الاحتكار والسجائر المهربة ورفع إيرادات القطاع هو رفع الكميات المصنعة والاستثمار في زراعة التبغ وتحديث سلسلة الإنتاج، مشيرا إلى أن 75% من التونسيين يستهلكون السجائر المحلية، فيما يذهب الجزء المتبقي إلى السجائر المهربة مدفوعين إما بارتفاع الأسعار أو شح السجائر التونسية في نقاط البيع.
ودعا المسؤول النقابي إلى إسناد تراخيص بيع التبغ مستقبلا على أساس القدرة الحقيقية لأصحابها على الاستغلال، مع ربطها بتوفر الإمكانيات المادية واللوجستية التي تتيح لهم العمل في القطاع.
وتشير بيانات محلية إلى أن الخسائر السنوية التي تتكبدها تونس بفعل تهريب السجائر، ترتفع إلى نحو 40% من إيرادات قطاع التبغ الذي يوفر لميزانية الدولة 1.3 مليار دينار سنويا (542 مليون دولار).
وأشارت دراسة أنجزتها شبكة "كي بي أم جي" الدولية لمكاتب الاستشارة والتدقيق، حول استهلاك السجائر، إلى أن تدفق السجائر المهربة إلى تونس تراجع بنسبة 35% في عامي 2015 و2016، مدفوعا بالسياسات التي اعتمدتها الحكومة لمكافحة التجارة الموازية والتهريب ومراقبة الشاحنات عبر الحدود.
وكشفت الدراسة أن من بين 18.98 مليار سيجارة مستهلكة في تونس توجد 4.64 مليارات سيجارة مهربة، ما فوّت على تونس عائدات ضريبية تعادل 219 مليون دولار سنويا (534 مليون دينار).
ويقول المسؤول عن القسم التجاري في وكالة التبغ والوقيد في تونس، أحمد نجومي، لـ "العربي الجديد" إن الوكالة رفعت طاقتها الإنتاجية بنحو 40 % منذ العام الماضي، ولديها برنامج لتوسيع طاقة التصنيع، عبر تركيز سلسلة إنتاج جديدة، لافتا إلى أن قدرة التصنيع ارتفعت من 17 مليون علبة شهريا إلى 26 مليون علبة في الشهر حالياً.
وأضاف النجومي، أن 75% من سعر السجائر هو ضرائب مباشرة تذهب إلى خزينة الدولة، مؤكداً أن تراجع الإقبال على السجائر المحلية يعني نقص الإيرادات المباشرة للخزينة.