في كلّ مرّة تقع أعمال إرهابية في تونس، يتجدد النقاش حول تفعيل قانون مكافحة الإرهاب، ولا سيّما بين ناشطي منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان والمسؤولين الأمنيين ورجال السياسة.
وعقب الأحداث الأخيرة التي استهدفت متحف مدينة باردو في 18 مارس/آذار المنصرم وراح ضحيتها سياح أجانب وتونسيون، علت أصوات كثيرة مطالبة بالمصادقة على مشروع القانون. وبعد أيام، في 24 مارس/آذار المنصرم، صادق المجلس الوزاري عليه وأحاله إلى مجلس النواب ليطرح للنقاش والمصادقة.
يُذكر أن منظمات حقوقية وناشطين مدنيّين كانوا قد طالبوا منذ الثورة بالتوقّف عن العمل بقانون مكافحة الإرهاب لسنة 2003 الذي وضع على أثر هجوم على معبد يهودي في جزيرة جربة (إبريل/نيسان 2002). فعمدت الوزارة الأولى في حكومة الترويكا (2011) إلى سن مشروع قانون جديد لم يحظَ بتوافق الكتل السياسية في المجلس التأسيسي. وانتهت المرحلة الانتقالية من دون المصادقة عليه.
واليوم، بين المطالبة بتسريع المصادقة على مشروع قانون مكافحة الإرهاب وبين التخوّف من أن يستخدم كذريعة لانتهاك الحقوق والحريات، تعيش تونس على وقع جدال قديم متجدد. فعلى الرغم من أن نصّ المشروع يتضمّن تعديلات كثيرة، إلا أن عدداً كبيراً من الحقوقيين والناشطين والسياسيين والفاعلين في المجتمع المدني أجمعوا على أنه أبقى على تعريف مبهم لما يُعدّ نشاطاً إرهابياً، وهو ما يسمح للحكومة بقمع كثير من الحريات المكفولة دولياً.
وتقول مديرة مكتب منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تونس، آمنة قلال، لـ "العربي الجديد" إنّ المشروع يتضمّن تعريفاً فضفاضاً للإرهاب هو نفسه في قانون 2003. بالتالي قد يؤدي ذلك إلى قمع حتى الاحتجاجات السلمية، والتضييق على الحريات". تضيف: "إلى ذلك تأتي بعض المفاهيم الأخرى غامضة في مشروع القانون، ولا سيّما في ما يتعلق بالتعامل مع الشهود وحماية معطياتهم الشخصية".
من جهة أخرى، يصنّف المشروع بعض الأعمال كجرائم إرهابية، من قبيل "الإضرار بالممتلكات الخاصة والعامة" أو "بوسائل النقل أو الاتصالات أو بالمنظومات المعلوماتية أو المرافق العمومية"، وهو ما قد ينجم عنه تجريم للمعارضة السياسية ولأعمال الشغب البسيطة التي قد تحدث في أثناء الاحتجاجات. كذلك يتضمن المشروع تعريفاً مبهماً للتحريض على ارتكاب أعمال إرهابية، وهو ما يعني إمكانية مقاضاة الأشخاص بسبب استخدام مصطلح أو رمز يُعدّ مسانداً للإرهاب، بغض النظر عما إذا كان سيؤدّي إلى عمل ملموس.
وتبدو مبرَّرة المخاوف من أن يؤدي التعريف الفضفاض إلى قمع الحريات ومحاسبة المعارضة بدعوى مكافحة الإرهاب، مثلما حصل في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذي حوكم في خلال ولايته نحو ثلاثة آلاف شخص بموجب قانون الإرهاب. وكان المقرّر الخاص السابق للأمم المتحدة المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب مارتن شاينن، قد صرّح بأن قانون 2003 لمكافحة الإرهاب في تونس "لم يمنح التونسيين مزيداً من الأمن، وإنما استُخدم بشكل واسع كأداة لقمع جميع أشكال المعارضة السياسية".
من هنا، من المتوقّع أن تشهد الأيام القليلة المقبلة جدالاً كبيراً تحت قبة البرلمان، في مرحلة دقيقة تشهدها البلاد، لا سيّما بعد توقيف أكثر من 700 شخص على ذمة قضايا إرهابية ما زالت بمعظمها قيد التحقيق.
إلى ذلك، يقر مشروع القانون الإعدامَ عقوبة لجرائم عدّة صنفت من ضمن الجرائم الإرهابية. لكن عقوبة الإعدام ما زالت موضوع جدال هي الأخرى، لدى الرأي العام الذي ينقسم بين رافض لها وبين مؤيّد لتطبيقها خصوصاً في الجرائم الإرهابية.
وتشدّد هنا رئيسة لجنة الحقوق والحريات في مجلس الشعب، بشرى بلحاج حميدة، في حديث إلى "العربي الجديد"، على ضرورة إلغاء عقوبة الإعدام من النصوص القانونية. لكنها تلفت إلى "إمكانية عدم قبول نواب اللجان التشريعية بمعظمهم اقتراح إلغاء العقوبة من مشروع قانون مكافحة الإرهاب، نظراً لتأثر الرأي العام بالأحداث الإرهابية التي تضرب البلاد".
من جهته، يؤكد منسق الائتلاف التونسي لإلغاء عقوبة الإعدام، الحبيب مرسيط، على أن الائتلاف المؤلّف من 15 جمعية حقوقية ومنظمة "سيبذل جهده لإقناع النواب بالتخلي عن العقوبة القاسية. فهي تنتقص من هيبة الدولة وتغذي عقلية الانتقام". لكنه يشير إلى صعوبة المطالبة بإلغائها في الظرف الحالي، وخصوصاً وسط انتشار للإرهاب وبروز التنظيمات المتطرفة وتتالي الجرائم الإرهابية التي تروّع التونسيين".
