كثيرة هي المشاكل التي يعاني منها سكان المخيمات الفلسطينية في لبنان، وبعضها طارئ نابع من تسلط أشخاص على الأهالي، هذه حال كهرباء مخيم شاتيلا في بيروت.
عند مدخل العاصمة اللبنانية بيروت، يقع مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين، حيث وقعت عام 1982 مجزرة "صبرا وشاتيلا" الشهيرة، خلال الاجتياح الإسرائيلي. يعاني السكان هناك من ظروف صحية سيئة، بسبب الاكتظاظ على بقعة صغيرة من الأرض، والرطوبة التي تقتحم البيوت، بالإضافة إلى قنوات المياه الآسنة المكشوفة في الشوارع، عدا عن المشاكل البيئية والأمنية والاجتماعية المختلفة، بالإضافة إلى الانقطاع المتكرر للكهرباء هناك.
لكنّ هذه المشاكل المزمنة تقع فيها مستجدات تثير غضب الأهالي ونفورهم، إذ بالرغم من كلّ ما يعانون منه يستمر البعض في تحميلهم أثماناً إضافية. فواتير الكهرباء مثال على ذلك. فالمخيم يعاني أساساً من تمديدات عشوائية تؤدي إلى احتراق منازل وسقوط مصابين، كما وقعت حالات وفاة سابقاً جراء الصعق بالتيار الكهربائي. وبينما لا يجبي موظفو شركة "كهرباء لبنان" الرسمية، الفواتير، بل يجبيها أشخاص مكلفون من اللجنة الشعبية في منظمة التحرير الفلسطينية، فإنّ مشاكل عادة تشوب الجباية.
في الآونة الأخيرة، ازداد الحديث عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن أزمة في كهرباء المخيم، سببها سرقة الجباة أموال الأهالي بفواتير إضافية متنوعة، وهو ما دفع اللجنة الشعبية إلى إصدار بيان أوضحت فيه أن لا علاقة لها بأيّ لجنة تقوم بجباية الكهرباء من السكان، وذلك تحت ذريعة "بدل صيانة"، مشيرة إلى أن لا غطاء على أولئك الجباة من قبل اللجنة الشعبية. ومن جراء ذلك، طلبت اللجنة الشعبية من الفصائل الفلسطينية التدخل لحماية الناس، لأنّ اللجنة ليست لديها قوة ردع للجباة، كما طالبت الأهالي بتشكيل لجان خدمات للكهرباء والمياه، بحماية من الفصائل واللجنة الشعبية، أسوة بالمخيمات الأخرى.
مع تصاعد السرقات التي تستنزف الأهالي، خرج بعض الشبان للدعوة إلى عصيان مدني يهدف إلى الامتناع عن دفع الجبايات إلى أيّ لجنة كانت وتحت أيّ ذريعة، إذ باتت في المخيم عشرات اللجان التي تعمل على الجباية لتتصيد جيوب الناس هناك، وذلك بانتظار الوصول إلى حلّ جذري ووقف الفساد والسرقة في ملف الكهرباء. ويظهر الفساد إلى جانب الجباية في التمديد العشوائي، والتسعيرة المختلفة بين حيّ وآخر، عدا عن كون الأموال التي يجمعها الجباة تذهب إلى "حاكم المربع" بعد تقسيم المخيم إلى مربعات بين عدة أشخاص مسيطرين تابعين للفصائل. كذلك، ناشد الشبان المسؤولين المعنيين بالتدخل السريع، لوقف التعديات على "الإمّايات" (محطات الكهرباء) التي تغذي المخيم، إذ إنّ المكلفين المؤتمنين على هذا الملف أثبتوا فشلهم وفسادهم منذ مدة طويلة، وما زالوا يتولون هذه المسؤولية من دون أن يتحرك أحد تجاههم.
الفساد المستشري في هذا القطاع أدى إلى أعطال كبيرة في الكهرباء، ما تسبب في تضرر مئات المنازل في المخيم، وتلف عدد كبير من الأجهزة الكهربائية، هذا عدا عن احتراق الكابلات (الأسلاك الضخمة) التي من خلالها تصل الكهرباء إلى البيوت. في هذا الصدد، يقول أحد السكان المتضررين، محمود هاشم: "ما يحدث في مخيم شاتيلا على صعيد الكهرباء استغلال للناس في الجباية، من قبل بعض الفصائل المنتفعة التي تصلها مبالغ هائلة. أما اللجنة الشعبية فهي لجنة خدماتية، وليست تنفيذية، وهي مشكّلة من الفصائل الفلسطينية، أي تعمل ضمن منظمات حزبية، وليست شفافة تجاه المخيم وأهله". يردف: "لا أقصد أنّ الفصائل في حدّ ذاتها غير صالحة، لكنّ اللجنة الفصائلية التي تعمل في هذا الإطار لا تنطبق عليها صفة العمل الصحيح". يضيف أنّ هذه اللجنة تستغل الناس، وهو ما دفعهم إلى تنظيم حملة واسعة ضدها، فـ"اليوم ليست هي الآمر الناهي في مسألة الكهرباء، واللجنة تريد معاودة السيطرة على شبكة الكهرباء، لأنه خرجت علينا اليوم العديد من اللجان التي تقوم بالجباية، يعني باتت هناك ست أو سبع لجان، وكلّ لجنة تشترط مبلغاً مغايراً عن اللجان الأخرى، فالجباية تحصل اليوم بشكل عشوائي".
ويتابع هاشم: "نواجه مشكلة كبيرة تحديداً مع النازحين السوريين الذين يصل عددهم إلى 25 ألفاً، إذ يذهب الجابي إلى بيت النازح ويجبي منه المال تحت قوة السلاح، وحتى إذا ما طلب الجابي خمسين ألف ليرة (34 دولاراً)، فإنّ النازح يدفعها خوفاً". ويتابع: "المطلوب اليوم تدخل فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، ووكالة الأونروا، لوقف الفساد الحاصل، وحماية الناس، ودفع المبالغ المترتبة على المخيم لصالح شركة كهرباء لبنان كي تتولى أعمال الصيانة في المخيم".