وقال رئيس منبر "التحالف الوطني" لأحزاب المعارضة، لام اكول، في بيان، إنه تقدم باستقالته لأنه "لا يوجد اتفاق سلام لتنفيذه بعد أن ضرب الرئيس، سلفاكير، الاتفاق بدءاً من أحداث الأسبوع الأول، من يوليو وما تبعها من هجوم عسكري على شريكه في الحكم، رياك مشار، وإزاحته من منصبه وتعيين شخص اختاره باسم الحركة المعارضة".
وأضاف اكول "لا يمكنني أن أخدم بضمير مرتاح تحت هذا النظام".
وأشار إلى رفض سلفاكير وحكومته، منذ البداية، اتفاقية السلام، لافتاً إلى محاولاته اختراقها (الاتفاقية) بتقسيم الجنوب لـ28 ولاية، وهو مخالف للاتفاقية التي اعتمدت على عشر ولايات، فضلاً عن رفضه تنفيذ بند الترتيبات الأمنية، خاصة في ما يتصل بالعاصمة، والمماطلة في إعادة تشكيل البرلمان الانتقالي بجانب عمليات القتل العرقي التي تمت، أخيراً، في مناطق واو وراجا ومناطق أخرى بالاستوائية".
واعتبر اكول أن "استمرار النظام الحالي في الحكم بمثابة منحة رخصة لمزيد من القتل والتشريد للشعب الجنوبي"، مؤكداً "انهيار الاتفاقية بشكل كامل، نظراً لانهيار بند الترتيبات الأمنية والذي يشكل أساس أيّ اتفاقية".
وبين أن "أحداث الأسبوع الأول، من يوليو المتصلة باشتباكات قوات المعارضة والحكومة، كانت مدبرة ومخطط لها بدقة". واتهم القوى الضامنة بـ"العجز في حماية الاتفاقية وإلزام الأطراف باحترامها".
وكانت، اشتباكات، قد اندلعت، في محيط القصر الرئاسي، في يوليو/تموز الماضي، أثناء اجتماع لمؤسسة الرئاسة بحضور مشار، الذي اتهم الحكومة بمحاولة اغتياله في تلك الاشتباكات، التي لحقتها عمليات عسكرية، استهدفت منزله الخاص ومقر قواته، ما دفعه لمغادرة جوبا.
وعيّن الرئيس، سلفاكير ميارديت، وزير المعادن، تعبان دينق، في منصب النائب الأول بدلاً من مشار، وذلك بتغطية سياسية من مجموعة من وزراء المعارضة بقوا في جوبا.
هذه الخطوة، اعتبرها مشار "غير شرعية"، لكن الحكومة، احتكمت إلى المادة 6/4 من اتفاقية السلام المبرمة بين الطرفين، للدفاع عن قانونية ما قامت به.
وتحدد المادة المذكورة، كيفية اختيار النائب الأول في حال شغور المنصب، وهي ذات الطريقة التي تم بها تعيين النائب الجديد.
ورداً على ذلك، دعا مشار، المواطنين في جوبا، لمغادرتها فوراً للحفاظ على حياتهم، معلناً أنها ستكون هدفاً له لتنفيذ اتفاقية السلام. وشدد على أن خطوته تأتي لحماية المدنيين بعد رفض جوبا السماح للقوات الأممية والإقليمية للقيام بتلك المهمة.
واعتبر الناطق الرسمي باسم مجموعة مشار، مناوا بيتر جاتكوث، أن التطورات التي سبقت أحداث القصر الرئاسي، وتعيين تعبان، دليل على المؤامرة ضد مشار لإزاحته من منصبه والتنصل من اتفاقية السلام، من جوبا، وبالتنسيق مع مجموعة من داخل حركة مشار.
وبحسب مصادر"العربي الجديد"، فإن "ضغوطاً تمارس على جوبا لوقف ملاحقة مشار وقواته والجلوس في طاولة تفاوض جديدة في العاصمة أديس أبابا لإبرام ملحق لاتفاقية السلام الحالية يُفتح خلاله النقاش حول تحفظات الطرفين".
كما تشمل المفاوضات، وفق المصادر، "إيجاد آلية قوية تضمن عدم تكرار ما تم أخيراً، ويمنع الانزلاق نحو الحرب".
لكن جوبا، "ترفض تماماً الجلوس على طاولة حوار، وتؤكد أن مشار لا يمثل إلا نفسه وأن ما تم من تعديلات أمر في مصلحة السلام"، طبقاً للمصادر.
