شكل البرلمان السوداني، يوم أمس الأربعاء، لجنة طارئة من مائة عضو، لدراسة التعديلات الدستورية، التي أودعتها الحكومة لدى البرلمان، والتي جاء على رأسها استحداث منصب رئيس وزراء في البلاد.
وتأتي الخطوة في إطار التزامات الرئيس السوداني، عمر البشير، بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني الذي انتهى لمؤتمر عام عقد في العاشر من الشهر الجاري، على الرغم من مقاطعة فصائل رئيسية الحوار، كان بينها الحركات المسلحة التي تقاتل الحكومة في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان وولايات إقليم دارفور، فضلاً عن حزب الأمة المعارض بقيادة الصادق المهدي.
واسقط الرئيس السوداني، عمر البشير، تهماً عقوبتها الإعدام، كانت وجهت لنحو واحد وعشرين شخصاً من كوادر الحركة الشعبية بقطاع الشمال، تمهيداً لنقلهم لمناطقهم بولاية النيل الأزرق اليوم الخميس.
ويرى مراقبون أن الخطوة تأتي ضمن محاولات حكومية لحث الحركات المسلحة على دخول الحوار، وبهدف التخفيف من حدة الضغط الدولي والإقليمي على الحكومة السودانية، من خلال إرسال إشارات حول تقديمها بوادر حسن النية، خاصة وأن تلك المجموعة اعتقلت وحوكمت عقب الحرب التي اندلعت في ولاية النيل الأزرق في عام 2011.
وأثار استحداث منصب رئيس الوزراء جدلاً كبيراً في الأوساط السودانية، خاصة بعد إعلان قيادات في حزب "المؤتمر الوطني" احتفاظ الحزب بالمنصب، باعتباره صاحب الأغلبية البرلمانية وفق الانتخابات التي جرت العام الماضي.
وعملت الحكومات الديمقراطية المتعاقبة على حكم السودان بنظام رئيس الوزراء، الذي ألغي من قبل النظام الحالي فور وصوله سدة الحكم في عام 1989 واستعاض عنه بالنظام الرئاسي، ويعتبر زعيم حزب الأمة المعارض الصادق المهدي آخر رئيس وزراء، حيث أطاح النظام الحالي بحكومته.
ووفق مصادر "العربي الجديد" فإن بعض قيادات "المؤتمر الوطني"، ظلت تضغط في اتجاه منح المهدي منصب رئيس الوزراء، وبادر بعضها بعرض المنصب صراحة على الرجل، الذي ظل يتمترس خلف آرائه بضرورة إحداث تغيير هيكلي في نظام الحكم بشكل عام، على الرغم من أنه أعلن أخيراً، عودته من منفاه الاختياري بمصر بنهاية شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل.
ووافق حزب "المؤتمر الوطني" على مضض على استحداث منصب رئيس الوزراء، إثر النقاشات التي دارت داخل قاعات الحوار الوطني، بعد أن تمت الاستجابة لطلبه في أن يعين رئيس الوزراء بواسطة رئيس الجمهورية، ويكون مسؤولاً أمامه بجانب البرلمان، الأمر الذي يحد من احتمالات خروج الأمور عن سيطرة الحزب.
وأكدت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" أن هناك انقساماً حاداً داخل حزب المؤتمر الوطني بشأن استحداث المنصب، حيث ترى تيارات في الحزب أن هناك ضرورة لفتح المجال أمام قوى سياسية أخرى لتقلد المنصب، لاسيما وأن المنصب الجديد لن ينتقص من سلطات الرئيس، كما أن للرئيس حق التدخل في أي اللحظة لإقالة رئيس الوزراء.
بينما ترى تيارات أخرى في الحزب أن من الضروري احتفاظ الحزب بالمنصب باعتبار ذلك من حقه، بالنظر لفوز الحزب بالانتخابات العامة الأخيرة.
وسيؤدي إحداث منصب رئيس الوزراء لاقتطاع بعض صلاحيات رئيس الجمهورية، حيث ستكون له سلطات مفوضة في مجال السياسات التنفيذية، والتعيينات فضلاً عن اتخاذ القرارات الخاصة بأداء الوزارات، على الرغم من إلزامه إخطار الرئيس بها مسبقاً، ويمنع الوزراء من تجاوز رئيس الوزراء وتلقي توجيهات مباشرة من رئيس الجمهورية أو رفع تقارير له، حيث تتم تلك العملية عبر رئيس الوزراء.
وفي تصريح سابق قال القيادي في حزب "المؤتمر الوطني"، نافع علي نافع، إن حزبه يريد الاحتفاظ بالمنصب الجديد باعتبار أن فوز الحزب في الانتخابات الأخيرة يعطيه حق الاحتفاظ بالمواقع القيادية في الدولة وشدد نافع على أن "رئيس الوزراء يجب أن يكون للمؤتمر الوطني ليستطيع إكمال المسؤولية التي فوضه بها الشعب خلال الانتخابات".
ويرى المحلل السياسي، الصادق محمد أحمد، أن منصب رئيس الوزراء من شأنه إنهاء الإرباك الذي أحدثه وجود نائبين للرئيس، ويرى أن المنصب الجديد من شأنه أن يساهم في العمل الدبلوماسي الخارجي، مؤكداً أن "عدم تفريض المؤتمر الوطني في المنصب لأي حزب بالنظر الى حساسيته".