وانطلق المشاركون من باب سعدون إلى باردو ليحتجوا أمام مجلس نواب الشعب، رافعين شعارات: "المساواة حق موش مزية" و"دستور يساوي بين المواطنين والمواطنات"، و"دولة مدنية إلي ليك ليا" و"المساواة استحقاق".
وقالت الباحثة في علم اجتماع الدين، شيماء عيسى، لـ"العربي الجديد"، إنّ المسيرة تهدف إلى تحفيز الفاعلين السياسيين وتحفيز مراكز القرار لتبني مطالب المرأة التونسية في تكافؤ الفرص، والمطالبة بالمساواة التامة، ليس في الميراث فقط، بل في الرواتب والعديد من القضايا المماثلة أيضاً، مبينة أن فئة قليلة تتحدث باسم الدين وترفض المساواة في الإرث.
وأوضحت أن آراء أساتذة الزيتونة مختلفة، فبعضهم يقول إن النص غير جامد ويمكن التفكير فيه وموازنته مع مجريات الواقع، وفئة أخرى ضد الحقوق والمرأة وترفض أي قراءة للنص الديني، مبينة أن هؤلاء منغلقون وبفعل انغلاقهم يغلقون الاجتهاد في النص.
وبدا الناشط الحقوقي سعيد العروسي متحمساً وهو يصرخ "المساواة في الميراث"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن المرأة التونسية تعاني من الاستعباد والظلم والقمع الذكوري، وأنه آن الأوان لتتمتع بحقوقها كاملة وغير منقوصة ومنها حقها في المساواة بالميراث.
من جهته، أكد المحامي منير بعتور أن على البرلمان أن يمنح الحق في الميراث للمرأة لترث مثل الرجل، وأنّه يساند مشروع هذا القانون، خاصة أن هذا الحق يكفله الدستور التونسي الذي ينصّ على المساواة التامة، معتبراً أن هذا المشروع من حقوق الإنسان الكونية، فالأشخاص الذين يرفضون المساواة في الإرث يفعلون ذلك من منطلق مجتمع ذكوري يرغب في التحكم بالمرأة.
أما الناشطة أسرار بن شويخة، فوجّهت خلال المسيرة رسالة مفادها "يكفي من العنف الاقتصادي المسلط على النساء، لقد حان الوقت لتنقيح قانون الميراث"، مبينة أنّ رفض بعضهم لهذا المشروع يعود إلى أسباب دينية وثقافية، لكن الدستور التونسي يكفل حق المواطنة وتونس دولة مدنية، ومثلما وقع الاجتهاد في قضايا كبرى، لا مانع من الاجتهاد في موضوع الميراث أيضاً.
بدورها قالت رئيسة المجلس التونسي للعلمانية، هزار الجهيناوي، إن المجلس يرى أن إنشاء لجنة الحريات الفردية صلب مجلس نواب الشعب، يعتبر فرصة تاريخية من أجل إلغاء القوانين التي تحدّ من الحريات وتميز بين المواطنين، مبينة أن المساواة في الإرث يجب أن تكون الأصل في القانون، وأن اختيار التقسيم الإسلامي للإرث هو استثناء يقع اللجوء إليه من طرف الورثة.
وبيّنت أن هدفهم ليس المساواة في الإرث فقط، بل المساواة التامة بين الجنسين والمواطنين مهما اختلفت الانتماءات والديانات، شريطة احترام حقوق الإنسان والحقوق الكونية.
أما المسؤولة من الاتحاد العربي للمرأة المتخصصة التابع للجامعة العربية رفيقة مولهي، فقد أوضحت أن الحبيب بورقيبة كانت لديه نية للمساواة في الإرث، لكن مثل هذه الأفكار لم تكن مقبولة، معتبرة أن الأرضية تعتبر اليوم مناسبة لتطبيق المساواة في الإرث، إذ تغيرت العديد من المسائل.
وأوضحت أن المرأة تعمل وتساهم في الإنفاق على أسرتها، وبالتالي لم لا تتم المساواة في الإرث بينها وبين الرجل، معتبرة أنّ التجديد غير مقبول وهو ما يفسر موجة الرفض لهذا المشروع.
واعتبرت المشاركة والطبيبة النفسية فاطمة الشرفي أنها تشعر بالفخر بهذه المسيرة، لأن هناك أشياء كثيرة دخلت في الممارسات العادية للتونسيين، فالعديد من القضايا لم تكن قبل نصف قرن مقبولة ثم تغير الوضع اليوم، وبالتالي يجب المضي قدماً لأن موضوع الإرث لم تعد له نفس الصبغة مثل القرون الماضية فالمرأة تعمل وتساعد أسرتها.
وأوضحت أن الرفض يعود إلى نقص الفهم بأهمية هذا القانون والنقاط الواردة فيه، فالعديد من المسائل تحصل فيها تطورات لكي نقبلها، ومثلما تم قبول التخلي عن العبودية فإنه سيتم قبول المساواة في الإرث.
وفي المقابل رفعت فئة قليلة شعارات مناهضة للمطالبة بالمساواة في الإرث، من قبيل شعارات "لا لتغيير النص القرآني"، وقالت إحدى المشاركات، وتُدعى هند، إنه لا يجب قبول المساواة في الإرث، مبينة أنه باسم المساواة سيتم تغيير العديد من القوانين ولن تكون هناك هوية وستتم الدعوة إلى المثلية، مؤكدة رفضها المساواة في الإرث وتأويل النص القرآني.