وتطرّق جاويش أوغلو في معرض سرده السياسات الخارجية التي ستتبعها تركيا في العام الجديد، خلال لقائه مع ممثلي وسائل الإعلام التركية في العاصمة أنقرة، إلى أزمة إقليم كردستان وسورية، كاشفاً في الوقت نفسه أن بلاده ترى أن الحرب في اليمن تحوّلت إلى مأساة ولم تعد وسيلة لإحلال السلام على الإطلاق.
وقال جاويش أوغلو إنّ تركيا تعدّ بوابة إقليم شمال العراق إلى العالم الخارجي، وإنّ إدارة الإقليم ترغب في تحسين علاقاتها مع أنقرة مجدداً. موضحاً أنّ تركيا كشفت منذ البداية عن أسباب رفضها الاستفتاء الباطل الذي أجرته إدارة الإقليم في 25 سبتمبر/ أيلول الماضي، وحذّرت رئيس الإقليم مسعود بارزاني من عواقب الإقدام على هذه الخطوة.
وأكد أنّ أنقرة ترغب في حل الأزمة القائمة بشمال العراق، عن طريق الحوار بين إدارة الإقليم والحكومة المركزية في بغداد، مشيراً في هذا السياق إلى أنّ تركيا لم تتبع سياسة من شأنها إلحاق الضرر بالمدنيين.
وتابع قائلاً: "في المرحلة المقبلة ستلعب تركيا دوراً مهماً لحل الأزمة، فكلا الطرفين يرغبان في إنهاء الخلافات، وأنقرة مستعدة لتقديم الدعم اللازم لتحقيق الاستقرار في العراق، ولن نترك أشقاءنا التركمان في العراق لوحدهم، وسنستمر في الدفاع عن وجودهم في هذا البلد".
أضاف: "الإدارة الكردية في شمال العراق أدركت أنّ الدولة الوحيدة التي تعاملت معهم بصدق وقدّمت لهم النصائح هي تركيا، فمن دون تركيا لا معنى لوجود إدارة إقليم شمال العراق، لأن الإقليم مرتبط بتركيا".
أوضح جاويش أوغلو أنّ بلاده تتبع سياسة خارجية مبنية على تعزيز القيم الإنسانية في العالم، وتطبّق مبدأ باني تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك الداعي إلى نشر السلام في الداخل والخارج.
وفي ما يتعلق بالأزمة القائمة في اليمن، قال جاويش أوغلو إنّ الحرب في هذا البلد تحولت إلى مأساة إنسانية حقيقية، وإنّ العالم بات يدرك أنّ الحرب لن تكون وسيلة لإحلال السلام في اليمن. وأضاف أنّ بلاده ستتبنّى سياسة فعالة تجاه اليمن خلال العام الجديد، وستعمل على تفعيل الحل السياسي فيه.
وذكر جاويش أوغلو أيضاً أنّ أنقرة ستستمر في دعم الحلول السياسية للأزمة الخليجية الحاصلة بين قطر وعدد من الدول العربية ودور الوساطة الذي تقوم به الكويت.
أما عن الأزمة السورية المستمرة منذ أكثر من ست سنوات، فأوضح وزير الخارجية التركي أنّ بلاده ستصب اهتمامها على إحلال الحل السياسي في سورية، معرباً عن اعتقاده بأنّ العام الجديد سيحمل معه خطوات إيجابية كثيرة. وأشار إلى النتائج الإيجابية للجهود التي بذلتها تركيا خلال العام الماضي، سواء على الصعيد الإنساني أو وقف الاشتباكات عبر إنشاء مناطق خفض التوتر.
وفي هذا السياق قال الوزير التركي: "صحيح أن بعض الخروقات وقعت في مناطق خفض التوتر، إلّا أنّ حالات القتل والقصف تراجعت إلى حد كبير في العام الماضي، مقارنةً مع عام 2016". أضاف: "خلال العام الجديد سنولي اهتماماً أكبر للحل السياسي، وسنعمل على إعادة تفعيل محادثات أستانة وجنيف وسوتشي، بشكل نستطيع من خلاله التوصل إلى نتائج إيجابية".
وشدد جاويش أوغلو على أهمية إجراء انتخابات شفافة ونزيهة في سورية خلال المرحلة المقبلة، مبيناً أنّ أنقرة بدأت منذ الآن بالتشاور مع الأطراف الدولية، خاصة الاتحاد الأوروبي، بشأن إعادة الإعمار"، وأكّد أنّ السياسة الخارجية لبلاده تولي اهتماماً خاصاً برعاية المصالح القومية التركية.
وتطرق الوزير التركي إلى إعلان الرئيس الأميركي القدس عاصمة لإسرائيل قائلاً: "هذا القرار أدهش العالم، الذي اتحد ضده بدعوة من تركيا التي أظهرت صموداً كبيراً في وجه القرار الأميركي، وبجهود الرئيس رجب طيب أردوغان، استطعنا كسب دعم العالم الغربي والإسلامي لنصرة القدس".
وأوضح أنّ وزراء وممثلي بعض الدول في الأمم المتحدة أكدوا له أنّ الإدارة الأميركية مارست ضغوطاً كبيرة عليهم من أجل الامتناع عن دعم المشروع الذي تقدّمت به تركيا واليمن إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بخصوص القدس، وكشف أنّ أنقرة ستسعى في عام 2018 إلى إقناع الدول بالاعتراف بفلسطين دولة مستقلة وذات سيادة، وعاصمتها القدس الشرقية.
وعن اتفاق "تحالف الحضارات" المبرم بين تركيا وإسباني، صرّح جاويش أوغلو بأنّ أنقرة تفاهمت مع مدريد على إعادة تفعيل الاتفاق خلال العام الجديد 2018، مشيراً إلى الحاجة الماسة إلى تحالف الحضارات في الفترة الراهنة أكثر من أي وقت مضى، لا سيما مع تعاظم العنصرية والعداء للأجانب والكراهية في العالم الغربي.
كذلك ذكر الوزير التركي أنّ عام 2018 قد يحمل خطوات مهمة من شأنها تحسين العلاقات المتوترة بين تركيا وألمانيا، مفصحاً في هذا الخصوص عن لقاء مرتقب سيجمعه بنظيره الألماني سيغمار غابرييل في مدينة هانوفر الألمانية يوم السبت المقبل، داعياً الحكومة الألمانية وحكومات بعض الدول الأوروبية إلى التزام الشفافية والبوح بشكل علني عن نياتها تجاه تركيا.
(الأناضول)