علقت جامعة بيت لحم جنوب الضفة الغربية اليوم الخميس، الدراسة رسمياً داخل حرمها، للمرة الأولى منذ تأسيسها قبل نحو 45 عاما، وامتنعت عن استقبال الطلبة، نتيجة الأزمة المالية، والخلاف على قضية الرسوم الدراسية لبعض المساقات.
وقال نائب الرئيس للشؤون المالية، يوئيل انسطاس، لـ"العربي الجديد": "لم يسبق للجامعة أن أعلنت عن تعليق الدوام فيها من طرف الإدارة، بل كان التعليق من قبل الاحتلال أو نتيجة احتجاجات من مجالس الطلبة، لكن هذه المرة علقت الجامعة العملية التدريسية واعتذرت عن استقبال الطلبة لأول مرة منذ 45 عاما".
وأضاف: "قررت الجامعة تعليق العملية الدراسية، لعدم قدرتها على ضمان انتظام العملية الدراسية بعد تكرار مجلس الطلبة تعليق الدوام، نتيجة الخلاف على قضية رفع رسوم مساقات التدريب في الجامعة"، مشيرا إلى أن التعليق جاء حرصاً من الجامعة على عدم تكبيد الطلبة مصاريف هم بغنى عنها في حال وصولهم إلى الجامعة، جراء تعليق الدوام من قبل مجلس الطلبة.
ولفت انسطاس إلى أن إدارة الجامعة عقدت عدة جلسات حوار مع مجلس الطلبة لشرح ما تمر به الجامعة من ضائقة وفي ظل عدم توفر مصادر تمويل لدعم الجامعة، وأن الطالب يدفع نصف التكلفة الدراسية فقط، ولا بد من أن يدفع الطلبة هذه الرسوم باستثناء الطلبة المحتاجين، ورغم تفهم مجلس الطلبة لكنه أصر على الاستمرار بتعليق الدوام، فما كان من الجامعة إلا الإعلان عن تعليق الدوام لتخفيف أعباء المصاريف عن الطلبة، إلى حين تراجع مجلس الطلبة عن خطوته.
ووفق انسطاس، فإنه قبل عشر سنوات كانت وزارة التربية والتعليم توفر مبلغ 40 مليون دولار للجامعات لكنها لم تستطع الاستمرار في تقديمها، واقتصرت نسبة المساهمة من الوزارة على 1.3 مليون دولار كل عام، وتدنت إلى 62 ألف دولار العام الماضي، ولم يصل أي تمويل من الوزارة هذا العام لغاية الآن.
وبما يتعلق بحل الأزمة، قال انسطاس: "الجامعة طرحت على مجلس الطلبة إيقاف خطواته بتعليق الدوام، على أن يتم التعاون معهم في استخدام الميزانية المخصصة من الجامعة لمجلس الطلبة في دعم الطلبة المحتاجين على أن تساهم الجامعة بنسبة أخرى، على أن يتم دراسة الرسوم وإمكانية التعديل عليها حتى نهاية الفصل الدراسي الحالي، وإن تم تعديلها يقر ذلك اعتباراً من الفصل الدراسي القادم، لكنهم رفضوا".
وكانت جامعة بيت لحم أصدرت الليلة الماضية بيانا، أكدت فيه أنها تلتزم بخدمة الشعب الفلسطيني في التعليم منذ 45 عاما، وأنه يتم احتساب تكلفة البرامج الدراسية بعناية فائقة، وأنها تحاول إبقاءها عند أدنى مستوى ممكن، إذ يدفع الطلاب أقل من نصف التكلفة الحقيقية المترتبة على هذه البرامج، وتضطر الجامعة إلى البحث عن مصادر تمويل من الخارج لتغطية النصف الآخر من هذه التكلفة.
ولفتت إلى أن أحد مصادر التمويل هو السلطة الفلسطينية التي يفترض الحصول منها على 1.3 مليون دولار كل عام، لكن هذا لا يحدث الآن.
وتابعت: "خلال الأشهر الأخيرة، جلس مكتب الشؤون المالية وعميد كلية التمريض والعلوم الصحية وعميد كلية التربية مع أعضاء اتحاد مجلس الطلبة، وشرحوا بالتفصيل سبب وجود رسوم التدريب وكيف تم احتسابها، علماً أنه تم تثبيت هذه الرسوم في عام 2016، وقد قام جميع طلبة التدريب الميداني بدفعها في العام الماضي ودفعوها أيضاً هذا العام".
وأكدت إدارة الجامعة أن ما يقلقها عدم مقدرتها على توفير التعليم الذي تعد به في الوقت الذي يعطل فيه اتحاد مجلس الطلبة الدراسة.
وعقد اجتماع أول من أمس، جرت فيه مناقشات مع اتحاد مجلس الطلبة حول استئناف الدراسة. لكن بعد فترة وجيزة من انتهاء الاجتماع، أبلغوا عميد شؤون الطلبة أنهم سيعطلون الدراسة مرة أخرى (أمس)، فيما قالت إدارة الجامعة إنه "من المستحيل على الإدارة توفير التعليم الذي نريده في مثل هذه الأجواء، ولذلك قررت الإدارة تعليق الدراسة حتى تثق في إمكانية تقديم برامجنا الدراسية دون انقطاع".
وأضافت: "هذا يعني أنه لن يكون هناك دراسة في جامعة بيت لحم حتى أبلغكم باستئنافها من جديد (...) حين نكون واثقين تماماً من عدم انقطاع الدراسة، ويترتب على هذا تمديد الفصل الدراسي وموعد التخرج مع إمكانية إلغاء البرنامج الصيفي. وخلال مدة تعليق الدراسة من قبل الإدارة، يجب ألا يتواجد الطلبة في الحرم الجامعي. ومن الأهمية بمكان أن تكون الدراسة متاحة بطريقة منتظمة، ومع الأسف هذا ليس هو الحال في الوقت الحاضر".