وقعت مشادات كلامية وتبادل للاتهامات بين المعارضة التونسية والائتلاف الحكومي داخل البرلمان، اليوم الثلاثاء، على خلفية الاحتجاجات التي شهدتها مدن عديدة رفضا لغلاء الأسعار وفرض ضرائب جديدة.
وبسبب التحركات الاحتجاجية والتطورات الجارية، تغيّر جدول أعمال البرلمان بجلسة اليوم، إذ تراوحت تدخلات البرلمانيين بين "تجريم عمليات التخريب والنهب التي وقعت"، وبين الدعوة للنزول إلى الشوارع والاحتجاج ضد قانون الموازنة.
ووجهت قيادات المعارضة البرلمانية سهام الانتقاد إلى نواب الائتلاف الحاكم، وحملتهم مسؤولية ما آلت إليه الأمور.
وفي السياق، وصف القيادي في الجبهة الشعبية ورئيس لجنة المالية بالبرلمان، منجي الرحوي، الائتلاف الحاكم بـ"المجرمين" وليس المحتجين، قائلاً "لقد حذرناكم من رفع الأسعار، ونبهناكم من رفع الضرائب ورفع الجباية التي قامت بها الحكومة"، مشدداً على أن "مسؤولية ما جرى تتحملها النهضة والنداء بمصادقتهما على الموازنة"، على حد تعبيره.
وأضاف "ليس من حقكم أن تجرموا الاحتجاجات، لأن وضعكم ضعيف، ولأن أغلب الشعب ضدكم، ولأنكم أعداء هذا الشعب، ولستم منحازين لمطالبه"، موجها التحية "لكل مواطن يخرج للاحتجاج في كل شبر من البلاد، دفاعاً عن حقوقه ولقمة عيشه"، ومحذراً من "تواصل سياسة التجويع والتفقير والضيم والاضطهاد والقهر والذل".
وذكر القيادي في الجبهة الشعبية، نزار عمامي، أنه "سقط قتيل دهسا بسيارات الأمن، بحضور شهود عيان، في ظل صمت الجميع"، داعيا إلى "فتح تحقيق جدي وتحلي الأطباء بالمسؤولية لكشف الحقيقة بكل شرف"، مبينا أن "هذه التحركات الاحتجاجية شرعية وسلمية، وهناك اندساس مدفوع الأجر لإفسادها وتغيير مسارها".
ولفت إلى أن "الجبهة الشعبية نبهت إلى أن هذه الميزانية هي أحد أسباب الانفجار الاجتماعي، ولكن الأغلبية البرلمانية اختارت الذهاب إلى الأمام باسم التوافق المغشوش"، مطالباً بضرورة "إيقاف العمل بجميع البنود الموجهة ضد الشعب"، قائلاً "ما دامت أسباب اندلاع الثورة لم تجد لها الحكومة حلاً، فإن الاحتجاجات متواصلة".
بدوره، اعتبر القيادي في حزب النهضة، محمد بن سالم، أن "الأطراف التي دعت إلى التظاهر والاحتجاج ليلاً عليها أن تتحمل المسؤولية في تأطير هذه التحركات وإعادتها إلى خانة السلمية"، مضيفاً أن "هناك مغالطات من الجبهة الشعبية التي شاركت في التصويت على الزيادة في الضريبة، وناقشت داخل لجنة الموازنة الزيادات، وكل شيء موثق ومسجل في المحاضر، ولكن هناك من يتملّص من المسؤولية ويرغب في إلقاء التهم وشيطنة غيره".
وأكدت النائبة عن الكتلة الديمقراطية، سامية عبو، أن زيارة رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، إلى المعبر الحدودي لتفقد الوحدات العسكرية تضمنت رسالة معناها "الأمن مقابل الغذاء"، معلقة على مداخلة نائب حزب النهضة، الحبيب خضر، بخصوص تجريم التظاهر ليلا، مذكرة بأن "الحركة عادت من المنفى وتصدرت الحكم بسبب المظاهرات ليلا"، في إشارة إلى أحداث الثورة، وأن "نداء تونس تصدر الحكم بعد التظاهر ليلاً في اعتصام الرحيل".
وحمّلت عبّو الائتلاف الحاكم مسؤولية العنف الذي شهدته الاحتجاجات الأخيرة، مشيرة إلى أن المعارضة نبهت مسبقا من هذه الاحتجاحات.
في المقابل، دعا القيادي في حزب نداء تونس، حسن العماري، إلى "حماية البلاد من الإشاعات والتحريض، وبث الفتن، وعمليات الشيطنة والمزايدات"، مبينا أن "الحراك الحاصل لا علاقة له بقانون المالية"، محذرا من أن "عمليات التخريب تشتت المجهود الأمني الذي سخر لحماية الممتلكات العامة والخاصة، في وقت تشكو البلاد من تهديدات إرهابية".
ونبه القيادي في حزب النهضة، الصحبي عتيق، إلى أن "التحرك السلمي يحميه الدستور والقانون، وحق التظاهر والإضراب مكفول، ونحن نحترم التحركات السلمية والمطالب المشروعة، ولكن هناك تحركات غير سلمية وسرقة ومداهمات ليلية للمستودعات والمقرات السيادية، وهذا أمر مرفوض، فضلا عن أن هناك توظيفا سياسيا لهذه التحركات"، منددا بالتظاهرات التي "خرجت عن سياق المدنية والسلمية"، مشيرا إلى أن "هناك لعبا بالنار، فالبلاد تحتاج أمنا واستقرارا"، ولفت إلى أن "الحراك لا علاقة له بقانون المالية، الذي ناقشته جميع الأطراف في البرلمان".
وفي سياق متصل، وقع تلاسن غير مباشر بين زعيمي الجبهة الشعبية، حمة الهمامي، وحركة النهضة، راشد الغنوشي، إذ رد الهمامي على تصريحات الغنوشي، التي قال فيها إن "مطالبة الجبهة الشعبية بإسقاط قانون المالية فوضوية".
وأكد الهمامي، في تصريح لإذاعة شمس، أن "الجبهة الشعبية كانت دعت الشعب التونسي إلى الخروج للشارع والاحتجاج من أجل تعليق العمل بقانون المالية"، معتبرا أن "موقف حركة النهضة معاد للشعب التونسي"، داعيا الغنوشي إلى "التنقل للجهات والاتصال المباشر بالشعب التونسي".
وأضاف أن "النهضة ونداء تونس لم يأخذا بعين الاعتبار مصلحة الشعب التونسي عند سن قانون المالية"، مبرزا أن "الجبهة بقياداتها ستكون في الشارع إلى جانب الشعب التونسي".