ثروة عربية مهدرة

21 اغسطس 2015
سياسات العرب إزاء جالياتهم تحتاج إلى إعادة نظر(فرانس برس)
+ الخط -
ثمة إجماع عربي على أن الإنسان، خاصة الشباب، يبقى أغلى ثروة وُهبت إلى هذه الدول. ينطبق هذا الأمر على العالم العربي برمته، بما في ذلك البلدان النفطية ذات الاحتياطيات المالية الضخمة.

لكن المطلوب ليس وجود إجماع، وإن كان بحد ذاته "إنجازاً"، بل الواجب العمل على بلورة خطط عملية مسبوقة بدراسات دقيقة تغتنم هذه الثروة الثمينة، قبل أن تشيخ المجتمعات العربية وتصبح مترهلة على غرار الحاصل في الكثير من الدول الغربية.

لن نتحدث اليوم عن الطاقات البشرية المهدرة عربياً. هذا يحتاج إلى مجلدات، وقد لا تكفي. سنكتفي بالتنبيه إلى ثروة بشرية عربية منسية، تعتبر بالنسبة للدول غير النفطية، عامل تنمية أقوى من النفط نفسه إذا أحسن استغلالها وتوظيفها بشكل أفضل. إنها بكل بساطة المهاجرون.

إليكم هذه الأرقام للاستئناس بها، عند تقييم الدور الهام الذي تقوم به الجاليات في النهوض باقتصادات أوطانها الأصلية، وتجنيبها "سكتات قلبية اقتصادية".

في العام الماضي، حول المصريون المقيمون في الخارج إلى بلدهم 18 مليار دولار. إنه رقم قريب جدا من إجمالي احتياطي البلاد من النقد الأجنبي البالغ 18.53 حاليا.

لكم أن تتصورا كم سيكون رصيد مصر من العملة الصعبة بدون هذه التحويلات. إشارة ثانية لا بد منها: إيرادات قناة السويس، أضخم مشاريع مصر، يتوقع أن تصل هذا العام إلى 5.5 مليارات دولار.

دول عربية عديدة باتت تراهن على هذه التحويلات. المغرب تلقى من جاليته، في السنة الماضية، 6.64 مليارات دولار، والأردن 3.64 مليارات دولار، وتونس 2.05 مليار دولار.

الغريب أن الدول العربية المعنية بهذه التحويلات تنفق أموالا طائلة على خطط لتطوير قطاعات إنتاجية، قد لا يرقى إسهامها في التنمية إلى الدور الهام الذي تضطلع به تحويلات المهاجرين.

ومع ذلك، لا تكلف نفسها استثمار نسبة يسيرة من أموالها لتقريب الخدمات من مهاجريها، وتقوية صلاتهم بأوطانهم الأصلية.

الغريب أيضا أن العديد من الدول أنشأ وزارات خاصة بالهجرة والمغتربين، غير أن أداءها يحتاج إلى تقييم وإعادة نظر.

يتعين على الدول العربية التي تتوفر على هذه الثروة ألا تكتفي بمتابعة المستجدات الرقمية لتحويلات جالياتها. فالحاجة ماسة، أكثر من أي وقت مضى، إلى سياسات تشجع المهاجرين على العودة إلى بلادهم لتنفيذ مشاريع استثمارية تكون رافعة للتنمية، مع إطلاق مبادرات تقوي روابط الأجيال الجديدة بأوطانهم الأصلية.

اقرأ أيضا: مأزق العمالة العربية في السعودية