دفعت الأمطار التي هطلت على تونس خلال الأسبوع الماضي إلى استنفار مختلف مؤسسات الدولة، خصوصاً الدفاع المدني والشرطة والدرك، ووزارتي التجهيز والبلديات، واستنفرت أيضا فرق الجيش التونسي، الذي تدخل لإجلاء المتضررين في أكثر من جهة.
وتحولت الأمطار إلى القضية الأولى في البلاد، بسبب ما شهدته كل المدن تقريبا من ارتفاع منسوب المياه في الشوارع، وعجز قنوات الصرف عن استيعاب مياه الأمطار، حيث تسبب ذلك في أضرار، بينها وفاة مواطنين في بعض المدن وانهيار بنايات، ومحاصرة عدد من التونسيين في منازلهم أو مقار عملهم.
وبعدما كانت العاصمة تونس أول من تضرر من هذه السيول، تحولت حالة الاستنفار أمس الخميس، إلى الساحل والوسط التونسي، في سوسة والمنستير وصفاقس والمهدية.
وتوفي أمس الخميس، في المهدية، مواطن بسبب صعقة من عمود كهربائي سقط وجرفته مياه السيول إثر نزول الأمطار بكميات كبيرة، وتسربت مياه الأمطار لعدد كبير من المنازل والإدارات في المدينة، مخلفة أضرارا كبيرة.
واستوجب الوضع تسخير آليات من البلدية والتجهيز والدفاع المدني واللجنة الجهوية لمجابهة الكوارث، وحتى الشركات الخاصة، وتدخلت وحدات من الجيش الوطني لإجلاء المحاصرين بالمياه.
وتسببت الأمطار في المنستير، في فيضان وادي المالح الذي تسبب في خسائر مادية وبشرية كبيرة، وجرفت مواطنا، تم العثور على جثته في منطقة زرمدين التابعة لنفس المحافظة.
وأضاف الوسلاتي، في تصريح لوكالة الأنباء التونسية، أنه تم التدخل في منطقتي خزامة والقنطاوى من مدينة سوسة. وقامت وحدات الجيش برفع حافلة على متنها تلاميذ تعطلت بسبب الأمطار، وأكد الوسلاتي أن الوحدات العسكرية متأهبة في كل مناطق البلاد، بسبب هطول الأمطار، للتدخل عند اللزوم.
وقالت وزارة الداخلية في بيان، إن الدفاع المدني تدخل أمس الخميس، لضخ المياه وإزالة الوسائل المعطبة ومساعدة المواطنين وحماية ممتلكاتهم، حيث قام عناصره بـ26 عملية ضخ مياه، وإزاحة 14 وسيلة نقل من الطريق العام بعدما حاصرتها المياه، بينها حافلة صغيرة لنقل التلاميذ بطريق القلعة الصغرى من محافظة سوسة، إلى جانب إجلاء 26 طفلا من روضة للأطفال بوسط العاصمة.
وحذّر المعهد الوطني للرصد الجوي بعض جهات الشمال الغربي من تواصل هطول الأمطار في اليومين المقبلين، مشيرا إلى هطول كميات قياسية بعدد من المحافظات أمس الخميس، حيث بلغت في المنستير 200 ميليمتر، وفي سوسة وتحديدا القلعة الكبرى 167 ميليمترا.
وأشار المعهد إلى أن الرقم القياسي الذي تم تسجيله سابقا بلغ 202 ملم في إحدى مناطق ولاية المهدية سنة 2009، فيما بلغت أمس 232 ملم بمدينة هيبون من محافظة المهدية.
وفسّر مسؤولون في وزارة التجهيز هذه الحالات بسبب الكميات الكبيرة التي هطلت في ظرف زمني وجيز، ما تسبب في عجز شبكات صرف المياه، بالإضافة إلى مشكلة جديدة تتمثل في تراكم الأوساخ بالطرقات وتسببها في غلق منافذ الشبكة.
ورغم المشاكل الكثيرة والوفيات التي تسببت فيها الأمطار حتى الآن، إلا أن ما يؤرق التونسيين يتمثل في فيضان بعض الأودية الكبيرة، التي قد تتسبب في غرق مدن بأكملها، كما حدث في جندوبة قبل سنتين.
وتعامل التونسيون بكثير من الدعابة مع المشاكل التي خلفتها الأمطار، وتناقلت شبكات التواصل الاجتماعي صورا طريفة لتونسيين عالقين في أنهار المياه التي صنعتها الأمطار ببعض الشوارع.
وتناقل ناشطون أمس، صورة لضابط في الشرطة، كان يتولى إدارة المرور في صفاقس وهو حافي القدمين، وقامت وزارة الداخلية بتكريمه اليوم، بعدما نزع حذاءه وواصل أداء واجبه حافيا أمام ثكنة صفاقس.