لا بدّ لكل مشتغل في حقول الثقافة العربية (والصحافة الثقافية من بينها) أن يصل إلى لحظة يشعر فيها أنه يصطدم بجدار. فلنسمّه جدار الخلل البنيوي. لا أحد يزعم أننا في أفضل لحظة عربية.
ما نستطيع قوله إن مئة سنة من الفعل الثقافي -منذ سقوط الإمبراطورية العثمانية ومعها أربعة قرون من شبه السُّبات- لم تُرسِ تقاليد يمكن الاستناد إليها ولم تؤد إلى حياة ثقافية معافاة، رغم كل ما جرى في النهر من مواهب وطاقات ومشاريع وتضحيات ملأت قرناً بأكمله.
لا نريد أن نصدق أن تاريخنا الثقافي المعاصر -الذي ننتمي إليه ونعرّف أنفسنا به- كان مجرّد "صراخ في ليل طويل".
ستدهمنا قريباً مئوية الاحتلال الإنجليزي المشؤومة للقدس (ديسمبر 1917). أحداث المنطقة تعيدنا إلى تلك السنوات. إعادات سريالية مقلوبة لتواريخ بائدة؛ ترنّح الخلافة العثمانية تقابله "تباشير" خلافة داعش! "دول كبرى" تتدخل من أجل "رعاياها". اللعنة.
بتنا نحتاج إلى توضيحات وتأكيدات بأننا كشعوب عربية ورثة جميع مكوّنات المنطقة وتاريخها. تأكيدات وتوضيحات دونما قدرة فعلية على اختراق حالة العجز أو تجاوز بنى منتهية الصلاحية ما انفكت تعيد إنتاج نفسها في لحظة التجريف الجارية الآن.
نفكّر بهذا ونحن نتفحّص جدار الخلل البنيوي. كلانا يبتسم؛ الجدار لأسبابه، ونحن لأسبابنا.