وعقب الأحداث الأخيرة التي استهدفت متحف مدينة باردو في 18 مارس/آذار المنصرم وراح ضحيتها سياح أجانب وتونسيون، علت أصوات كثيرة مطالبة بالمصادقة على مشروع القانون. وبعد أيام، في 24 مارس/آذار المنصرم، صادق المجلس الوزاري عليه وأحاله إلى مجلس النواب ليطرح للنقاش والمصادقة.
يُذكر أن منظمات حقوقية وناشطين مدنيّين كانوا قد طالبوا منذ الثورة بالتوقّف عن العمل بقانون مكافحة الإرهاب لسنة 2003 الذي وضع على أثر هجوم على معبد يهودي في جزيرة جربة (إبريل/نيسان 2002). فعمدت الوزارة الأولى في حكومة الترويكا (2011) إلى سن مشروع قانون جديد لم يحظَ بتوافق الكتل السياسية في المجلس التأسيسي. وانتهت المرحلة الانتقالية من دون المصادقة عليه.
واليوم، بين المطالبة بتسريع المصادقة على مشروع قانون مكافحة الإرهاب وبين التخوّف من أن يستخدم كذريعة لانتهاك الحقوق والحريات، تعيش تونس على وقع جدال قديم متجدد. فعلى الرغم من أن نصّ المشروع يتضمّن تعديلات كثيرة، إلا أن عدداً كبيراً من الحقوقيين والناشطين والسياسيين والفاعلين في المجتمع المدني أجمعوا على أنه أبقى على تعريف مبهم لما يُعدّ نشاطاً إرهابياً، وهو ما يسمح للحكومة بقمع كثير من الحريات المكفولة دولياً.
وتقول مديرة مكتب منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تونس، آمنة قلال، لـ "العربي الجديد" إنّ المشروع يتضمّن تعريفاً فضفاضاً للإرهاب هو نفسه في قانون 2003. بالتالي قد يؤدي ذلك إلى قمع حتى الاحتجاجات السلمية، والتضييق على الحريات". تضيف: "إلى ذلك تأتي بعض المفاهيم الأخرى غامضة في مشروع القانون، ولا سيّما في ما يتعلق بالتعامل مع الشهود وحماية معطياتهم الشخصية".
من جهة أخرى، يصنّف المشروع بعض الأعمال كجرائم إرهابية، من قبيل "الإضرار بالممتلكات الخاصة والعامة" أو "بوسائل النقل أو الاتصالات أو بالمنظومات المعلوماتية أو المرافق العمومية"، وهو ما قد ينجم عنه تجريم للمعارضة السياسية ولأعمال الشغب البسيطة التي قد تحدث في أثناء الاحتجاجات. كذلك يتضمن المشروع تعريفاً مبهماً للتحريض على ارتكاب أعمال إرهابية، وهو ما يعني إمكانية مقاضاة الأشخاص بسبب استخدام مصطلح أو رمز يُعدّ مسانداً للإرهاب، بغض النظر عما إذا كان سيؤدّي إلى عمل ملموس.
وتبدو مبرَّرة المخاوف من أن يؤدي التعريف الفضفاض إلى قمع الحريات ومحاسبة المعارضة بدعوى مكافحة الإرهاب، مثلما حصل في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذي حوكم في خلال ولايته نحو ثلاثة آلاف شخص بموجب قانون الإرهاب. وكان المقرّر الخاص السابق للأمم المتحدة المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب مارتن شاينن، قد صرّح بأن قانون 2003 لمكافحة الإرهاب في تونس "لم يمنح التونسيين مزيداً من الأمن، وإنما استُخدم بشكل واسع كأداة لقمع جميع أشكال المعارضة السياسية".
من هنا، من المتوقّع أن تشهد الأيام القليلة المقبلة جدالاً كبيراً تحت قبة البرلمان، في مرحلة دقيقة تشهدها البلاد، لا سيّما بعد توقيف أكثر من 700 شخص على ذمة قضايا إرهابية ما زالت بمعظمها قيد التحقيق.
إلى ذلك، يقر مشروع القانون الإعدامَ عقوبة لجرائم عدّة صنفت من ضمن الجرائم الإرهابية. لكن عقوبة الإعدام ما زالت موضوع جدال هي الأخرى، لدى الرأي العام الذي ينقسم بين رافض لها وبين مؤيّد لتطبيقها خصوصاً في الجرائم الإرهابية.
وتشدّد هنا رئيسة لجنة الحقوق والحريات في مجلس الشعب، بشرى بلحاج حميدة، في حديث إلى "العربي الجديد"، على ضرورة إلغاء عقوبة الإعدام من النصوص القانونية. لكنها تلفت إلى "إمكانية عدم قبول نواب اللجان التشريعية بمعظمهم اقتراح إلغاء العقوبة من مشروع قانون مكافحة الإرهاب، نظراً لتأثر الرأي العام بالأحداث الإرهابية التي تضرب البلاد".
من جهته، يؤكد منسق الائتلاف التونسي لإلغاء عقوبة الإعدام، الحبيب مرسيط، على أن الائتلاف المؤلّف من 15 جمعية حقوقية ومنظمة "سيبذل جهده لإقناع النواب بالتخلي عن العقوبة القاسية. فهي تنتقص من هيبة الدولة وتغذي عقلية الانتقام". لكنه يشير إلى صعوبة المطالبة بإلغائها في الظرف الحالي، وخصوصاً وسط انتشار للإرهاب وبروز التنظيمات المتطرفة وتتالي الجرائم الإرهابية التي تروّع التونسيين".