في موازاة ذلك، أكد مصدر قريب من مشار أن الأخير، "أعطى توجيهات لقواته بعدم القيام بأيّ عمليات عسكرية قبل اجتماعات قمة (الإيغاد)، التي ستعقد الجمعة المقبل، وينتظر أن تخرج بقرارات تتصل بإقرار نشر القوة الإقليمية للفصل بين القوات المتنازعة".
وبين المصدر أن "ترتيبات ستتم لاحقاً، لضم قوات المتمرد الجنوبي، بيتر قديت إلى قوات مشار".
وكذلك، أكد مشار نفسه، في تصريح صحافي سابق أن "الساعات المقبلة ستحدد بالضبط الموقف من العودة للحرب أو السلام"، وطالب "المجتمع الدولي بعدم خذلان الشعب في جنوب السودان، وإعادة الأمور إلى مسارها الطبيعي، فضلاً عن اتفاقية السلام".
وأشار إلى "اتصالات أجراها بإطراف إقليمية ودولية في هذا الصدد".
ووفق مصادر "العربي الجديد"، فإن "خلافات قوية أسهمت في إرجاء قمة رؤساء الإيغاد، من السبت إلى الجمعة، بعد أن انقسمت الدول بين مؤيد ورافض لخطوة جوبا، في ما يتصل بتعيين تعبان، الأمر الذي كان من شأنه أن يفشل القمة، ويمنع الخروج بقرار موحد".
من جهتها، تقف الخرطوم، ضد تعيين تعبان، الذي تحسبه ضمن مجموعة من تطلق عليهم "أولاد قرنق"، وهم قيادات الحركة التاريخية، ومقربون من رئيسها، جون قرنق، وبينهم العشرة المعتقلون بقيادة الأمين العام، باقان أموم.
كما ترى الخرطوم، أن "الانقلاب على مشار تقف خلفه مجموعة العشرة التي يمكن أن تسيطر على الأوضاع بوجود تعبان، وتحركه كما تشاء".
وبدأت قوى دولية وإقليمية تحركات لحل الأزمة ومحاولة إنجاح اجتماعات قمة (الإيغاد) الجمعة.
واختتم، في الخرطوم، أمس الأحد، الاجتماع الثالث الذي جمع (الإيغاد) والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، إضافة إلى دول أميركا وبريطانيا والنرويج والمبعوثين الدوليين لجوبا، مع "مفوضية المراقبة والتقييم" الخاصة بتنفيذ اتفاقية السلام.
وأجمعت الأطراف المشاركة، على ضرورة التقيد باتفاقية السلام، والعودة لطاولة التفاوض، ووقف ملاحقة مشار.
وتدور في أروقة مجلس الأمن نقاشات حول مشروع قرار، أعدته واشنطن يطالب بنشر قوة إقليمية في جنوب السودان، فضلاً عن فرض حظر على الأسلحة وعقوبات تستهدف قادة من الطرفين.
واقترحت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة، سامنثا باور، تعزيز القوة الأممية الموجودة في جوبا بكتيبة من المنطقة الأفريقية للتدخل لإعادة الاستقرار الأمني في العاصمة.
واستبعد المحلل السياسي، مصطفى بيونق، خطوة "اجتياح مشار لجوبا في الوقت الحالي، بالنظر إلى غياب المواقع الاستراتيجية التي تسمح بالإمداد، سواء من كينيا أو يوغندا"، مشيراً إلى أن "الأمر ممكن إذا دعمت الخرطوم عملية الاجتياح".
وعلى الرغم من تطمينات الحكومة وتأكيدها السيطرة الكاملة على الوضع الأمني، فإن عدداً من العائلات نزحوا من منازلهم، وكذلك فعلت البعثة الأممية لحفظ السلام في الجنوب.
ولكن بيونق، بيّن في الوقت نفسه أن "الخرطوم حالياً تقف موقف المراقبة أكثر من كونها فاعلة، لحين انتظار ما يمكن أن تقوم به (الإيغاد) ومجلس الأمن".
ميدانياً، يشهد وسط وغرب البلاد، معارك متفرقة بين "الجيش الشعبي" وقوات مشار الذي يتعرض لملاحقات من الحكومة، ما دفع القوى الإقليمية والدولية لإصدار نداءات تدعو جوبا لوقف ذلك.
وتمددت العمليات العسكرية، خلال أمس وأول أمس، إلى مناطق الناصر بولاية أعالي النيل، وبانتيو بولاية الوحدة، حيث اتهمت قوات مشار، الجيش الحكومي بمهاجمتها.